* دول إفريقية تقرع طبول التدخّل العسكري في مالي أعلنت ليبيا غلق حدودها الجنوبية مع الجزائر وثلاث دول مجاورة مؤقّتا، ويتعلّق الأمر بكلّ من السودان، النيجر وتشاد بسبب التدهور الأمني الذي تعيشه منطقة الجنوب الليبي التي تمّ إعلانها منطقة عمليات عسكرية مغلقة إلى حين استعادة استقرار البلاد، وهو أمر قد يريح نسبيا الجزائر التي تعاني كثيرا من عملية مراقبة حدودها مع ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الرّاحل معمر القذافي. أفادت وكالة الأنباء الليبية مساء أوّل أمس الأحد بأن القيادة الليبية قرّرت غلق الحدود الجنوبية للبلاد مع الجزائر وثلاثة دول أخرى تتمثّل في كلّ من تشاد، السودان والنيجر بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة في المنطقة معلنة الجنوب منطقة عسكرية مغلقة. وأوضح بيان نشرته الوكالة الإخبارية أن المؤتمر الوطني العام، والذي يعتبر أعلى هيئة سياسية في البلاد (قرّر إغلاق الحدود الجنوبية لليبيا مع السودان والنيجر وتشاد والجزائر مؤقّتا إلى حين تنظيمها وإعادة فتحها بالتنسيق مع دول الجوار)، أكّد نص البيان الذي صوّت عليه المؤتمر بأغلبية 136 صوت يوم الأحد الفارط في مادته الأولى، على أن (تكون مناطق غدامس وغات وأوباري والشاطئ وسبها ومرزق والكفرة منطقة عمليات عسكرية مغلقة طبّقت بشأنها التشريعات الاستثنائية الواردة بالخصوص). وتضمّنت المادة الثالثة من القرار تكليفا لوزير الدفاع (بتعيين حاكم عسكري للمنطقة الجنوبية، على أن يكون من خارجها ويمنح كافّة الصلاحيات المخوّلة للسلطة التنفيذية في هذا الخصوص بما في ذلك القبض على المطلوبين للعدالة في هذه المناطق وإبعاد المتسلّلين عبر الحدود وإعادتهم إلى أوطانهم وله أن يستعين بمن يراه مناسبا لتحقيق ذلك)، كما كلّف القرار نفس المسؤول (بالتشاور مع المؤتمر الوطني العام بتسمية الحاكم العسكري ومعاونيه للمنطقة سالفة الذكر) وخوّله حسب المادة الخامسة (اتّخاذ كافّة الإجراءات الضرورية واللاّزمة لتأمين وحماية الحدود الجنوبية للتراب الليبي). وأكّدت النائبة سعاد غانور ممثّلة عن مدينة سبها في المؤتمر الوطني أن قرار إغلاق الحدود قرار مؤقّت إلى حين استرجاع الأمن في المنطقة، مندّدة بزيادة تدفّق المهاجرين غير الشرعيين تحسّبا لعمل عسكري دولي محتمل في مالي لطرد المجموعات المسلّحة التي تسيطر على شمال البلاد. للإشارة، فقد كان رئيس الوزراء الليبي علي زيدان العائد من جولة إقليمية قادته إلى الجزائر والنيجر وتشاد والسودان، قد أعلن في وقت سابق بالعاصمة طرابلس أن اتّفاقا رباعيا سيتمّ التوقيع عليه لإحلال الأمن على الحدود مع هذه الدول. دول غرب إفريقيا تصرّ على الحلّ العسكري في مالي من جهة أخرى، ذكرت سالاماتو حسين سليمان مفوضة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للشؤون السياسية والسلام والأمن هذا الأسبوع، أن الخيار السلمي الذي تسعى بعض الدول لتغليبه غير كفيل بحلّ الأزمة الأمنية القائمة في مالي، لا سيّما مع وجود أطراف مالية لا تؤمن بفكرة الحوار، ومن جانب آخر أعلنت مفوضية (الإيكواس) أن دول غرب إفريقيا لن تستمرّ في مفاوضات (غير مجديةّ) لإنهاء الانقسام والتوتّر الأمني الذي تعيشه البلاد، خاصّة مع النشاط المتزايد لما يعرف بالجماعات الإرهابية وانتشار التطرّف، يأتي هذا في وقت تسير فيه الأوضاع نحو تبني المقاربة الجزائرية الداعمة للحلّ السلمي الذي يلزم جميع الأطراف بالحوار للخروج بحلّ سياسي يرضي الجميع. يستمرّ إصرار المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على تبنّي الخيار العسكري لإنهاء الأزمة في الشمال المالي رغم أن جميع المؤشّرات توحي بالتوجّه نحو تبنّي المقاربة الجزائرية الداعية إلى ضرورة اعتماد الحلول السلمية المبنية على الحوار وجعل الخيار العسكري آخر الحلول، وفي هذا الإطار أعلنت سالاماتو حسين سليمان مفوضة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للشؤون السياسية والسلام والأمن في بيان أصدرته المجموعة أوّل أمس الأحد ونشر على مواقع إلكترونية أن الخيار السلمي لا يكفي لحلّ الأزمة في مالي، موضّحة أن (الاعتماد على الحوار فقط لحلّ الأزمة الأمنية في مالي لن يساعد في حلّها). وأضافت سليمان في ذات السياق أن الحوار ما يزال أحد الخيارين المطروحين لإنهاء الأزمة المالية، غير أن المشكل يكمن في وجود أطراف في مالي لا تعترف بفكرة الحوار. وقالت المفوضية في هذا الصدد: (رغم أن الحوار مازال أحد الخيارين المفضّلين لحلّ الأزمة إلاّ أن جهات لها صلة بالأزمة في مالي لا تؤمن بالحوار ولا تميل إليه)، وأكّد بيان المجموعة التي تتّخذ من العاصمة النيجيرية أبوجا مقرّا لها أن مفوضة (الإيكواس) للشؤون السياسية ناقشت مشكلة الأمن في مالي مع قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا الجنرال كارتر هام خلال زيارته الأخيرة لأبوجا. من جانب آخر، أشار بيان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إلى أن مفوضة الشؤون السياسية والسلام والأمن حسين سليمان تعتقد أن دول غرب إفريقيا لا يمكن أن تستمرّ في مفاوضات غير مجدية لحلّ الأزمة في مالي، لا سيّما بعد انتشار عمليات التطرّف ومظاهر العنف وتزايد نشاط ما يعرف بالجماعات الإرهابية في المنطقة الشمالية للبلاد التي تعيش توتّرا سياسيا وأمنيا خطيرا عقب الانقلاب العسكري الأخير الذي أطاح بالرئيس السابق لمالي أمادو توريه شهر مارس الفارط. وكان الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان قد أبدى تأييده القوي للقرارات والتوصيات التي خرج بها وزراء دفاع الدول الأعضاء بالمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا مؤخّرا فيما يتعلّق بالتدخّل العسكري في مالي من خلال العمل من أجل إرسال قوة عسكرية قوامها 3300 جندي تمّ رفعها مؤخّرا إلى 5500 جندي على الأراضي المالية لاستعادة الاستقرار وطرد ما يعرف بالجماعات الإرهابية التي تسيطر على المنطقة. وطالب الرئيس النيجيري خلال الكلمة الافتتاحية لقمّة (الإيكواس) الأخيرة، والتي عقدت بالعاصمة أبوجا زعماء غرب إفريقيا (بالخروج بقرارات جريئة لمساعدة كلّ من همالي وغينيا بيساو على استعادة الأمن)، في حين حافظت دول الجوار الأخرى على غرار موريتانيا والجزائر على موقفها الداعم لاعتماد الحلّ السلمي وإشراك كافّة الأطراف غير (الإرهابية) في عملية الحوار وجعل الخيار العسكري آخر الحلول. للإشارة، فقد انتهى قادة جيوش الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا ليلة السبت إلى الأحد الماضي من وضع اللّمسات الأخيرة على خطتهم العسكرية التي ستسمح بنشر قوات مسلّحة على الأراضي المالية لاستعادة استقرار البلاد وطرد الجماعات المسلّحة التي تسيطر على الشمال منذ أكثر من ثمانية أشهر.