النفسية البائعة لدينها يتصف بها أناس عديمو الإيمان، يحملون أفكارا غير ناضجة ومواقف مهزوزة ولا يمتلكون القدرة على تحمل الصعاب، وإذا أنعم الله تعالى على الإنسان بصحة أو رزق أو غيرهما أعرض عن ربه وعن شكره، وترفع عُجبا وتكبرا وإذا مسه المرض أو الفقر أو غيرهما لم يصبر فلا صبر في الضراء ولا شكر في الرخاء، إلا من هداه الله. قال الله تعالى: “لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيئوس قنوط. ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ. وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض". فصلت 49-51. يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف -أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: أخبر الله تعالى في هذه الآيات عن طبيعة الإنسان وعدم صبره على الخير والشر، وأنه لا يمل من طلب الخير من ربه تعالى سواء كان مالا أو صحة الجسم وغير ذلك من الخير. وإن مسه الشر مثل البلاء والفقر والمرض ييأس من رحمة الله ويظن أن هذا البلاء سيقضي عليه بالهلاك ويقع في ذهنه أنه لن يأتيه خير بعد هذا. وإذا أصابه خير ورزق بعد هذه الشدة، يقول: هذا لي إني كنت أستحقه عند ربي ويكفر بقيام الساعة لأنه منح نعمة فيفخر كما قال تعالى: “كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى" العلق الآيتان 6 - 7. ولئن رجع إلى ربه يقول: فليحسن إلي ربي كما أحسن إلي في دار الدنيا يتمنى على الله عز وجل مع إساءته العمل وعدم اليقين. والله تعالى يتوعد من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال. وإذا أنعم الله على الإنسان أعرض عن الطاعة واستكبر عن الانقياد لأوامر الله. وإذا مسه الشر والشدة يطيل المسألة في طلب الشيء. الليل المظلم والنفس البائعة لدينها ورد ذكرها في السنة النبوية المشرفة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"تكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا“. يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن التي تؤثر على عقيدة الإنسان وتحول قلبه إلى حب الدنيا وإيثارها على الدين، فيبيع دينه بدنياه وهذه من صفات الإنسان ضعيف الإيمان حتى يصبح المؤمن مسلماً ثم يمسي كافراً وبالعكس يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا، وذلك بأن يتكلم بالكفر أو يعمل به من أجل الدنيا فيصبح مؤمنا ويأتيه من يوسوس له بمال أو منصب أو جاه، حتى يبيع دينه بدنياه ويتحول من الإيمان إلى الشرك بالله والهجوم على الإسلام بعد أن كان مدافعا عنه، ويعد ذلك ارتداداً عن الدين بسبب حب الدنيا وإيثارها على الآخرة. النفس البائعة وورد في بعض الآثار: “بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً"، والمقصود خطورة إيثار الدنيا على الدين ولذلك يقول الله تعالى في سورة الأعلى: “بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى". وقال الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب: للكافر أمنيتان أما في الدنيا فيقول: لئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى، وأما في الآخرة فيقول: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. وذكر قوله تعالى: “يا ليتني كنت ترابا". والنفس البائعة لدينها ضعيفة الإيمان ومن أسباب ضعف الإيمان الابتعاد عن الأجواء الإيمانية فترة طويلة، يقول الله عز وجل: “ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون". ووجود الإنسان المسلم في وسط يعج بالمعاصي والاشتغال بالدنيا يجعل القلب عبدا لها والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: “تعس عبد الدينار وعبد الدرهم"، ويقول الله تعالى: “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب". آل عمران 14. وقال الله تعالى: “ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون". * النفس البائعة لدينها ضعيفة الإيمان ومن أسباب ضعف الإيمان الابتعاد عن الأجواء الإيمانية فترة طويلة، يقول الله عز وجل: “ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون". ووجود الإنسان المسلم في وسط يعج بالمعاصي والاشتغال بالدنيا يجعل القلب عبدا لها.