القاضي الأول للبلاد مطالب بالتدخل العاجل قبل وقوع الكارثة تواجه 500 عائلة مقيمة بالحي الفوضوي بوضياف الواقع على مستوى بلدية الرويبة حياة التهميش والمعاناة في بيوت قصديرية تغيب فيها أدنى المرافق الضرورية للحياة من ماء وكهرباء وغاز، مما جعلهم في أزمة الحرمان والتهميش أمام صمت السلطات المحلية التي أدارت ظهرها لشكاويهم وانشغالاتهم المتعددة وما زاد من تأزم حياة تلك ال500 عائلة هو غياب أدنى شروط الحياة الإنسانية الكريمة التي من شأنها أن ترفع الغبن عنهم، لاسيما وأن سكناتهم تتواجد في واد الحميز الذي هو في حالة كارثية وخطيرة، حيث أنه أصبح قناة صرف للمياه القذرة ومفرغة للنفايات تتراكم فيها كل أوساخ المنطقة، ناهيك عن ما تسببه المحلات التجارية للبيع بالجملة التي تتواجد بكثرة في ذات المنطقة من مزابل ونفايات تعرف مكانها الوحيد في واد الحميز. انتقلت (أخبار اليوم) إلى عين المكان بالحي الفوضوي بوضياف بالرويبة، بعد أن تلقينا صرخة 500 عائلة استنجدت بنا لننقل معاناة تعود لسنوات طويلة.. وعند وصولنا استقبلنا بعض العائلات بوجوه شاحبة وملامح كلها استياء وعلامات البأس والشقاء والمعاناة بادية عليها، وبمجرد دخولنا الحي عبر الطريق المحاذي للواد ذهلنا بما شاهدناه من مياه قذرة ونفايات تتجمع على كافة ضفاف الواد على مدار كل المسار الذي يتواجد فيه أكثر من 500 بيت فوضوي. وعند وصولنا إلى الحي وفي حديثنا مع بعض العائلات التي تقطن الحي، نقلت لنا مباشرة معاناتهم جراء الحياة الحيوانية والمزرية التي يعيشونها خصوصا خلال اليومين الأخيرين الذي عرفت فيه العاصمة تقلبات جوية مما عرض العديد من الأكواخ إلى الانهيار، ناهيك عن الخسائر المادية بسبب تسرب مياه الأمطار وفيضان الوادي عليهم مما أدى بهم إلى قضاء ليال بيضاء خوفا من الموت تحت الأنقاض. 500 عائلة تتقاسم العيش مع الجرذان وفي هذا الصدد جددت تلك العائلات استغاثتها للسلطات العليا على رأسها القاضي الأول في البلاد من أجل انتشالهم من المخاطر المتربصة بهم من الموت تحت الردم أو الأمراض والأوبئة في أقرب الآجال والمطالبة بترحيلهم إلى سكنات لائقة، تنجيهم من حياة الذل والمعاناة التي يتقاسمونها مع الجرذان والحشرات، وتفك عليهم العزلة، خصوصا أن الحي يتواجد في منطقة بعيدة عن مركز المدينة مما يجبرهم على السير على الأقدام لمسافات بعيدة من أجل قضاء حاجياتهم اليومية، بعدما صارت حياتهم داخل البيوت القصديرية بلا معنى. وطالب هؤلاء السكان السلطات بتسوية وضعيتهم العالقة بإعادة إسكانهم في أحياء سكنية لائقة، بعد أن أبدوا استياءهم من المعاناة اليومية التي يعيشونها وسط ذلك الحي القصديري الذي يعرف فوضى عارمة، مؤكدين أن الوضعية الاجتماعية المزرية وضعف مداخليهم الشهرية، وفقرهم وعدم امتلاكهم لمأوى يأويهم ويحميهم من الشارع، تعد من بين الأسباب الرئيسية التي دفعتهم إلى اللجوء إلى هذا المكان لتشييد سكنات فوضوية والاستقرار فيها، تفاديا لوقوعهم في مشكلة التشرد، ولكن وحسب ما أكده هؤلاء فقد تدهورت أمورهم في الحي خلال السنوات الأخيرة بعد أن كثرت البنايات والمحلات، مما جعل الوادي الذي كان في البداية نقيا ونظيف إلى مزبلة عمومية وقناة صرف المياه القذرة، هذا ما جعل حياتهم تتأزم، ولدى حديثنا إليهم استنكروا بشدة سياسة التهميش والإقصاء المفروضة عليهم من طرف السلطات المحلية التي لم تتدخل لتسوية وضعيتهم السكنية، رغم تقديمهم لتلك السلطات بشكاويهم بعدما اهترأت سكناتهم وصارت غير قابلة للسكن. فقد أكد لنا هؤلاء أن حيهم لا يتوفر على ناقل للكهرباء مما يجبرهم على كراء الكهرباء التي يوصلونها بمنازلهم من طرف بعض البيوت المجاورة للحي، بأجرة غالية، وبطريقة فوضوية تهدد حياتهم وحياة أطفالهم، كما أضاف هؤلاء القاطنون أن الحي يفتقر إلى شبكة المياه والغاز. وما زاد من تخوف وقلق السكان هو تلك الأمراض والأوبئة التي تهدد حياتهم وحياة أولادهم خصوصا أن هؤلاء لا يعرفون مكانا آخر للعب إلا وسط تلك المفرغات والنفايات مما يجعلهم معرضين للأمراض جراء تلك الروائح الكريهة والأوساخ، التي قد تؤدي بحياتهم إلى الموت البطيء. كما أن تلك الأوساخ والقذارة تسببت في عدة أمراض للسكان على غرار الربو والحساسية، ناهيك عن انتشار الحشرات الضارة ومعاناتهم مع الذباب والبعوض الذي يحرم عليهم راحة العيش والنوم، كما أن الحي يعرف انتشار الجرذان والثعابين التي تزحف في الغالب إلى داخل البيوت، لتتقاسم مع تلك العائلات حياتها، إلى جانب انتشار القوارض والحشرات. فضلا عن انتشار كل أنواع الجراثيم الناتجة عن تعكر مياه (وادي الحميز)، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تسيطر على المكان، وفي حديثهم أشاروا إلى أن الأمر يزداد سوءا وتأزما في فصل الشتاء حيث يرتفع منسوب مياه الوادي ما يؤدي إلى فيضانه وهو ما يهدد السكان لاسيما وأن السكنات تقع بمحاذاة الوادي، هذا الأخير الذي غالبا ما يشهد ارتفاعا في منسوب مياهه كل فصل شتاء، مما يجبر السكان على ترك منازلهم والفرار بعيدا، في انتظار عودة المياه إلى مستواها الطبيعي وهدوء الوادي.