في خضّم الصراع الدموي الذي تعيشه سوريا، أضحى الأطفال عرضة للقتل والتنكيل، بصورة لافتة، ونظرا لتفاقم الوضع المأساوي لهم وثّقت قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية عدد الأطفال الذين قضوا نحبهم برصاص الأسد، حيث وصل عدد قتلى الأطفال إلى 3176 منذ اندلاع الاحتجاجات منذ حوالي 19 شهرا، حسب ما أكدت وكالة أنباء (الأناضول). ولاقت حادثة مقتل الطفل حمزة الخطيب، 13 سنة، استنكارا دوليا عقب مقتله على أيدي شبّيحة الأسد بمساكن صيدا بمنطقة حوران التابعة لمحافظة درعا في الإرهاصات الأولى للثورة، حيث تمّ استهدافه قرب أحد الحواجز العسكرية وقتل بطريقة وحشية، وبدت على جسده أثار التعذيب وصل إلى قطع عضوه التناسلي. كذلك شهدت مذبحة الحولة في السادس والعشرين من ماي الماضي والواقعة بريف حمص مصرع 50 طفلا من إجمالي 106 قتلى، بعضهم مات شنقا والبعض الآخر لفظ أنفاسه تحت وطأة القصف المدفعي العنيف. وتزامنت هذه المذبحة مع وجود وفد من المراقبين الدوليين المنتشرين برئاسة الجنرال النّرويجي روبرت مود في عدّة مناطق بسوريا لمراقبة وقف إطلاق النّار. وتضاف مذبحة التريمسة التي ارتكبت في شهر جويلية من العام الجاري بمحافظة حماه، إلى سلسلة المجازر التي سقط فيها عددٌ من الأطفال الذين لم يقدّر عددهم، وبلغ عدد القتلى جرّاء هذه المذبحة نحو 300 قتيل، تمّ التنكيل بجثثهم ووضعها على قارعة الطريق والأراضي الزراعية. وفي الرابع من أكتوبر الحالي، نشرت صحيفة (الديلي ميل) البريطانية صورة مؤلمة وصادمة لطفلة سورية ترقد في بركة من الدماء في أحد شوارع مدينة حلب التي تسيطر عليها القوات النّظامية السورية، دون أن يستطيع أحدٌ حتى رفعها من مكانها. وقالت الصحيفة إن هذه الطفلة البريئة كانت ضحّية إحدى التفجيرات التي هزّت المدينة وراح ضحّيتها العشرات ولم يمنحها أحد حتى كرامة دفن جسدها، أحد أبسط حقوقها، بل تُركت في الشارع. وأضافت أن مأساة هذه الطفلة هي مأساة كلّ أطفال سوريا في ظلّ الحرب الدائرة الآن. يوم الخميس الفارط قتل 44 شخصا بينهم عدد من الأطفال، جرّاء غارة شنّها الطيران الحربي السوري على مدينة معرة النعمان بمحافظة إدلب الواقعة شمال غرب سوريا، وذلك بعد أن تمّ استهداف مبنيين ومسجد تواجد فيه عدد كبير من النّساء والأطفال. ولم تقتصر معاناة أطفال سوريا على مواجهة شبح الموت والتعرّض للتعذيب فحسب، بل امتدّ لهيب الألم والمستقبل المجهول إلى الأطفال النازحين في مخيّمات دول الجوار مثل تركيا والأردن. وكشفت مفوضية اللاّجئين التابعة للأمم المتّحدة في تقرير سابق لها أن أعداد الأطفال النّازحين في الأردن حاليا تجاوزت 20 ألفا منذ مارس2011، وهو الأمر الذي يشير إلى حجم التحدّيات التي تواجه المفوضية في مساندة وتقديم الدّعم اللاّزم لأسر هؤلاء الأطفال، خاصّة مع قرب حلول فصل الشتاء القارس، والذين يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف لاجئ، مسجّل منهم فقط لدى المفوضية 100 ألف. ومن جانبها، دعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتّحدة نافي بيلاي، المجتمع الدولي إلى التحرّك بشكل عاجل لحماية الأطفال السوريين. وتابعت المسؤولة الأممية في مؤتمر صحفي عقدته أمس الجمعة في العاصمة السويسرية جنيف أن المواجهات السورية تسبّبت في مقتل ما يقدّر بأكثر من 33 ألف شخص في سوريا منذ اندلاعها في عام 2011 حتى الآن، مشيرة إلى أن هذه الأحداث سيكون لها تأثيرٌ كبيرا على الأطفال، وأن هذا الأثر سيستمرّ معهم طول العمر.