استعادت قاعات الأفراح حيويتها خلال هذه الفترة، حيث يتنافس المواطنون إلى حجز مكان بها في أوقات مبكرة نظرا للعدد الهائل من الأفراح، وأصبحت غالبية العائلات تقيم أعراسها بقاعات الحفلات بدل البيت نظرا لظروف يعلمها أصحابُها، ولعل السبب الأول الذي يدفعهم لذلك هو ضيق البيت، إذ لا يتسع لجميع المدعوين لتكون القاعات البديل الأنسب لذلك، ومن ناحية أخرى نجد أن العائلات أصبحت لا تستغني عن إحضار طباخ متخصص ليتولى مهمة الإشراف على إعداد ما لذ وما طاب منالمأكولات. أصبح في الوقت الحالي حضور الطباخ لأي فرح من الأفراح أمرا عاديا، بل يعتبر البعض منهم موضة وضروري ولا بد من مسايرتها، حيث يتنافس أصحاب الولائم والأعراس عليه نظرا لاكتسابه لمهارات عالية في إعداد الطعام وقدرته على تحديد الكمية اللازمة دون زيادة ولا نقصان وتلبية متطلبات الحاضرين بعيدا عن التبذير والإسراف، حيث أن معظم العائلات التي كانت تعتمد في السابق على نفسها، أصبحت اليوم في غنى عن كل هذا بفضل هذا الطباخ الماهر الذي استطاع أن يحتل مكانة لدى جميع الأسر الجزائرية من أجل عرس منظم من خلال تلك الأطباق التي يقوم بإعدادها والتي تجعل المدعوين لا يكفون عن الإشادة بعرس فلان وبطبخه وكيفية تنظيمه للعرس ووضع حد لألسنة هؤلاء التي تلاحق صاحب العرس في كل مكان وتصف عرسه بالتقصير أو عدم رضاهم عن الأكل في العرس. ومن بين الأمور الملفتة للإنتباه والتي أصبحنا نشاهدها خلال الآونة الأخيرة، هي تفوق الرجال على النساء، حيث تراجع دورهن في الحفلات والأعراس بشكل كبير ولم تعد الأمور مثلما كانت عليه سابقا في تصدر المرأة للمطبخ في مثل هذه المناسبات، حيث تنازلن عن هذه المهمة حتى وإن كان ذلك دون قصد وخارج عن نطاق تحكمهن، تاركات بذلك المجال للرجل الذي لعب دورا كبيرا في إراحتهن من مشاق وتعب الطهي لتهتم فقط بتحضير أنفسهن والاستمتاع بالعرس الى جانب تنظيمهن وإشرافهن على الأمور الأخرى بعيدا عن المطبخ والأكل. وفي هذا الشأن يقول عماد: (النساء غالبا ما لا يعطين قيمة للمواد الغذائية ويقمن بتوزيع الأكل بطريقة عشوائية تفتقر إلى المهارة، حيث يقمن بتوزيع الأكل دون وضع اعتبار للمدعويين، هل يكفي لتلبية الطلب أم لا، وفي أغلب الأحيان يذهب الطعام في التبذير بين الأطفال والأقارب عكس الطباخ الذي يقوم بضبط القائمة بالتدقيق الى غاية انتهاء عمله). وبفضل التقليد أصبح الطباخ حاليا يتصدر مكانته الخاصة، حيث ذهب الأكثرية منهم إلى استغلال الفرصة لفرض وجودهم، إلى أن أصبح الطباخ الواحد لا يقل عدد الحفلات والأعراس التي يشتعل فيها طيلة موسم فصل الصيف عن 15 عرسا، وقد تتواصل إلى ما بعد فصل الصيف. وبالنظر إلى ذلك فإنه كلما طالت مدة الأعراس تضاعفت مداخيل الطباخين، حيث لا تقل أجرة الطباخ عن 05 ألاف دينار جزائري لليلة الواحدة، وهو ما يكلف صاحب العرس ما بين 10 ألاف إلى 12 ألف دينار جزائري، حسب عدد المدعوين، باعتبار أن عمل الطباخ يتضمن يومين كاملين، أين أصبح من الصعب الظفر بطباخ ماهر، مما أوجب تحديد مواعيد مسبقة معه من أجل الحصول عليه حتى يضمن صاحب العرس مرور عرسه في أحسن الظروف ووفق معايير ومقاييس تعجب الحاضرين وتسعد أهل العرس.