شهدت السنتان 2010 و2011 نسباً غير مسبوقة في حالات الطلاق على مستوى البلدان العربية، حيث كادت تبلغ أكثر من نصف أعداد الزيجات الفعلية في أكثر من بلد، علماً أن غالبية تلك الحالات تتراوح بين طلاق قبل إتمام الزفاف، أي في مرحلة الخطوبة أو عقد القران، أو في حالات أفضل خلال السنة الأولى من الزواج. وإذ يقف الزواج المبكر والتسرع بكتب الكتاب سبباً رئيساً وراء الظاهرة، إذ يعتقد الأهل أنهم يحمون أولادهم وبناتهم في شكل خاص ويحافظون على العادات والتقاليد، تأتي التجربة لتثبت أن تلك العادات نفسها تؤدي إلى فشل متكرر أحياناً. ففي حين يرفض المجتمع صفة (مطلقة) للفتاة، فإنه يدفعها إليها أحيانا مرة وأكثر. ويلعب تحرر المرأة وعملها واستقلالها المادي دوراً في نشوب الخلافات، فهي باتت قادرة على القبول والرفض وليس فقط الرضوخ لخيار الأهل، كما باتت قادرة أيضا على مواجهة أهل العريس، لتدخل العائلتان في خلافات لا تنتهي إلا بانتهاء العلاقة بين الأبناء. وإذا كان الطلاق بحد ذاته يشكل أزمة نفسية لصاحبه أو صاحبته لما يرافقه من مشاعر بالفشل، ويؤدي أحيانا إلى فقدان الثقة بالنفس، فإن تكراره مأساة أخرى وخصوصاً أن الإحصاءات تبين أن أكثر من نصف الواقعين تحته لم يتجاوزوا الخامسة والعشرين من العمر. وأظهرت الإحصاءات في فلسطين مثلا أن التسرع في عقد القران هو أول خطوة لإنهائه، وبلغة الأرقام، فإن نحو نصف حالات الطلاق المسجلة في المحكمة الشرعية في مدينة رام الله (45 في المائة) تحصل قبل إتمام مراسيم الزواج والزفاف. ووفق الإحصاءات، فإن ما مجموعه 1581 حالة طلاق في العام الماضي وقعت قبل إتمام مراسيم الزواج، من أصل 3508 حالات طلاق سُجلت في الضفة الغربية. وفي الجزائر فإن أسباب انتشار ظاهرة الطلاق التي أصبحت تعد من الآفات الاجتماعية و(أنت طالق) كلمة انتشرت بكثرة في عصرنا الحاضر، فلقد ارتفعت نسبة الطلاق بشكل كبير لم يسبق له مثيل في السنوات التي مضت. فرغم أن الطلاق يمكن أن يكون حلا لبعض المشكلات وليس جميعها، فإن السؤال المطروح الدافع إلى الطلاق، فالبعض يرجعه إلى قلة وعي الفتاة بإدارة المنزل، أو أنها تأثرت بالمسلسلات التي تعرض، كما قد يرجع إلى كبرياءها وعدم تقديم تنازلات على حساب كرامتها.. وبعض المختصين يرجع انتشار حالات الطلاق إلى انعدام النقاش والحوار بين الزوجين، والزواج المبكر في السن بين الزوجين وعدم تحمل المسؤولية. والحالة نفسها تطبع الزيجات الأردنية التي لا تكتمل بسبب تدخل الأهل المفرط ودلع البنات، فلقد وصلت عدد حالات الطلاق لسنة 2011 إلى زهاء 16 ألف حالة، بنسبة 25 في المائة من عدد الزيجات، منها نحو 4 آلاف و500 للفئة العمرية بين 21 و 25 عاماً. وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة، وفق أمل عواودة أستاذة علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية. ويعتبر التسرع في اختيار شريك الحياة من دون التمعن بفهم الآخر ونظرته للحياة، من أهم الأسباب المؤدية للطلاق قبل الدخول أو في الأيام الأولى من الزواج، وفق المختصين في علم الاجتماع، إذ يكتشف الخطيبان أو أحدهما أنه لا يستطيع التعايش مع الآخر بعد فترة قصيرة من التعامل اليومي. كما أن تدخل الأهل في اختيارات أبنائهم، يشكل سبباً آخر لحالات الطلاق المبكر. وكذلك الظروف الاقتصادية، وكثرة طلبات أهل الخطيبة، ما يجعل الشاب غير قادر على الإيفاء بالالتزامات فيفضل الانسحاب مبكراً.