دق الأمين العام الأممي بان كي مون، أمس، ناقوس الخطر من احتمالات متزايدة لاندلاع مواجهة عسكرية مفتوحة على الحدود الدولية بين سوريا وتركيا. ويكون بان كي مون، الذي تحدث أمام المشاركين في المنتدى العالمي للديمقراطية المنعقد بمقر المجلس الأوروبي بمدينة ستراسبورغ الفرنسية قد استشعر خطورة الأوضاع هناك إلى درجة جعلته يصفها ب«الخطيرة جدا". وقال الأمين العام الأممي إن "الوضع في سوريا ما انفك يزداد تدهورا وسط مخاطر لضرب استقرار دول الجوار السوري وكل منطقة الشرق الأوسط"، ولم يستبعد المسؤول الأول في الأممالمتحدة أن تتوسع رقعة التوتر القائمة حاليا بين سوريا وتركيا إلى لبنان وربما إلى الأردن. وأرجع بان كي مون استمرار هذا التدهور إلى التدفق الكبير للأسلحة إلى داخل سوريا وطالب لأجل ذلك كل الأطراف إلى التخلي عن كل أشكال العنف والعمل من أجل إيجاد مخرج سياسي لأزمة تزداد تعقيدا من يوم لآخر. ويبدو أن التطورات المأساوية التي يعرفها هذا البلد منذ تسعة عشر شهرا وحصيلة القتلى الذين يسقطون يوميا في المواجهات بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة جعلت الأمين العام الأممي يصاب بخيبة أمل وذهب إلى حد التشكيك في جدوى عمليات التغيير الديمقراطي التي شهدتها المنطقة العربية ضمن ما عرف ب«الربيع العربي". وقال بان كي مون إن التحولات الحالية، التي زرعت الأمل في تغيير جدي زرعت أيضا الشك في النفوس، مضيفا "إنني مقتنع بضرورة العمل من أجل البحث عن حل سياسي للنزاع" وطالب كل من له قوة تأثير من أي نوع كان على مجريات الأحداث في سوريا من أجل التوصل إلى تغليب لغة الحوار السياسي و«بما يتماشى وطموحات الشعب السوري". وتكون دعوة رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان شعب بلاده للاستعداد للحرب "إذا لزم الأمر" هي التي زادت من حدة مخاوف الأمين العام الأممي، الذي بقيت هيئته في موقع المتفرج على أحداث دامية تشهدها دولة عضو ولم تتمكن كل المجموعة الدولية على وقفها. وجاءت تصريحات الوزير الأول التركي وقد وضع جيش بلاده في حالة استنفار قصوى بعد تجدد تبادل القصف المدفعي على طول الحدود بين البلدين وعدم اكتراث سوريا في قصف الأراضي التركية بقناعة ملاحقة عناصر الجيش السوري الحر المعارض، الذي وجد مقاتلوه في القرى التركية الحدودية ملجأ آمنا لهم. وجاءت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة التركية بعد أن أكدت أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام كل أشكال الاستفزازات من جانب النظام السوري فى إطار القانون الدولي". ولم تكن لهجة الجانب السوري أقل حدة بعد أن وصف وزير الإعلام عمران الزعبى، الذي رفض ما سماه ب«الاتهام" التركي ضد بلاده بسبب تحميل أنقرة السلطات السورية مسؤولية سقوط قذيفة على الأراضي التركية وتسببها في مقتل خمسة مواطنين أتراك نهاية الأسبوع الماضي. واستنكر الزعبى الاتهام وأكد أن سوريا سارعت إلى تقديم التعازي للضحايا من "منطلق أخلاقي وعلاقة الأخوة التي تربط الشعبين السوري والتركي وبادرت إلى التدقيق في مصادر النيران وهو أمر مازال قائما وعندما يتم الوصول إلى نتيجة سيكون هناك موقف ملائم وشفاف ومسؤول". واتهم المسؤول السوري الحكومة التركية ب«فتح الحدود أمام المرتزقة لدخول الأراضي السورية من عدة مناطق مع شحنات الأسلحة وإقامة معسكرات التدريب لهم"في إشارة إلى عناصر الجيش السوري الحر المعارض. وقال الوزير السوري -من جهة أخرى- إن موقف الدولة لن يتغير فيما يتعلق بالذهاب إلى حوار سياسي وطني لا يستبعد فيه أي طرف وأن تبقى لغة الحوار هي السائدة، مضيفا أنه لا صلة بين مفهوم الحوار الوطني، الذي تدعو إليه الدولة وما يجري على الأرض من ملاحقة قوات الجيش السوري للمجموعات الإرهابية المسلحة.