عرفت الآونة الأخيرة انتشارا واسعا للجريمة بكل أنواعها المختلفة التي مست معظم الشرائح الاجتماعية وخاصة فئة الشباب ولكن ما أصبحنا نشاهده ونسمع عنه في الوقت الحالي يختلف تماما عن تلك الجرائم التي كنا نسمع بها، ومنها نجد الجريمة الإلكترونية وما لها من تأثير على حياة الشباب، فبعدما كان الأنترنت في الوقت الماضي يستعمل لأغراض نبيلة أصبح اليوم مصدر تورط الكثير من الشباب في هذه الجرائم الإلكترونية، حيث وصلت عدد الهجمات المسجلة ضد المواقع الالكترونية بالجزائر إلى ما يقارب 3000 هجمة في الشهر الواحد التي مست مختلف المؤسسات ومنها البنوك والمصارف للحصول على معلومات ذات قيمة مالية. وأمام هذا الانتشار الواسع لمثل هذه الجرائم كان ولا بد من دق ناقوس الخطر وتوعية الآباء والأمهات وبشدة من عدم ترك أبنائهم بمفردهم لإجراء الدردشات المصورة مع أصدقائهم أو معارفهم لتفادي الحديث مع أشخاص آخرين يقومون بتتبع خطواتهم من خلال اختراق المواقع وفتح الدخول على المكالمة دون علم الطرفين، خاصة بعد الاستعمال الواسع للفايسبوك من طرف الأطفال والشباب الذين أصبحوا مدمنين على شبكة الأنترنت، كما تعتبر الكاميرا المثبتة على الفايسبوك خطيرة على الخصوصية الفردية خاصة عندما يقبل أفراد على استخدامها للمراقبة والتجسس باعتبار عملية الدخول على المحادثة متاحة لكل من يعرف البريد الإلكتروني الذي يتم من خلاله التعرف على ال (اي.بي.ادرس) لأن كل جهاز كمبيوتر في العالم له سجل يعرف بهذا النظام. وللعلم فقد تمكنت المصالح المختصة مؤخرا من توقيف ما يزيد عن 20 شخصا خلال هذا الشهر الجاري بتهمة تورطهم في ما يقارب 30 قضية متعلقة بجرائم الأنترنت من مختلف الشرائح الاجتماعية، حيث تراوحت أعمارهم من 28 إلى 50 سنة وكذلك هو الحال في شهر أوت المنصرم وحسب ما علمناه من نفس المصدر فقد تم إلقاء القبض على ما يقارب 5 أشخاص بتهمة التشهير و7 أشخاص بتهمة انتحال الشخصية، إضافة إلى 4 أشخاص بتهمة التزوير تم القبض عليهم من قبل فرق معالجة الجرائم الإلكترونية، مما أوجب تكثيف الرقابة من قبل الأولياء في توجيه أطفالهم عند استخدام الأنترنيت وتوضيح المخاطر الناجمة من هذه المواقع ومنها الإدمان على الألعاب الإلكترونية ومدى تأثيرها على نمو الطفل، حيث تدفع بالكثير من الأطفال إلى استخدام العنف والتنافس الخاطئ ودخول الطفل في عالم الخيال والوحدة مما ينعكس على بناء شخصية الطفل، وفي هذا الشأن تقول السيدة (عائشة) أم لأربعة أطفال: (أعمل جاهدة على أن لا يدمن ابني على شبكة الأنترنت خاصة مع بداية عامه الدراسي الذي يستوجب عليه الاهتمام بدراسته لأن إدمان الطفل على مثل هذه الألعاب التي تعتبر غريبة عن قيمنا والمعايير التي قد يكون عليها الأمر الذي يحدث تناقضا بين الواقع المعاش والواقع الذي يمارس فيه لعبته المفضلة، كما أن هذه الألعاب تجعل من الطفل أكثر أنانية وانطوائية وتجعل منه غير قادر على اكتساب آليات التفاعل مع الآخرين). وفي نفس السياق وفي تصريح سابق لميشال مورون نائب مدير مكافحة الجريمة والمساس بالأشخاص في جهاز المنظمة الدولية (الأنتربول) صرح بأن الجزائر ستعرف ارتفاعا متزايدا في معدلات الجريمة الإلكترونية موازاة مع رفع مستوى التدفق السريع للأنترنيت، مشيرا إلى أن المسألة مرتبطة بتوسع استخدام الأنترنيت وتطور التكنولوجيا الرقمية، مضيفا في حديثه أنه كلما شهدت الدولة ارتفاعا في مستوى التدفق السريع للأنترنت تعرف ظاهرة الجريمة المعلوماتية تزايدا، الأمر الذي أدى إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة سواء كان من قبل الأسرة أو الجهات المسؤولة لحماية الأطفال والشباب من مثل هذه الجرائم التي نحن في غنى عنها.