تعاني أغلب عمارات الجزائر العاصمة، من مشكل انعدام النظافة بها، حيث تعاني العديد من سلالم العمارات من تراكم الأوساخ والقاذورات بها، بالإضافة إلى انبعاث الروائح الكريهة من مداخلها، وهذا نتيجة لانعدام النظافة بها، وكذا غياب عاملات النظافة اللواتي كن يحرصن دائما على نظافة العمارات مقابل أجر يأخذونه من السكان القاطنين بهذه العمارات، غير أن هذا النوع من الخدمة بدأ في التلاشي، شيئا فشيئا، حتى بات غائبا تماما عن بعض أحياء العاصمة، مقارنة ببعض الأحياء السكنية الجديدة، على غرار أحياء عدل والأحياء السكنية الراقية، التي تتوفر على هذه الخدمة، وتعتبرها من التكاليف التي يدفعها السكان إلى جانب باقي التكاليف الأخرى المتعلقة بالكهرباء والغاز والماء والمصاعد وغيرها. غير أن باقي عمارات العاصمة الأخرى، أصبحت غارقة في القاذورات والأوساخ، لاسيما وأن بعض المواطنين من السكان صاروا لا يهتمون بنظافة عمارتهم، وعلى حد تعبيرهم، يكفيهم الاهتمام بنظافة منازلهم فقط، فحتى وإن كانت نظافة العمارة من واجبهم أيضا، إلا أن ذلك لا يدخل في حساباتهم، مادامت منازلهم نظيفة، وكل ما هو خارج باب البيت لا يعنيهم مطلقا، وهو الأمر الذي ساهم في اتساخ العمارة أكثر فأكثر، وكذا تشوه مدخلها، وانتشار الروائح الكريهة بها. وتعتبر هذه اللامبالاة نتاج الوقت الحاضر، حيث لم تكن هذه العقلية سائدة في السنوات الماضية، حسبما أطلعنا عليه سكان إحدى العمارات بحي الكونفور بالمدنية، هذه العمارة، التي يجدر بكل داخل إليها، حبس أنفاسه، حتى لا يشم الروائح الكريهة المنبعثة من مدخلها، بالإضافة إلى المياه القذرة المتواجدة على الدوام بالطابق الأرضي للعمارة، ناهيك عن الأوساخ المتراكمة على السلالم والجدران المتسخة بالكتابات وخربشات الأطفال، كانت إلى غاية سنوات قليلة مضرب المثل والقدوة بالنسبة لباقي عمارات الحي، يقول محدثنا وهو من السكان القدامى للعمارة، إنه وخلال سنوات الاستقلال، وإلى غاية سنوات الثمانينيات والتسعينيات، كان سكان العمارة يتناوبون على تنظيفها كل أسبوع بأنفسهم، حيث كانت الفتيات والسيدات يخرجن إلى السلالم وينظفنها جيدا، كما يقمن بغسل الجدران، وتنظيف كل زوايا العمارة، فيما كان الشبان يتولون إصلاح المصابيح المكسورة، وإعادة طلاء الجدران المتسخة وتنظيف مدخل العمارة، وكانت العمارة على الدوام ناصعة البياض ونظيفة، إلا أنه ومع مرور السنوات وتغير الجيل، وقدوم سكان جدد، صار الظلام والروائح الكريهة والقذارة الميزة الأولى لهذه العمارة، حتى مع وجود عاملة نظافة يتولى السكان دفع أجرتها، إلا أنها لا تقوم بعملها على أكمل وجه، نظرا لأن العمارة تضم 10 طوابق، بمعدل أربعة منازل في كل طابق، ومن المستحيل أن تتمكن عاملة واحدة من تنظيف العمارة كلها بمفردها وفي يوم واحد. غير أن هذا المشكل، لم يعد حكرا على العمارات القديمة، والعريقة فقط، بل امتد إلى العمارات الجديدة التي شهدت عمليات ترحيل كبيرة إليها، حيث أصبح السكان القاطنون بها، ونتيجة للامبالاة يتجنبون حتى تخصيص يوم واحد على الأقل في الأسبوع لتنظيفها ما جعلها تغرق في الأوساخ والنفايات رغم أنها عمارات جديدة، ومن المفروض على قاطنيها الاهتمام بها والحرص على بقائها نظيفة دائما.