بقلم: سركيس نعوم هل فقدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أملها في إقامة علاقة جيدة مع الإسلاميين السنّة وخصوصاً (الإخوان المسلمون) منهم، بعدما وصلوا الى السلطة في تونس ومصر وسيطروا على (الحركة) في ليبيا، وبعدما بدأوا يصبحون رقماً صعباً في سوريا رغم أن الحرب الدائرة فيها لم تنته بعد؟ الجواب الذي يقدمه متابعون للعلاقة بين إيران الإسلامية (الشيعية) والإسلاميين العرب (السنّة) يشير إلى وجود خيبة أمل في طهران جراء إخفاق محاولاتها الانفتاح على الإسلاميين وتحديداً (الإخوان) في لبنان وسوريا ومصر. ويشير أيضاً إلى أن القيادة فيها قاربت فقدان الأمل في قيام علاقة بين الطرفين تنبثق من الإسلام، وتقود الإسلاميين العرب وفي المنطقة كلها، بغية إقامة أنظمة أسلامية تحكم بواسطة الشرع، وتتعاون في ما بينها لمواجهة كل أنواع التحديات الخارجية، ولاستعادة كل الحقوق الوطنية والقومية التي سلبها الخارج من (الأمة)، بعدما فكّكها بسياساته الاستعمارية خلال القرن الماضي وربما قبله أيضاً. وهناك أكثر من دليل على ذلك منها رفض (الإخوان) السوريين الحوار مع مسؤولين إيرانيين في بيروت، وكذلك مع قيادات من (حزب الله) الأقرب إلى إيران في المنطقة. والدافع إليه كان الدعم الإيراني المستشرس لنظام الأسد الموغل في قمع غالبية شعبه الثائرة عليه، وفي استباحة دمها وممتلكاتها والوطن. وكان في الوقت نفسه الطابع المذهبي الذي اتخذته الحرب في سوريا، والعامل المذهبي الذي جعل إيران تقف مع الظالم في سوريا ضد المظلوم خلافاً لمبادئها الإسلامية وسياستها المعلنة. ومن الأدلة أيضاً إخفاق رهان إيران على مصر (الإخوانية) ورئيسها محمد مرسي. فهي سعدت باقتراحه لجنة رباعية من مصر والسعودية وإيران وتركيا تعمل لحل الأزمة السورية الخطيرة. ودعته إلى مؤتمر إسلامي في طهران، وأبدت الاستعداد التام لمساعدته في مجالات عدة منها الاقتصاد. لكنه خيّب أملها عندما دعا منها إلى رحيل النظام السوري، وعندما استهل خطابه بدعاء ديني لا يرتاح إليه الشيعة كثيراً ربما لأنه (ناقص)، وعندما رفض تمضية الليل في العاصمة الإيرانية لمقابلة المرشد الولي الفقيه آية الله علي خامنئي. ومن الأدلة ثالثاً نُصح النظام الإسلامي الإيراني الشيعة العرب بالانفتاح على مصر (الإخوانية) بعد إخفاقه في ذلك. إذ من شأن هذه الخطوة إذا نجحت تعزيز الدور الرائد لمصر الإسلامية وإضعاف الدور الرائد حالياً للسعودية الإسلامية المتطرفة مذهبياً في رأي طهران. هل هناك إجماع على أن إيران قطعت أملها في إقامة علاقة جدّية وجيدة مع (الإخوان المسلمين) ولا سيما في مصر وسوريا وخارجهما؟ لا يبدي (الإخوان) عموماً، واستناداً إلى المتابعين أنفسهم، أي اقتناع بأن إيران الإسلامية وصلت إلى مرحلة (قطع الأمل) المشار إليها أعلاه. فهي دولة جدية ومنظمة. تجري حسابات وتعيدها في استمرار. ولا يُدب فيها اليأس في سرعة. علماً أنها تعترف وبمرارة بفشل محاولاتها السابقة مع (الإخوان). وانطلاقاً من ذلك فإنها تستمر في العمل وعلى خطين كما هي عادتها. فمن جهة كانت تعدّ لاجتماع مع (إخوان) مصر في مؤتمر إسلامي تستضيفه باكستان بمساعدة (الجماعة الإسلامية) في هذه الدولة، وتحديداً مع الرئيس مرسي الذي كان سيترأس وفد بلاده. لكن الرئيس مرسي عدل عن الاشتراك شخصياً بسبب تردّي الأوضاع في مصر جراء انقسام الشعب المصري وبحدة إلى نصفين، واحد ضد (إعلانه الدستوري) الديكتاتوري، وآخر معه (حفاظاً على الثورة!). ومن جهة أخرى تتابع إيران (نشاطها) المصري المنفرد الذي لا يرتاح إليه المسؤولون المصريون عادة. أحد وجوه النشاط المذكور استعمال إيران وحلفائها في لبنان كلية دعوية لتنشئة علماء وإرسالهم الى مصر من أجل نشر (الدعوة). لكن قسماً مهماً من المرشحين لهذا الدور في رأي (الإخوان) سوريون يتم تدريبهم على (نشاطات) خاصة ثم يرسلون مع أموال إلى مصر. إلى ذلك لا يؤمن (الإخوان) عموماً بأن إيران صادقة في دعوتها إلى التلاقي الإسلامي. ذلك أن المؤشرات كثيرة على استمرار التزامها تنفيذ مشروعها الإقليمي المرفوض من غالبية العرب والإسلاميين السنّة، كما من المجتمع الدولي. وهذا أمر يمنع نجاحها في إقناع مصر بصدق نياتها. علماً أن هناك امراً آخر من شأنه طي صفحة موضوع علاقة إيران و(الإخوان) هو ما يواجهه هؤلاء في مصر من رفض قسم مهم من شعبها لسياسة الرئيس (الإخواني) مرسي، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن ثبات حكم (الإخوان) هناك وطول مدته.