يعد سوق باش جراح الموازي من بين أكثر الأسواق التي كان لإزالتها تأثيرا كبيرا على الذين كانوا يرتادونها من المواطنين البسطاء وذوي الدخل الضعيف. حيث بالرغم من أن القضاء عليها رفع الغبن عن سكان الحي من أصوات الباعة وشجاراتهم,كما سهلت عليهم حركة المرور، إلا أنها كانت نقمة عليهم في جانب الأسعار، فقد شهدت الخضر والفواكه ارتفاعا محسوسا للأسعار عما كانت عليه من قبل في وقت التجارة الموازية. الحاجة (يمينة) التقيناها في مخرج سوق الخضر والفواكه فسألنها عن حالها بعد إزالة السوق الموازية فقالت (يحسراه قْبل صح كان العياط و المشاكل بصحْ كان الزوالي عايش وضرك ولات الحاجة اللّي تمسها تحرقك). علما أن سعر البطاطا بلغ 80 دج والجزر 100دج والشيفلور ب120دج في حين كان سعر البطاطا لا يفوق 50 دينارا، تركنا الحاجة يمينه بعد أن شكرناها، ثم دخلنا سوق الخضر والفواكه فلاحظنا أن جل المحلات أصبحت مشغولة بعد أن كانت فارغة. سألنا الباعة عن سر هذا الارتفاع في الأسعار، فرد علينا أحد الباعة أنه شيء طبيعي نتيجة لغلاء أسعار الكراء، بالإضافة إلى الضرائب وزوال المنافسة غير الشرعية التي كانت تفرض علينا تخفيض الأسعار من أجل القدرة على المنافسة. انتقلنا بعدها إلى المركز التجاري الذي كان بجوار السوق الموازي أو ما يعرف بمركز (حمزة) لتطلع آراء التجار وكذا مرتادي هذا الفضاء التجاري الفخم، وكان معظمهم من الجنس اللطيف باعتبار أن معظم المحلات به تختص ببيع الملابس النسائية ومواد التجميل ولوازم البيت. سألنا بعضهم عن الأسعار بعد إزالة السوق الموازية فأكدوا لنا بأنها مرتفعة نوعا ما مقارنة بما كانت عليه من قبل فهناك ارتفاع بحوالي عشرين في المائة رغم أنها نفس السلع التي كانت تباع من قبل، هذا ما أثر بالسلب على القدرة الشرائية لذوي الدخل البسيط، منهم إحدى السيدات التي كانت بصدد اقتناء الجهاز لابنتها التي على وشك الزواج، إلا أن نار الأسعار لم تمكنها من شراء إلا القليل، كما أكدت أنها تضطر للانتقال حتى سوق بومرداس لانخفاض الأسعار به. هذا وأرجع التجار أسباب ارتفاع الأسعار إلى غلاء المنتوجات المستوردة في بلدانها وكذا ارتفاع أسعار الكراء. وفي ظل هذا الحال يبقى المواطن البسيط يتأرجح بين مطرقة الحاجة وسندان الأسعار.