خاتم الخطوبة يعد رمزا لارتباط الرجل بالمرأة فهو يفرق ما بين المتزوجين والعزاب، وعهد مجتمعنا على غرار المجتمعات العربية والغربية على اتباع تلك الطريقة بتلبيس العريس الخاتم لعروسه يوم الزفاف، وكذلك الحال بالنسبة لها ويعلنان به عقد قرانهما باعتباره رمز وفاء ومحبة، ويتعهد الاثنان على عدم نزعه مهما كانت الظروف في سنوات الزواج. نسيمة خباجة حتى أننا بتنا نشاهد شيوخا تعدوا العقد الثامن ولازالوا يحتفظون بالذكرى وفاءً لزوجاتهم وسنين زواجهم التي أثمرت أبناء منهم من دخلوا بدورهم إلى عش الزوجية، وصار الابن يماثل أبيه في لبس الخاتم بل واقتدى به في سمات الوفاء والإخلاص، وتعتبر ميزة إيجابية التزم بها العديد من الشيوخ في مجتمعنا وهي السمة التي باتت تغيب أحيانا حتى على المتزوجين الجدد والتي ترمي في العادة إلى غايات سلبية قد تكون بنيَّة الخداع والغدر بالزوجة أو الخطيبة أو حتى قيام البعض بلبس الخاتم أمام أعين الزوجة ونزعه بعد ذلك، وهي الأمور التي من شأنها أن تهدم كيان الأسرة، ويبدو أن هؤلاء لم يأخذوا العبرة من شيوخ مثال في الوفاء بدليل التصاق خاتم الزواج بأصبعهم، وأبوا إلا نزعه حتى اللحظات الأخيرة من عمرهم ومنهم حتى من أوصوا على دفنهم به كعربون محبة لزوجاتهم اللواتي عاشوا معهن الحلو والمر لعقود. وعادة ما نشاهدهم وهم يتنقلون ويسعد الناظر إليهم خاصة وأنهم جسّدوا بارتداء الخاتم والتمسك به العشرة الطويلة والعلاقة الطيبة التي تربطهم بزوجاتهم. اقتربنا من البعض منهم للاستفسار عن دوافع بقاء ذلك الخاتم بأصبعهم وعدم مفارقته، فأجمع الكل على أنه دليل المحبة والعشرة الطيبة وسنوات الزواج الطوال التي قضوها بحلوها ومرها، منهم الحاج مصطفى، 82 عاما، التقيناه بمحطة أول ماي وجذبنا الخاتم الذي كان ملتصقا بأصبعه فسألناه عن سر الاحتفاظ به إلى ذلك العمر فأجاب أنه يلبس الخاتم منذ زواجه في سن الثالثة والعشرين ولم ينزعه ولو لمرة واحدة وزوجته كذلك، خاصة وأنه اقتنى حينذاك خاتمين من الفضة، خاتم لزوجته وخاتم له ومنذ يوم الزواج يحتفظ الاثنان بالخاتمين للذكرى، فزوجته ذكر أنها تبلغ من العمر 66 سنة ولازالت تلبس الخاتم وهو كذلك، واحتار كثيرا لهؤلاء الذين يتزوجون ويلبسون الخاتم لفترة قصيرة وبعدها ينزعونه، كما أكد أنه سوف لن ينزعه من يده إلى غاية مماته حفاظا على العهد والرباط المقدس والعشرة الحسنة مع قرينته. نفس ما راح إليه السيد الطيب، 70 عاما، الذي احتفظ بخاتم الخطوبة للذكرى خاصة وأن زوجته توفت منذ عامين وهي في سن الخامسة والخمسين بعد معاناتها من مرض مزمن، لكن يشهد أن علاقة زواجهما كانت طيبة اجتازها الاثنان بحلوها ومرها ورفض أن ينزع الخاتم الذي ألبسته إياه زوجته المرحومة منذ يوم زفافهما، كما يحتفظ بخاتمها كذكرى عزيزة عليه وفي الأخير اغرورقت عيناه ولم يسعنا إلا الدعاء لزوجته بالرحمة كما شجعنا فيه روح الوفاء والإخلاص وهي مشاعر يفتقدها الكثيرون في الوقت الحالي، بدليل أن الكثير من شبان اليوم لا يلبسون خاتم الارتباط لحاجة في نفس يعقوب، ومن أجل الدخول في مغامرات عاطفية يخادعون بها زوجاتهم وبنات الناس ويتحججون بألف حجة، ما قالته السيدة سهام التي أوضحت أن زوجها تخلى عن الخاتم منذ السنة الأولى للزواج وكانت في كل مرة تنشب مشاكل لنفس السبب حتى استاءت، وأجبرت على السكوت وكان زوجها يتحجج بعدم احتماله للبس الخاتم إلا أنها اكتشفت ومع مرور الأيام أنه يخدعها مع فتاة أخرى واستمرت في العلاقة لأجل طفليها ودعت له بالهداية. وفي استطلاعنا التقينا برجال يلبسون أكثر من خاتم وسبب ذلك أنهم يعددون الزوجات، منهم فريد رجل أعمال كان يلبس خاتمين فسألناه عن السر فقال إنه متزوج بسيدتين ولم يخف الأمر عن الاثنتين ليضيف إنه يحبهما ويعدل بينهما خاصة مع إمكانياته المادية، بحيث وفر لكل واحدة بيتا مستقلا، وذكر أنه لا يجد أي حرج في لبس خاتمين، كما بين حيرته من أناس متزوجين بواحدة ولا يلبسون خاتم الزواج في الوقت الذي يلبس فيه خاتمين كدليل عن الحب والاحترام للزوجتين معا.