كونها البصمة التي تميز هوية الشخص، يوصي المختصون الأباء بضرورة الحذر في اختيار أسماء أبنائهم التي تعتبر أول هدية يتلقاها المولود الجديد منهم والتي ستظل تلازمه للأبد، ومع هذا نجد بعض الأباء يسمون أولادهم بأسماء غريبة مستوحاة من الفواكه والألوان، ومنها التقليدية التي تنسب لأسماء الأجداد، وهو ماقد يسبب -حسب رأيهم المختصين في علم النفس- حرجا للأبناء عند الكبر ويؤثر في تكوين شخصيتهم ويترك في نفسيتهم أثارا خطيرة يجب التنبه إليها من قبل. إن المرأة ومنذ الشهور الأولى لحملها تبدأ في التفكير في الإسم الذي تمنحه لمولودها الجديد، وترغب في أن يكون جميلا ومميزا، لذا فكل اسم تسمعه الأم في هذه الفترة من حملها يجلب انتباهها، ولعل أهم مايؤثر في المرأة بصفة عامة ويستهويها هي أسماء أبطال الأفلام والمسلسلات، وكذا نجوم الشاشة، فالعديد من الأمهات يطلقن على أبنائهن تلك الأسماء. كما أنه في كثير من الأحيان يقوم الوالدان بتسمية طفلهما الجديد على اسم أحد الجدين معتبرين ذلك تقديرا واحتراما من طرف الوالدين اتجاه أبويهما، إلاّ أن ذلك وإن كان بحسن نية من الوالدين قد يسبب -حسب رأي المختصين في علم النفس- حرجا للطفل عندما يعي ويكبر، خاصة أمام النقد الذي تعرفه هذه الأسماء التقليدية في مجتمع عصري اقتضى واعتاد الخفة حتى في الأسماء. فالإسم هو أول ما يُعرف به الشخص، لذا فاختيار اسم المولود الجديد مسؤولية جدية على الأهل، فيرى المختصون أنه على ضوء هذا الاختيار تتحدد علاقة الطفل باسمه وبنفسيته، فمن يعجب باسمه ويحبه تتولد لديه الثقة والارتياح النفسي ويشعر بالرضى والفخر حينما ينادي بهذا الإسم. في حين أن هذه المشاعر تنقلب على عكسها تماما عندما لا يعجب الفرد باسمه خاصة أمام المشكلات التي يولدها له لأنه قد يكون اسما تقليديا أو صعب اللفظ مما قد يجعل صاحبه محط سخرية من طرف رفاقه وجيرانه وحتى أقاربه. إحراجٌ للأبناء قد يبدو الإسم شيئا بسيطا إلا أنه قد يسبب لدى بعض الأفراد عدة مشاكل تنعكس سلبيا على نفسيتهم، خاصة أولئك الذين يحملون أسماء قبيحة أو تقليدية نتيجة تسميتهم على أجدادهم. (تسعديت) هي إحدى الفتيات الشابات ممن يشكل اسمهن حرجا كبيرا لهن، أخبرتنا أنها ولدت بعد أشهر قليلة من وفاة جدتها الذي خلف رحيلها المفاجئ حزنا كبيرا في العائلة ولدى الأهل والأقارب، لتضيف (تسعديت) أنه بناء على ذلك اختار لها والدها هذا الإسم حتى يحي ذكرى والدته فكان اختياره عاطفيا بحتا رغم أن والدتها كانت قد حضرت لها اسما عصريا جد جميل لكنها احترمت رغبة الأب في تسمية ابنته. (قويدر) هو الآخر يعاني من اسمه الذي أصبح يشكل مصدر إزعاج له حيث يقول أنه الولد البكر في العائلة ولأن تقليد أسرته يقتضي انتقال الإسم من الجد إلى الحفيد فكان على والديه أن يطلقا عليه اسم جده، في حين ينعم باقي إخوته بأسماء جميلة وغير محرجة. ليضيف (قويدر) أنه نظرا لثقل اسمه فأصدقاؤه ينادونه بأسماء الدلع للتخفيف من وطأة صعوبته من جهة ولعدم إحراجه من جهة أخرى، لأنهم يعلمون أنه لا يحب اسمه، وبذلك نرى أن الوالدين يختارون لطفلهما اسم أحد الجدين على حسن نية دون أن يتوقعا أن هذا الإسم الذي له ذكريات جميلة لديهما، سيكون لاحقا مصدر المتاعب لدى أطفالهم الذين يرون أن كل وقت له وقته. أطفال يحملون أسماء ألوان وفواكه إذا كان الإسم القديم أو التقليدي يحرج الطفل فما بالك بمزاجية الوالدين الذين تدفعهما لتسمية طفلهما اسما يحمل أحد الألوان أو الفواكه، حيث تقول إحدى الشابات أنها كانت تصاب بارتباك شديد واحمرار وجهها خجلا حينما تلفظ المعلمة اسمها في القسم لأنه اسم فاكهة (خوخة)، لذا كانت دائما تفضل أن تناديها المعلمة بالإسم العائلي تفاديا للتعليقات الساخرة وكذا الصراخ والقهقهات المتعالية التي تزيدها حرجا وكرها لاسمها، وتوافقها في الرأي أخريات رمانة، خداوج، هلالة، خروفة... وغيرهن كثيرات. (لخضر) هو الآخر يحمر وجهه كلما ناداه أحد باسمه، خاصة أنه في كثير من الأحيان يبدأ رفاقه بمناداته بمختلف الألوان أحمر، أصفر، أزرق.... مما يجعله دائما في شجار معهم. ومشكلة الإسم لا تنحصر عند خوخة ولخضر فقط، فهناك الكثير ممن يقتسم معهم هذه المشكلة، إذ يحمل اسم أحد الألوان أو الفواكه أو الصفات والأشياء نذكر على سبيل المثال (خضرة، أمعمر، الصغير، لكحل ....) مما يجعلهم عرضة للاستهزاء ومحل سخرية في هذا المجتمع العصري ولعل المسؤول الأول هو الأولياء الذين لم يحسبوا حسابهم قبل تسمية طفلهم. وإن كان اسم الطفل عند ولادته مرهونا باختيار الوالدين، فكثيرا ما نجد هؤلاء الأطفال عندما يكبرون يلجؤون لتغيير أسمائهم حسب ذوقهم، ومع مرور الوقت يتعود الأقارب والأصدقاء على ذلك الإسم الجديد. ورغم كل ذلك يعتبر الإسم الأول للطفل بمثابة بصمة تميز هويته، وإن كان الكثير لا يعجبهم الإسم الذي سميوا به منذ ولادتهم، يبقى الآخرين محتفظين به رغم الانتقادات الموجهة لهم، ذلك لأنهم يحترمون رغبة أوليائهم. فكما عبر لنا أحد الأشخاص إن الأم التي تحمله تسعة أشهر وتسهر على تربيته أحسن تربية، وكذلك الأب الذي يجد ويكد من أجل الإنفاق علينا وتعليمنا أحسن تعليم، فمن أقل حقوقهم تسمية الطفل وفق رغبتهم، ومن واجب الطفل احترام هذا الإسم لأنه أول هدية تمنح له في حياته.