حظيت عشر شخصيات معروفة لمساهمتها في تطوير الفن السينمائي بالتكريم في إطار الطبعة السادسة لمهرجان وهران للفيلم العربي الذي افتتحت فعالياته سهرة يوم السبت لتستمر على مدى أسبوع من العروض والأنشطة الموضوعاتية التي يعيد بعضها المشاهد إلى (الزمن الجميل). وقد برمجت هذه التكريمات، منها أربعة بعد الوفاة بمناسبة حفل الافتتاح الرسمي لهذه الطبعة الجديدة على مستوى مركز المؤتمرات (محمد بن أحمد). وقد خصت هذه الالتفاتة لكل من السيد بوعلام بسايح والمجاهدة السيدة زهرة ظريف بيطاط والفنانة نورية قصدرلي ورونيه فوتييه ومحمد بن صالح والحاج بن صالح وسيرات بومدين (1927-1995) وعائشة عجوري (كلثوم) (1916-2010) وجيلو بونتيكورفو (1916-2006) ورشيد فارس (1955-2012). وأوضح منظمو المهرجان أنه (من الواجب أن نروي المآثر وتكريم كما ينبغي أولئك الذين تبقى أسماؤهم راسخة في قلب الأشرطة القديمة وأعطوا الكثير للإبداع السينماتوغرافي). ويمكن هذا التكريم للجمهور من معرفة أحسن لمسيرة هذه الشخصيات الثقافية والفنية التي بدأت بالنسبة لأغلبهم خلال الفترة الاستعمارية في ظل ظروف صعبة جراء الرقابة على كل شكل من أشكال التعبير الوطني. وقد سمح استرجاع السيادة الوطنية لتلك الوجوه بالبروز والعمل على تعزيز الرصيد السينمائي الجزائري على غرار السيد بوعلام بسايح الذي شارك في إثراء المكتبة الوطنية بعدة مؤلفات تخص مجالات التاريخ والأدب، فضلا عن منح الفن السابع أيضا سيناريو الفيلم الملحمة (بوعمامة) من إخراج بن اعمر بختي. وتشكل من جهتها السيدة زهرة ظريف بيطاط رمزا قويا لمساهمة المرأة الجزائرية في الكفاح من أجل الاستقلال والمعروفة على وجه الخصوص لدورها في معركة الجزائر، إلى جانب علي لا بوانت وحسيبة بن بوعلي وياسف سعدي والذي كلفها عقوبة سجن ثقيلة كتبت خلالها شهادتها بعنوان (موت إخوتي). ولقبت الفنانة نورية قصدرلي واسمها الحقيقي خديجة بن عبيدة ب(زهرة المسرح الجزائري) كونها صنعت بداياتها الفنية في هذا المجال، إلى جانب محي الدين بشطرزي وكلثوم وعلال المحب ومصطفى كاتب وغيرهم قبل أن تتألق في الشاشة عبر العديد من الإنتاجات مثل (الليل يخاف من الشمس) لمصطفى بديع (1964). ويعد رونيه فوتييه بين أولئك الرجال الذين تبنوا القضية الجزائرية، حيث لم يتردد في التنديد بواسطة الصورة بوحشية قوات الجيش الفرنسي ضد القرى والدواوير لا سيما من خلال أفلامه المناهضة للاستعمار تحت عنوان (أفريقيا 50) (1950) و(أمة: الجزائر) (1954) و(الجزائر الملتهبة) (1958) (في العشرين من العمر بالأوراس) (1972). أما محمد بن صالح فهو ناقد ومؤلف مخرج وأستاذ باحث ولديه رصيد لا يستهان به من الأفلام القصيرة والطويلة مثل (البعض والبعض الآخر) (حائز على جائزة ببلجيكا) ومسرحيتين وأفلام تلفزيونية ووثائقية (زوم على الفن السابع) للتلفزيون الجزائري ومؤلفات فضلا عن كونه عضوا في لجان التحكيم لعدة مهرجانات دولية للسينما. أما الحاج بن صالح فأطلق عليه اسم (مايسترو السينماتيك) بعد أن أمضى معظم حياته المهنية في قاعة العرض لوهران أين أنشأ المهرجان الدولي الأول للفيلم القصير مع تكثيف الموائد المستديرة والمحاضرات حول الفن السابع لفائدة الجمهور عموما ونوادي هوة السينما خاصة. واغتنم منظمو هذه الطبعة السادسة لمهرجان وهران للفيلم العربي هذا الموعد الثقافي من أجل التطرق إلى المسيرة اللامعة لوجوه فنية راحلة على غرار سيرات بومدين الذي تألق كممثل على ركح المسرح والشاشة خاصة في مسرحية (لجواد) للراحل عبد القادر علولة وفي أفلام (الغبار) لعبد الكريم بابا عيسى (1991) و(حسن نيا) لغوتي بن ددوش (1988) وأدائه الدور الرئيسي في (الصورة) للحاج رحيم، إلى جانب السلسلة (عايش بالهف) لمحمد حويدق و(شعيب لخديم) بقدور إبراهيم زكريا. كما تعتبر عائشة عجوري المعروفة باسمها الفني (كلثوم) من بين الأسماء الكبيرة للفن الجزائري في مجالات السينما والمسرح والتلفزيون وتعد أيضا (ملكة الركح والشاشة الكبيرة) كونها كانت أول امرأة عربية تطأ البساط الأحمر في أكبر مهرجان دولي للسينما (كان 1967) وأول امرأة عربية تصعد على ركح قاعة الأولمبيا بباريس في الأربعينيات بعد أن اكتشفها سنة 1935 محيي الدين بشطرزي عميد الممثلين الجزائريين. من جهته أخرج السينمائي الإيطالي جيلو بونتيكورفو الفيلم الشهير (معركة الجزائر) الذي يعتبر أهم عمل في مشواره الفني المهني لتميزه بإعادة تشكيل حلقة أساسية من الثورة التحريرية، مبرزا بواقعية وموضوعية ممارسات الجيش الفرنسي خلال معركة الجزائر الحقيقية. أما رشيد فارس فقد رحل في سن مبكر (56 سنة) بعد مسيرة اتسمت بحبه الكبير للفن السابع وقد أمتع الجمهور الجزائري بدوره في فيلم (التاكسي المخفي) لبن اعمر بختي (1989) و(غوربي بالاس) لبشير درايس (2006) وحديثا في فيلم (مصطفى بن بولعيد) لأحمد راشدي (2009).