فصل آخر للموت في البيوت القصديرية ببوزريعة تشتكي 200 عائلة في الحي القصديري بوسكون التابع إقليميا لبلدية بوزريعة من سياسة التهميش والظلم المنتهج ضدها من طرف السلطات المحلية التي تغاضت عن مأساتها المتواصلة منذ أكثر من 20 سنة وازدادت حدة وخطورة خلال فصل الشتاء الماضي، أين انهار أكثر من 40 بيتا على رؤوس قاطنيه مخلفا الكثير من المآسي والتي لا تزال متواصلة إلى غاية اليوم وعلى بعد أيام قليلة تفصلنا على شتاء آخر.. عبر أحد سكان الحي القصديري بوسكون في بوزريعة في اتصاله ب(أخبار اليوم)، عن تأسفه الشديد للحالة التي آلت إليها بيوتهم نتيجة سياسة التجاهل التي مارستها السلطات المحلية، في ظل وضع يوصف بالكارثي، فهذه الأوضاع المزرية حسب السكان ليست وليدة الأمس بل تعود إلى أكثر من 20 سنة وتمتد إلى ثلاثين سنة لدى بعض العائلات، التي حوصرت في أكواخ لا تصلح للبشر بعد أن ضاقت بها السبل وأقفلت في وجهها أبواب السلطات المحلية.. فلا ماء ولا غاز في حي بوسكون، ولكي تخرج من الحي المحاصر بكل أنواع الآفات عليك أن تسلك ممرا أقل ما يقال عنه إنه جد خطير خاصة على الأطفال الذين يضطرون إلى عبوره من أجل الوصول إلى مؤسساتهم التعليمية.. 15 عائلة تطالب بالتكفل بها قبل تحول أكواخها إلى قبور في كونتبات وفي فصل الشتاء فحدث ولا حرج عن مأساة هذه العائلات من حيث التنقل، إذ تتحول الممرات إلى أوحال وتنزلق التربة بغزارة، حتى يكون من المغامرة العبور في حي بوسكون والخروج من هذه الأكواخ التي ستتحول إلى مقابر جماعية إذا لم تتدخل السلطات المحلية لإنقاذ هذه العائلات التي لم تدخر جهدا في الذهاب والإياب على مصالح البلدية والإدارة من أجل إبلاغ معاناتها المستمرة والتي تضاعفت خلال فصل الشتاء الماضي، خلال التقلبات الجوية القوية التي اجتاحت أرجاء مختلفة من العاصمة خاصة المرتفعات منها، وكانت منطقة بوزريعة أكثر المناطق تضررا، نتيجة موقعها وانزلاق التربة، ومن جهة أخرى الانتشار الكثيف للأحياء القصديرية، التي تشهد تدهورا منذ سنوات طويلة نتيجة الانزلاق المستمر للتربة، إلا أن التقلبات الجوية القوية أثرت كثيرا على هذه الأكواخ فانهارت عشرات البيوت على رؤوس قاطنيها، وسقطت ضحيتان في الحي القصديري بكونتبات، أما في هذا الموقع القصديري فلقد تساقطت البيوت كأنها أوراق الخريف، فأكثر من 40 بيتا من بين 200 تضررت بشكل كبير، ورغم الترميمات السطحية للسكان إلا أن الخطر لا يزال ماثلا أمامهم حتى عجزت ألسنتهم عن وصف الخطر الذي يحاصرهم ويزداد خطورة مع اقتراب فصل الشتاء دون ورود حلول على أرض الواقع من طرف السلطات المحلية. وفي الحي القصديري بكونتابات فإن الموت أصبح فردا عاديا من أفراد العائلات التي ألفت العيش مع الخطر والنوم والنهوض والهلع يسكن أرواحهم خوفا على أبنائهم من الموت تحت أنقاض هذه الأكواخ، خاصة بعد واقعة موت إحدى النساء مع ابنها، في فيفري الماضي، فرغم صرخات الضحية قبل وفاتها ونداءاتها المتكررة إلى السلطات المحلية عبر العديد من المنابر إلا أن مصيرها كان الموت تحت الأنقاض بعيدا عن أعين السلطات المعنية، والحالة لن تكون فريدة في هذا الموقع القصديري فأكثر من 15 عائلة مهددة بمواجهة نفس المصير في أية لحظة.. ولقد عبرت السيدة (لونيسي اسمهان) عن استنكارها للحالة التي تواجهها لوحدها مع ابنتها البالغة من العمر عشر سنوات، وهي التي تسكن بمحاذاة بيت الضحية التي لقيت حتفها فيفري الماضي بنفس المكان، فالجبل الواقع خلفهم يقترب كل يوم إليهم حتى أن البيت تبدل موقعه وأصبح قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، حتى بابه انكسر خلال فترة التقلبات الجوية، وعمدت هذه السيدة إلى شده بمختلف الأثاث التي تبقى لها حتى تضمن عدم دخول الجرذان للعبث في كوخها، حتى أن الهلع أصبح هاجسا يطاردها كلما حل الليل خوفا على ابنتها من الموت في هذا الكوخ، والمصير نفسه يحاصر 6 عائلات في هذا الموقع وهي العائلات التي تسكن بالقرب من بيت الضحية، إلا أن الخطر أيضا يتربص ب15 عائلة تلقت وعودا بالإسكان من طرف السلطات المحلية عقب الواقعة الرهيبة التي اهتز لها هذا الموقع القصديري، إلا أن هذه العائلات سرعان ما عادت إلى بقايا هذه الأكواخ مجبرة في انعدام البديل أمامها في انتظار شتاء ربما سيحمل معه قبورها في هذه الأكواخ.. وللإشارة فإن هناك عائلتين تعيشان في خيم بنفس المنطقة بعد أن تهدمت أكواخها في فصل الشتاء الماضي، منتظرة تنفيذ الوعود التي أطلقتها السلطات المحلية التي تأخرت وفصل الشتاء يسارع بالقدوم على سكان البيوت القصديرية ببوزريعة حاملا معه المزيد من المعاناة، حتى أن سقوط بعض الأمطار خلال الأسبوع الماضي أوقعت هلعا في حي كونتابات حتى باتت العائلات في العراء خوفا من تحول بيوتها إلى قبور جماعية..