الانطلاقة عام 1965·· وخماسية زلزلت الأرض تحت أقدام المغاربة الجزء الأوّل / إعداد: بن عبد القادر كلّما أطلّت علينا مواجهة كروية جزائرية - مغربية إلاّ وتحسّسنا نوعا من الإنجداب الرّائع لأزمنة مضت أبدعت الأجيال حسب تعاقبها في رسم لوحات جميلة تخلد في الذاكرة ولا تبارحها· وعندما يبرز الجوار والعراقة وكثير من المشتركات الرائعة والتاريخية كعناصر استراتيجية مؤثتة لفضاء التنافس الكروي، فإن المباريات التي نقول إنها تكتسي طابع المحلّية تارة وطابع الكلاسيكية تارة ثانية وطابع "الداربي" تارة ثالثة، غالبا ما تحفل بأندية كبيرة وغالبا ما تفرز مشاهد فنّية رائعة· وقد كانت مواجهات المغرب والجزائر كرويا على مدى نصف قرن أو ما يزيد طافحة بالإثارة وبالرّوح الرياضية العالية، وأبدا لم تترك أيّ منها وشما حزينا في الذاكرة، فقد سعى النّجوم الجزائريون والمغاربة وعلى امتداد تاريخ المواجهات بمختلف الأبعاد والمؤثّرات إلى طبع كلّ النزالات رغم سخونتها وحساسيتها بطابع النبل والتسامح كدليل على قوّة ومثانة الوشائج والرّوابط التي تربط الشعبين معا· لا أحد ينكر أهمّية الرياضة الجزائرية ونظيرتها المغربية في العالمين العربي والإفريقي لأنهما كثيرا تقدّمتا الدول العربية والإفريقية في المحافل الدولية وتوّجتا بالميداليات والألقاب· وعلى مستوى كرة القدم كان المنتخبان الجزائري والمغربي مصدر فرحة عربية وإفريقية بفعل تألّقهما على المستوي الدولي، كما أنهما الأكثر حاليا تمثيلا في أقوى البطولات الأوربية، مع تفاوت الغلبة من سنة إلى أخرى، فكانت مباريات الجزائر والمغرب هي الأكثر متعة وروحا رياضية رغم ما فيها من ألم الإقصاء وفرحة الانتصارات· "أخبار اليوم" وكما عوّدت قرّاءها الكرام في مثل هذه المناسبات الكروية الكبيرة، ستختصر عجلة الزمن وعلى مدار حوالي نصف قرن سنتناول تاريخ المواجهات الجزائرية المغربية، ومن خلاله سنتعرّف على جميع الأرقام والنتائج التي حفلت بها مباريات المنتخبين الشقيقين الجزائري والمغربي، والذي سيتجدّد العهد بينهما سهرة الأحد المقبل بملعب 19 ماي بمدينة عنابة برسم الجولة الثالثة من تصفيات أمم إفريقيا 2012· ** الانطلاقة··· في الذّكرى ال 11 لاندلاع الثورة التحريرية إذا كانت المواجهات المغربية الجزائرية الرّسمية منها والودّية، والتي بدأت سنة 1965 قد تجاوزت الثلاثين، فإن هناك بينها ما حفر خنادق في الذاكرة فأقام فيها بيوتا تحيل على ذكريات جميلة· أوّل لقاء بين المنتخبين الشقيقين الجزائري والغربي كان في الفاتح نوفمبر 1965، بمناسبة الذّكرى الحادية عشر لاندلاع الثورة التحريرية واحتضنه ملعب 20 أوت وانتهى كما انطلق بدون أهداف· خمسة أشهر من بعد، وبالضبط في السادس مارس 1966، تجدّد الموعد بين المنتخبين، وهذه المرّة في العاصمة المغربية الرباط وانتهت المواجهة الثانية لمصلحة المغاربة بهدف دون ردّ· ثالث لقاء بين المنتخبين كان ودّيا كذلك، وجرى يوم 24 نوفمبر 1966 في الجزائر العاصمة وانتهى بالتعادل هدفين لمثلهما· رابع لقاء بين المنتخبين كان ودّيا كذلك وجرى يوم 17 مارس 1968 في مدينة الدارالبيضاء المغربية وانتهى بالتعادل السلبي· ** أوّل مباراة رسمية كانت مطلع عام 1969 انطلقت المواجهات بين البلدين بشكل رسمي في تصفيات كأس أمم إفريقيا لسنة 1970، مباراة الذهاب جرت بملعب العناصر يوم 20 أوت؟؟؟؟ بالجزائر العاصمة، يوم التاسع من مارس ؟؟؟ وانتهت بفوز جزائري بهدفين دون مقابل· وفي لقاء العودة بالدارالبيضاء فاز المنتخب المغربي بهدف لأحمد فرس، لكنه لم يكن كافيا لحجز تأشيرة التأهّل، لكن المنتخب المغربي عوّض هذا الإخفاق بالتأهّل إلى نهائيات كأس العالم 1970 بالمكسيك كأوّل بلد عربي وإفريقي يحجز مقعده في النّهائيات بالإقصائيات· وبعد الحضور الجيّد لأصدقاء الحارس علال في مونديال المكسيك، التقى المنتخبان يوم العاشر من ديسمبر 1970 في إطار تصفيات كأس أمم إفريقيا 1972 التي جرت في السودان· وشهدت مباراة الذهاب بالجزائر هزيمة غير منتظرة للمنتخب المغربي بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وهذا بالنّظر إلى قوّة "أسود الأطلس" آنذاك، لكن العناصر المغربية انتزعت التأهّل في لقاء بالمغرب بثلاثية نظيفة· ** تسع سنوات دون لقاء رسمي بعد ثلاثية الدارالبيضاء لمصلحة "أسود الأطلس" توقّفت المواجهات الرّسمية بين البلدين لمدّة تسع سنوات، حيث جمعتهما التصفيات المؤهّلة لأولمبياد موسكو· والتقى المنتخبان في شهر ديسمبر من سنة 1979 في الدور الأخير من هذه التصفيات، لكن في إطار المباريات الودّية التقيا في ثلاث مناسبات، الأولى كانت بتاريخ 31 أكتوبر 1973 بالجزائر العاصمة وانتهت لمصلحة زملاء عمر بتروني بهدفين لصفر، والثانية جرت بتاريخ 7 أفريل 1974 بمدينة الدارالبيضاء المغربية وانتهت لمصلحة المغاربة بهدفين لصفر، فيما انتهت المواجهة الثالثة والتي جرت يوم 31 أكتوبر 1974 بالتعادل السلبي· ** الخماسية التي زلزلت المغاربة بعد توقّف خمس سنوات كاملة غابت فيها مباريات المنتخبين الجزائري والمغربي، تجدّد الموعد في الجولة الأخيرة من تصفيات أولمبياد موسكو 1980· فبعد أربع سنوات من الفوز التاريخي بالميدالية الذهبية لدورة الألعاب المتوسّطية التي احتضنتها بلادنا عام 1975، كان الجزائريون على موعد مع فوز لاتزال طلاسمه مستورة إلى حدّ اللّحظة، كيف لا والفوز كان بملعب الدارالبيضاء المغربية والمنافس اسمه "أسود الأطلس" المغرب، والمنافسة الدور التصفوي الأخير لأولمبياد موسكو عام 1980· بعد مشوار إيجابي للفريقين في التصفيات التقي الفريقان في الدور الأخير، ففي ملعب محمد الخامس بمدينة الدارالبيضاء وأمام حوالي 50 ألف متفرّج وتحت إدارة الحكم ميشيلوتي انطلق الشوط الأوّل وأوّل محاولة كانت للاعب "الخضر" قمري الذي ضيّع هدف محقّق، وفي الدقيقة 15 قمري رضوان يمرّر كرة على طبق من ذهب إلى اللاّعب بن ساولة الذي راوغ بطريقة ذكية كلاّ من العربي وليمان وأسكن الكرة في الزّاوية اليمني لمرمي حزاز (1-0) ل "الخضر" بعد 15 دقيقة· دقيقة من بعد نفس اللاّعب بن ساولة من جديد يفاجئ المغاربة ويصرعهم بهدف ثاني، وبالرغم من هذا لم يتسرّب اليأس إلى صفوف المغاربة وتمكّنوا من تقليص الفارق عن طريق ليمان في الدقيقة ال 32 بعد ضربة جزاء، وعلى وقع هدفين لواحد انتهى الشوط الأوّل· الشوط الثاني لم يختلف عن الأوّل، ففي الدقيقة ال 69 بن ساولة يرسل رصاصة الرحمة للمغاربة ويوقّع بطريقة مبدعة الهدف الثالث، ولم يبق للمغاربة سوى الإرادة لإتمام اللقاء· وفي الدقيقة ال 71 فرفاني يضع قمري رضوان وجها لوجه مع الحارس المغربي حزاز، وبكلّ سهولة يضيف ابن جمعية وهران الهدف الرّابع، ليختم صالح عصاد مهرجان الأهداف في الدقيقة ال 87 بهدف ولا أروع وبرجله اليسرى، بعدها بدقائق قليلة أعلن الحكم ميشيلوتي صافرة النّهاية بفوز تاريخي ل "الخضر"· ** لقاء العودة الجزائر 3 - المغرب 0 جسّد المنتخب الوطني الجزائر قوّته على المنتخب المغربي في لقاء العودة الذي احتضنه ملعب 5 جويلية· فرغم رداءة الأحوال الجوّية بسبب البرودة الشديدة والأمطار الغزيرة تمكّن زملاء لخضر بلّومي من هزّ شباك المغاربة ثلاث مرّات، مكّنت منتخبنا من حجز مقعد له لأوّل وآخر مرّة في الأدوار النّهائية لأولمبياد موسكو التي جرت في صائفة عام 1980· وكانت هزيمة المنتخب المغربي التي تجرّعها على يد منتخبنا ذهابا وإيّابا بداية عهد جديد لكرة القدم الجزائرية وتجسّد ذلك في بلوغ منتخبنا المباراة النّهائية لكأس أمم إفريقيا التي جرت في ربيع عام 1980 بنيجيريا، كما بلغ مونديال إسبانيا عام 1982· وفي الجانب المغربي شكّلت الهزيمتان اللتان ألحقهما منتخبنا ب "أسود الأطلس" ضربة قوية انقضت الساهرين على الرياضة المغربية من سباتهم العميق، حيث تمّ التخلّي عن العديد من اللاّعبين الذين شكّلوا على مدار عقد من الزمن عصب المنتخب المغربي، وتمّ توجيه الدعوة للاعبين واعدين كانوا نواة المنتخب الذي صنع ملحمة مكسيكو 1986·