بمناسبة الذّكرى ال 58 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة ارتأينا أن نقدّم لكم في جزءين أهمّ الانتصارات التي حقّقها (الخضر) منذ فجر الاستقلال. أوّل انتصار حدث قبل 49 سنة من الآن حين كسب زملاء حسان لالماس ورقة العبور إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا التي جرت بإثيوبيا لأوّل مرّة بعد الاستقلال، وآخرها كان قبل شهرين من الآن ببلوغ منتخبنا نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا على حساب المنتخب المصري، وبين الانتصار الأوّل والثاني سنحدّثكم باختصار عن أوّل انتصار حقّقه منتخب بلد المليون ونصف المليون شهيد. إعداد / بن عبد القادر لقاء بلغاريا الذي جاء مباشرة بعد الاستقلال أوّل لقاء انتظره الجزائريون بعد الاستقلال هو ذلك الذي جرى بتاريخ السادس من شهر جانفي من عام 1963، أي في السنة الأولى التي أعقبت الاستقلال، وهو ما يعدّ تاريخيا رغم طابع المباراة الودّي. اللّقاء احتضنه ملعب 20 أوت أمام جمهور غفير جدّا اكتظّ به هذا الملعب، وجاء اللّقاء سريعا، المنتخب البلغاري كان السباق إلى التسجيل في المرحلة الأولى، لكن المرحلة الثانية كانت لمنتخبنا الوطني حيث فرض أشبال المدرّب خباطو سيطرة كلّية جسّدها لاعب أولمبي العناصر آنذاك عبد الغني زيتوني بهدفين سمحا للمنتخب الوطني بإنهاء اللّقاء لمصلحته، وهو أوّل فوز بعد الاستقلال يوقّعه منتخبنا الوطني. الرباعية التاريخية في نهائيات كأس أمم إفريقيا عام 1968 بعد أن كسب منتخبنا الوطني ورقة العبور لأوّل مرّة إلى الأدوار النّهائية لكأس أمم إفريقيا التي جرت في شهر فيفري من عام 1968 على حساب كلّ من منتخب مالي في الدور الأوّل، حيث تفوّق عليه منتخبنا الوطني ذهابا في بماكو (3/0) والإيّاب في الجزائر (1/0)، وفي الدور الموالي تأهّل زملاء لالماس على حساب المنتخب البوركينابي بفوز في الجزائر (3/1) فيما لم يلعب لقاء العودة بعد انسحاب المنتخب البوركينابي، أوقعت عملية القرعة منتخبنا الوطني في الأدوار النّهائية لكأس أمم إفريقيا في المجموعة الأولى إلى جانب منتخب البلد المنظّم إثيوبيا وكوت ديفوار وأوغندا، الأمر الذي صعّب من مهمّة الفريق الجزائري لبلوغ الدور نصف النّهائي. فبعد أن دشّن الفريق الوطني المنافسة في 11 جانفي 1968 بخسارة أمام المنتخب الإيفواري (3/0)، عاد من بعيد في اللّقاء الثاني وسجّل فوزا ساحقا على المنتخب الأوغندي بنتيجة لا تقبل أيّ جدل (4/0). فبتاريخ 14 جانفي من ذات السنة، وفي يوم بارد وممطر، وفي اللّقاء الافتتاحي للقاء كوت ديفوار وإثيوبيا، عبث الخطّ الهجومي بدفاع وحارس المنتخب الأوغندي وهزّ شباكه برباعية سجّل منها حسان لالماس ثلاثة أهداف كاملة، وهو اللاّعب الوحيد إلى حدّ اللّحظة في تاريخ مشاركات منتخبنا الوطني في الأدوار النّهائية لكأس أمم إفريقيا الذي يتمكّن توقيع ثلاثية كاملة في لقاء واحد، فيما سجّل الهدف الرّابع في شباك المنتخب الأوعندي زميل لالماس في شباب بلوزداد مختار كالام. وقد استقبل الجمهور الرياضي الجزائري هذا الفوز الساحق بفرحة عارمة، وكيف لا يفرح الجزائريون بهذا الفوز الذي جاء في وقت لم يسبق فيه وأن شارك منتخبنا الوطني في أيّ دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا. لكن هذه الفرحة سرعان ما تلاشت في اللّقاء الموالي أمام مستضيف الدورة إثيوبيا، وكما كان منتظرا خسر الفريق الوطني اللّقاء بنتيجة (3/1). لكن حتى وإن أقصي أشبال المدرّب الفرنسي لوسيان لوديك إلاّ أن اللاّعبين الجزائريين كانوا محلّ إعجاب الأفارقة، فتمّ اختيار اللاّعب حسان لالماس واحدا من بين أحسن اللاّعبين في الدورة. وسيبقى الفوز المسجّل على المنتخب الأوغندي راسخا في ذاكرة أرشيف الكرة الجزائرية. الفوز على فرنسا في نهائي دورة الألعاب المتوسطية عام 1975 سيبقى اللّقاء الذي خاضه منتخبنا الوطني في يوم 6 سبتمبر عام 1975 ليلة أول يوم من رمضان المعظم، من بين أهمّ المباريات التي لا تنسى، كيف لا والمنافس اسمه المنتخب الفرنسي، والمنافسة نهائي دورة الألعاب المتوسطية التي استضافتها بلادنا في تلك السنة. فأمام حوالي 80 ألف متفرّج وتحت إشراف المدرّب رشيد مخلوفي انتظر الجمهور الرياضي الجزائري الثواني الأخيرة من اللّقاء لتعديل النتيجة بفضل الهدف التاريخي الذي وقّعه عمر بتروي بعد أن كان المنتخب الفرنسي متقدّما في النتيجة (2/1). لكن في الوقت الذي كان فيه الحكم يستعدّ لإنهاء المباراة بفوز المنتخب الفرنسي حدث ما لم يكن يتمنّاه الفرنسيون، بل ما لم يكن يحلم به جلّ الجزائريين، ففي الوقت الذي انطفأت فيه أنوار صبورة ملعب 5 جويلية بانتهاء التسعين دقيقة وإذا بعمر بتروني يقوم بهجمة خاطفة تمكّن على إثرها من إسكان كرته في شباك المنتخب الفرنسي، ويا له من هدف، حيث أغمي على العديد من الجزائريين، كما أنه أعاد الرئيس الرّاحل هواري بومدين إلى ملعب 5 جويلية بعد أن غادره حتى لا يقف وقفة إجلال للنّشيد الفرنسي، فجاء هدف منفلاتي في الوقت الضائع ليمنح المنتخب الجزائري أوّل وآخر ميدالية ذهبية في الألعاب المتوسطية وأوّل تتويج للكرة الجزائرية بعد الاستقلال. الخماسية التي لن ينساها المغاربة بعد أربع سنوات من الفوز التاريخي بالميدالية الذهبية لدورة الألعاب المتوسطية التي احتضنتها بلادنا عام 1975، كان الجزائريون على موعد مع فوز ما تزال طلاسمه مستورة إلى حدّ اللّحظة، كيف لا والفوز كان بملعب الدارالبيضاء المغربية والمنافس هو (أسود الأطلس) المغرب والمنافسة الدور التصفوي الأخير لأولمبياد موسكو عام 1980. بعد مشوار إيجابي للفريقين في التصفيات التقى الفريقان في الدور الأخير، ففي ملعب محمد الخامس بمدينة الدارالبيضاء وأمام حوالي 50 ألف متفرّج وتحت إدارة الحكم ميشيلوتي انطلق الشوط الأوّل، وأوّل محاولة كانت للاعب (الخضر) قمري الذي ضيّع هدفا محقّقا. وفي الدقيقة ال 15 قمري رضوان يمرّر كرة على طبق من ذهب إلى اللاّعب بن ساولة الذي راوغ بطريقة ذكية كلاّ من العربي وليمان وأسكن الكرة في الزاوية اليمنى لمرمى حزاز.. (1-0) ل (الخضر). بعد 15 دقيقة نفس اللاّعب وهو بن ساولة من جديد يفاجئ المغاربة ويصرعهم بهدف ثاني، وبالرغم من ذلك لم يتسرّب اليأس إلى صفوف المغاربة وتمكّنوا من تقليص الفارق عن طريق ليمان في الدقيقة ال 32 بعد ضربة جزاء. وعلى وقع هدفين لواحد انتهى الشوط الأوّل. الشوط الثاني لم يختلف عن الأوّل، ففي الدقيقة ال 69 بن ساولة يرسل رصاصة الرّحمة إلى المغاربة ويوقّع بطريقة مبدعة الهدف الثالث، ولم يبق للمغاربة سوى الإرادة لإتمام اللّقاء. وفي الدقيقة ال 71 فرفاني يضع قمري رضوان وجها لوجه مع الحارس المغربي حزاز، وبكلّ سهولة يضيف ابن جمعية وهران الهدف الرّابع، ليختم صالح عصاد مهرجان الأهداف في الدقيقة ال 87 بهدف ولا أروع وبالرجل اليسرى، بعدها بدقائق قليلة أعلن الحكم ميشيلوتي صافرة النّهاية بفوز تاريخي ل (الخضر). وفي لقاء الذهاب جسّد المنتخب الوطني قوّته وهزم المنتخب المغربي بنتيجة (3/0) بملعب 5 جويلية وبلغ لأوّل وآخر مرّة الدورة النّهائية للأولمبياد. التأهّل إلى نهائي أمم إفريقيا 1980 على حساب "الفراعنة" من بين أبرز الانتصارات التي حقّقها منتخبنا الوطني ذلك الذي حدث خارج أرض البلدين بمدينة إيبادان النيجيرية في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا لعام 1980. فرغم تقدّم المنتخب المصري بهدفين لصفر تمكّن كلّ من عصاد والمرحوم حسين بن ميلودي من تعديل النتيجة، وبهدفين لمثلهما انتهى الوقت القانوني، ليركن المنتخبان إلى الوقت الإضافي الذي لم يحمل أيّ جديد في النتيجة، ليحتكما إلى ركلات الجزاء. فبعد انتهاء السلسلة الأولى بالتعادل (4/4) تمكّن لخضر بلومي من حسم الموقف لمصلحة منتخبنا الوطني بتسجيله الضربة الأخيرة في شباك إكرامي، فجّر بها حناجر اللاّعبين الجزائريين، ولم يصدّق المصريون أنفسهم وهم يرون فرحة أشبال خالف محي الدين بتأهّلهم إلى النّهائي. يوم لن ينساه الجزائريون في ليلة الفاتح من نوفمبر عام 1981 التقى منتخبنا الوطني نظيره النيجيري بملعب 17 جوان بمدينة قسنطينة في إيّاب الدور التصفوي الأخير لمونديال إسبانيا 82، الفريق الوطني دخل بالتشكيلة التالية، في الحراسة مهدي سرباح، في الدفاع صالح لرباس وفوزي منصوري ونور الدين وريشي ومحمود فندوز، وفي الوسط محمد قاسي سعيد ومحيوز وبلومي وفي الهجوم فموح وماجر وجمال زيدان.. المدرّبون كلّ من الرّاحل روغوف ومعوش وصوكان. في الثانية ال 40 من بداية اللّقاء فموح يضيّع هدفا محقّقا، ستّ دقائق من بعد كان الجمهور الجزائري على موعد مع الهدف الأوّل وقّعه لخضر بلومي، حيث استغلّ كرة مرتدّة من زيدان وقذفها من 20 مترا وأسكنها في شباك الحارس النيجيري العملاق بيست. النيجيريون لم يستسلموا وراحوا يشنّون الهجمة تلو الأخرى كلّلت إحداها بهدف في الدقيقة ال 40 عن طريق اللاّعب إيسماو، وبنتيجة التعادل هدف لمثله انتهت المرحلة الأولى. المرحلة الثانية دخلها النيجيريون بقوة قصد إضافة هدف ثاني يمهّد لهم الطريق إلى أهداف أخرى، لكن ونظرا لصمود الدفاع الجزائري بقيادة فندوز وقريشي بدأت تتلاشى القوة النيجيرية، وكان لحماس الجمهور الجزائري من المدرّجات الأثر الإيجابي في نفسية اللاّعبين، حيث راحوا ينقلون الخطر من منطقة الحارس سرباح إلى منطقة الحارس سيبت. وفي الوقت الذي بدأت فيه حناجر الجمهور الرياضي تنادي (وان تو ثري فيفا لالجيري) بلومي يرسل كرة طويلة إلى ماجر الذي حاول مباغتة الحارس النيجيري سيبت، لكن المدافع أويلي يرجع الكرة ثمّ يفقدها، واستغلّ ماجر الكرة وسجّل هدفا وهو ملقى على الأرض، هدف ولا أروع. وبعد ثلاث دقائق أعلن الحكم السويسري دانيا نهاية اللّقاء بتأهّل تاريخي لمنتخبنا الوطني إلى المونديال. تطالعون في الجزء الثاني والأخير... بقّية أهمّ انتصارات (الخضر).. البداية بالفوز التاريخي على المنتخب الألماني في كأس العالم 1982 بهدفين لواحد والنهاية بالفوز التاريخي على المنتخب المصري في اللّقاء الفاصل بهدف لصفر بالسودان، وبين المباراتين هناك العديد من المواجهات التي أفرحت الجزائريين ستجدون تفاصليها يوم غد، فكونوا في الموعد...