الانطلاقة من إثيوبيا وثلاثية تاريخية للالماس بمناسبة بلوغ منتخبنا الوطني لكرة القدم (الخضر) نهائيات كأس أمم إفريقيا المقبلة المقرّر إقامتها في جنوب إفريقيا مطلع العام المقبل 2013، سنقدّم لكم تاريخ المشاركة الجزائر في الأدوار النّهائية، فأوّل مشاركة كانت عام 1968 مع المدرّب الرّوماني ماكري، وفيها أبدع زملاء الهدّاف حسان لالماس وقدّموا واحدة من أحسن اللّوحات الكروية في تاريخ المشاركة الجزائرية في العرس القارّي. فحتى وإن فشل (الخضر) آنذاك في بلوغ النّهائيات إلاّ أنهم تركوا بصماتهم واضحة بدليل اختيار أكثر من لاعب ضمن التشكيلة المثالية في نهاية الدورة وفي مقدّمتهم حسان لالماس صاحب الثلاثية التاريخية في تلك البطولة، والتي لم تتكرّر إلى حدّ اللّحظة. وباحتساب دورة إثيوبيا عام 1968 والدورة المقبلة بجنوب إفريقيا 2010، حضرت الرّاية الوطنية في العرس القارّي 13 مشاركة، وعلى مدار هذه المشاركات نال المنتخب الوطني مرّة واحدة اللّقب القارّي عام 1990 بالجزائر، ومثلها وصل إلى النّهائي كان ذلك عام 1980 بنيجيريا، وحاز على المركز الثالث مرّتين وعلى المركز الرّابع مرّتين وبلغ الدور الثاني مرّتين وأقصي في الدور الأول ستّة مرّات. "الخضر" بامتياز إلى دورة إثيوبيا 1968 بعد الأداء الرّائع الذي تركه المنتخب الوطني في الألعاب الإفريقية التي لعبت بالكونغو برازافيل عام 1965، حيث حقّق زملاء بوروبة نتائج رائعة، أهّلتهم للمرور إلى الدور الموالي، قرّر رئيس الاتحاد الجزائري آنذاك المرحوم الدكتور محمد معوش التقدّم إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بمشاركة المنتخب الوطني في البطولة، الأمر الذي أفرح كثيرا العديد من الدول الإفريقية ووصف دخول الجزائر معترك الكأس بمثابة انتصار لهذه المنافسة التي ارتفع عدد البلدان في الأدوار النّهائية إلى ثمانية. فبعد أن كان العدد في الدورتين الأولتين ثلاثة ارتفع بعد ذلك إلى سبعة منتخبات، ثمّ إلى إحدى عشر فأربعة عشر، إلى 21 منتخبا في دورة إثيوبيا عام 1968، الأمر الذي اضطرّ الاتحاد الإفريقي إلى إجراء دورين لتحديد هوية المنتخبات الستّة المؤهّلة إلى الأدوار النّهائية. الطريق الى إثيوبيا خاض المنتخب الوطني غمار التصفيات المؤهّلة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا بإثيوبيا أربع مباريات ضد المنتخبين المالي والبوركينابي. أوّل لقاء تصفوي للمنتخب الوطني كان في الخامس فيفري 1967 في العاصمة المالية بماكو أمام المنتخب المالي، وعاد زملاء لالماس من هناك بفوز ساحق (3/0). وفي اللّقاء الثاني أمام المنتخب البوركينابي جسّد الجزائريون تفوّقهم وعادوا من واغادوغو العاصمة البوركينابية بفوز رائع بهدفين لواحد، الأمر الذي جعل حظوظ الجزائر كبيرة جدّا لبلوغ النّهائيات، وهو لذي حدث، حيث تفوّق على مالي يوم 12 مارس بهدف دون ردّ وعلى بوركينا فاسو يوم 9 أفريل بالعاصمة (3/1)، لينتزع (الخضر) لأوّل مرّة تأشيرة المشاركة في الدوار النّهائية لكأس العالم. لم يشكّل تأهّل الجزائر مفاجأة لدى الكثيرين ممّن كانوا يتابعون خطوات المنتخب الجزائري الذي كان يتشكّل من لاعبين في المستوى، نذكر منهم رباعي شباب بلوزداد مختار كالام، حسان لالماس، عاشور والحارس محمد عبروق ولا ننسى لاعب ترجّي فالمة مصطفى سريدي ولاعب مولودية وهران المرحوم فريحة، وهي العناصر التي أبدعت في البطولة وتركت انطباعا حسنا، وهو ما سنتناوله بعد قليل. تركيبة البطولة.. الجزائر في مجموعة البلد المنظّم أقيمت بطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم كما سبق الذّكر في بداية الموضوع في عام 1968 في إثيوبيا، وقد شارك في هذه البطولة 8 منتخبات، بعد كان العدد في الدورتين الأخيرتين ستّة وفي الدورة الثالثة ثلاثة، فيما لم يتعدّ عدد المنتخبات التي شاركت في الدورتين الأولتين ثلاثة. إضافة إلى ارتفاع عدد المنتخبات إلى ثمانية تقرّر إعادة النّظر في صيغة المنافسة، يتأهّل الأوّل والثاني من كلّ مجموعة إلى الدور نصف النّهائي ويلعبا بعدها بطريقة مقصية. أمّا المنتخبات التي كان لها شرف المشاركة في هذه الدورة فهي: المنتخب الإثيوبي منظّم البطولة والمنتخب الغاني المتوّج بآخر دورة، إضافة إلى منتخبات الجزائر، أوغندا، وكوت ديفوار، السنغال، كونغو كينشاسا الذي يعرف اليوم بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو. وكما سبق الإشارة إليه تمّ تقسيم هذه المنتخبات إلى فوجين وكلّ فوج ضمّ أربعة منتخبات. أوقعت القرعة منتخبنا الوطني في المجموعة الأولى التي كان على رأسها المنتخب الإثيوبي منظّم البطولة، إضافة إلى هذا الأخير ضمّت القرعة المنتخبين الإيفواري والأوغندي، فيما ضمّت المجموعة الثانية كلاّ من غانا بطل الدورة الأخيرة والسنغال ومنتخب كونغو كينشاسا والكونغو. وصفت القرعة بالمتوازنة كون أقوى المنتخبات وضعت في كلّ مجموعة، فمثلا المنتخب الإيفواري وضع في المجموعة الأولى، فيما وضع المنتخب السنغالي في المجموعة الثانية، وجود المنتخب الجزائري في مجموعة البلد المنظّم والمنتخب الإيفواري وصف بالانتحاري، الأمر الذي جعل من المستحيل على منتخبنا بلوغ الدور الموالي. الانطلاقة.. هزيمة ثقيلة للجزائر أعطيت إشارة انطلاقة البطولة السادسة يوم 12 جانفي عام 1968 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. فبعد مراسيم الحفل الذي جسّد واقع القارّة الإفريقية، أعطى الرئيس الإثيوبي هينجيسنو هايلي مريم إشارة البداية بين منتخب بلاده إثيوبيا والمنتخب الأوغندي، وكما كان منتظرا كان الفوز حليف أصحاب الأرض، لكن بنتيجة ضئيلة هدفين لواحد. سجّل للمنتخب الإثيوبي كلّ من لوسيانو وفاساول، فيما وقّع الهدف الوحيد للمنتخب الأوغندي اللاّعب أوما. وفور انتهاء لقاء الافتتاح كان الجمهور الإثيوبي قد غادر الكثير منه مدرّجات الملعب الأولمبي بأديس أبابا، انطلقت المباراة الثانية بين منتخبنا الوطني ونظيره الإيفواري، وبما أن منتخب هذا الأخير كان أحد أقوى المنتخبات الإفريقية كونه كان يضمّ لاعبين كبار، يتقدّمهم الساطور لوران بوكو وهو اللاّعب الذي تمكّن من توقيع هدفين في شباك منتخبنا، فيما وقّع الهدف الثالث اللاّعب بوزون، لتنتهي المقابلة بفوز ساحق للمنتخب الإيفواري بثلاثة أهداف دون ردّ. وبذلك تصدّر هذا الأخير المرتبة الأولى بفارق الأهداف عن المنتخب الإثيوبي بزائد ثلاثة مقابل زائد واحد لإثيوبيا، فيما حلّ المنتخب الأوغندي في الصفّ الثالث بناقص. ثلاثية تاريخية لحسان لالماس تعيد الجزائر من بعيد لم يتأثّر لاعبو المنتخب الوطني بقيادة المدرّب الفرنسي لوسيان لوديك من الهزيمة التي تعرّضوا لها أمام المنتخب الإيفواري بنتيجة (3/0)، حيث أمطروا شباك المنتخب الأوغندي برباعية كاملة، سجّل منها لاعب شباب بلوزداد حسان لالماس ثلاثة أهداف، فبات أوّل لاعب يوقّع ثلاثية كاملة في مباراة واحدة، فيما وقّع الهدف الرّابع مختار كالام. هذا الفوز أعاد منتخبنا من بعيد للتنافس على تأشيرة العبور إلى الدور الثاني، وقد كلّفت خسارة المنتخب الأوغندي أمام منتخبنا خروجه من البطولة نهائيا بعد كان قد خسر اللّقاء الأوّل أمام منظّم البطولة إثيوبيا بهدفين لواحد. ثلاثية إثيوبيا تقصي الجزائر من المنافسة بالرغم من بصيص الأمل الذي راود الجزائريين ببلوغ منتخبنا المربّع الذهبي إثر فوزه في اللّقاء الثاني على حساب المنتخب الأوغندي، إلاّ أن ذلك الأمل تبدّد عقب نهاية اللّقاء الثالث الذي خاضه زملاء حسان لالماس أمام منظّم البطولة إثيوبيا. فرغم أن هذا الأخير كان قد بلغ المربّع الذهبي إلاّ أن لاعبيه تمكّنوا من إلحاق هزيمة ثقيلة بمنتخبنا توقّفت عند الهدف الثالث، فيما انتهت المواجهة الثانية عن ذات المجموعة بين المنتخب الإيفواري والأوغندي لمصلحة الأوّل بهدفين لواحد، وبذلك يتأهّل المنتخبان الإثيوبي والإيفواري إلى الدور نصف النّهائي بعد أن حلّ الأوّل في الصفّ الأوّل بستّ نقاط مقابل أربع نقاط للثاني ونقطتين للمنتخب الوطني ولا شيء للمنتخب الأوغندي. نتائج المنتخب الوطني الجزائر كوت ديفوار - الجزائر 3/0 الجزائر - أوغندا 4/0 الجزائر - إثيوبيا 3/1 تطالعون في الحلقة المقبلة: الجزائر في دورة نيجيريا 1980.. لماذا غاب اسم "الخضر" في دورات 1970 و1972 و1974 و1976 و1978؟ تلكم من بين الأسئلة التي سنجيبكم عنها في حلقة يوم غد بإذن اللّه تعالى، كما سنتوقّف بإسهاب عند ما فعله زملاء المرحوم حسين بن ميلودي في دورة نيجيريا 1980، ببلوغه المحطّة النّهائية.