تعيش أكثر من 230 عائلة بالحي القصديري ببوفريزي في واد قريش بالعاصمة مأساة حقيقية، فعلى مدار 30 سنة مضت داخل هذه الأكواخ أصبح هاجس الموت والردم تحت الأنقاض هاجسهم الكبير كلما حل فصل الشتاء بسبب تدهورها الخطير والانزلاق المستمر للتربة. تعيش 230 عائلة في هذا الحي الواقع أعلى واد قريش حالة هلع وذعر كلما اقترب فصل الشتاء، بسبب تخوفها من الموت تحت الأنقاض أو انجرافها مع السيول بسبب الانحدار الشديد للمنطقة التي تتواجد على مستواها هذه البيوت، فما بين انزلاق التربة المتواصل لجبل بوفريزي على طول العام وما بين انعدام أبسط وسائل الحياة في هذه البيوت القصديرية المتمركزة في منطقة جد صعبة والوصول إليها يتطلب الكثير من الجهد والمخاطرة وهذا ما يعيشه هؤلاء السكان خاصة الأطفال الذين يضطرون إلى التغيب عن مدارسهم في العديد من المرات خلال فصل الشتاء، وهذا بسبب تخوف أوليائهم عليهم من السقوط بسبب انحدار المنطقة وبسبب انزلاق وانجراف التربة خلال تساقط الأمطار، لهذا فإن بعض الأسر تلجأ إلى الامتناع عن إرسال أبنائها إلى المدارس في حالة السقوط الغزير للأمطار في بعض الأحيان لعدة أيام وهذا ما أثر بشكل سلبي على مشوارهم الدراسي، أما بعض الأسر الأخرى فتختار أن تخاطر بإرسالهم وهي تشك في أنهم سيرجعون أحياء إلى بيوتهم في نهاية النهار.. وحسب أحد السكان بحي بوفريزي والذي أعرب في اتصاله ب(أخبار اليوم) عن غضبه من هذا الوضع المأساوي الذي تعيشه هذه العائلات والذي يمتد إلى أكثر من 30 سنة لدى البعض منهم، فحسبه فهم يعيشون وكأنهم في القرون الوسطى، فأغلب البيوت متهدمة بحالات متفاوتة، بالإضافة إلى انعدام الطريق فهم يضطرون إلى المغامرة بالاجتياز بالغابة وبالمنحدرات الوعرة وما تحويه هذه المنطقة من أخطار خاصة من ناحية اغتنام البعض لهذه العزلة الإجبارية للاعتداء على العائلات.. أما في داخل بيوتهم فلا غاز ولا ماء رغم أن الأنابيب وضعت منذ فترة إلا أنها لا زالت جافة من الماء الصالح للشرب وخيوط الكهرباء ممدودة بصفة خطيرة ومتشابكة تعرض العائلات إلى خطر كبير من خلال سقوط الأمطار عليها. فهذا الحي القصديري لم تمسه بعد عملية إعادة الإسكان منذ الثمانيات إلا في الحالات النادرة مثل الفيضانات التي مست باب الوادي والتي أودت بحياة المئات من المواطنين الذين راحوا ضحية سياسة الظلم والتهميش وتركهم في هذه الأكواخ يواجهون مصيرهم المقدر لهم، فكانت الفاجعة خلال تلك الفيضانات، إلا أن الخطر لا يزال ماثلا، فالمنطقة تحمل مئات العائلات التي تعيش تحت الخط الأحمر يهددها خطر الموت من كل ناحية، وهذا ما وقع بالفعل خلال فصل الشتاء الماضي أين تحوّلت 10 بيوت إلى ركام بعد أن تهدمت بشكل كلي، وحسب السكان فإن السلطات المحلية غابت كالعادة عن مد يد العون لهم، وحسب لجنة هذا الحي فإن الوعود كانت بترحيلهم بعد الموعد الانتخابي إلا أنهم إلى غاية اليوم لم يروا أي تجسيد لهذه الوعود على أرض الواقع في الوقت الذي يستمر فيه انزلاق التربة بشكل يومي والأرض تهبط من تحت أرجلهم، ومأساتهم تتجدد مع كل تساقط للمطر، ومعه يزداد احتمال تعرضهم لمأساة فيضانات باب الوادي التي مرت عليها أكثر من 10 سنوات إلا أن الوضع لا يزال رهين حسابات السلطات المحلية..