في مثل هذا اليوم من العام الماضي تمنّيت كما تمنّى الكثير من الجزائريين أن تكون سنة 2012 سنة خير وبركة على الرياضة الجزائرية، وفيما حلم الكثيرون خاصّة الساهرون على الرياضة الجزائرية بأن يحقّق رياضيونا نتائج باهرة في أولمبياد لندن، كيف لا ووزارة الشباب والرياضة رصدت أموالا لا تعدّ ولا تحصى للرياضيين المتأهّلين إلى أولمبياد لندن التي جرت في منصف الصائفة الماضية، لكن وللأسف جميع وعود رؤساء الاتحادات الرياضية التي مثّل رياضيوها الجزائر في هذا العرس الرياضي العالمي تبخّرت، لكن لا أحد تجرّأ وفتح ملف (الإخفاق) والأموال التي أهدرت في تحضيرات تأكّد فيما بعد أنها كانت من أجل قضاء (الليالي الملاح) في أفخم الفنادق الأوروبية. وقبل أن يسدل الستار عن عرس (لندن) أطلّ علنا ابن مدينة سوق أهراس إطلالة الشمس فجر كلّ يوم، مانحا الجزائر ميدالية ذهبية، وهي الوحيدة في الألعاب، منقذا الرياضة الجزائرية من (تبهديلة) كبيرة. فحتى وإن فرح جميع الجزائريين بهذه الميدالية، إلاّ أنها وللأسف كانت أشبه بالشجرة التي تستّر وراءها مسيّرو الرياضة الجزائرية. إعداد: كريم مادي بعيدا عن ذهبية توفيق مخلوفي، حقّق المنتخب الوطني هدفه المنشود ببلوغه الأدوار النّهائية لكأس أمم إفريقيا المقبلة، والتي ستعطى إشارة انطلاقتها يوم 19 جانفي المقبل بجنوب إفريقيا، لكن بالمقابل تواصل إخفاق الأندية الجزائرية في المحافل القارّية، وسجّلت نوادينا كبوة إضافية تضاف إلى كبوة المنتخب الوطني لأقلّ من 17 سنة بإقصائه من كأس أمم إفريقيا المقبلة. ومن كرة القدم نبدأ حصاد الرياضة الجزائرية في سنة 2012. "الخضر" يعودون إلى العرس القارّي بعد غيابه عن الدورة الخيرة التي جرت مطلع هذا العام في كلّ من الغابون وغينيا الاستوائية، استعاد المنتخب الوطني لكرة القدم هيبته المفقودة بتمكّنه من بلوغ العرس القارّي المقبل بجنوب إفريقيا بعد أن أزاح من طريقه المنتخبين الناميبي والليبي بفوزه عليهما ذهابا وإيّابا. بلوغ المنتخب الوطني دورة جنوب إفريقيا أعاد البسمة إلى الجمهور الرياضي الجزائري، وبات ينتظر مواجهات (الخضر) بفارغ الصبر بعد أن أوقعته في مجموعة وصفت بالنّارية، حيث ضمّت كلاّ من كوت ديفوار، تونس والطوغو. بداية عسيرة ل "الخضر" في طريق المونديال لعب المنتخب الوطني خلال هذه السنة مباراتين في تصفيات كأس العالم المقبلة بالبرازيل 2014، فبعد أن دشّن التصفيات بفوز ساحق على المنتخب الرواندي بملعب (مصطفى تشاكر) برباعية لواحد، وقبل ذلك بيوم خسر منتخب مالي أمام البينين بهدف لصفر، الأمر الذي وضع المنتخب الوطني في رواق جيّد للحفاظ على المركز الأوّل على اعتبار أن المواجهة الموالية خاضها زملاء مجيد بوفرة بالعاصمة البوركينابية بقرار من الاتحاد الإفريقي للّعبة لأسباب أمنية. لكن بالرغم من الملعب المحايد إلاّ أن المنتخب الوطني خسر اللّقاء بهدفين لصفر، علما بأن (الخضر) كانوا السبّاقين إلى التسجيل بواسطة سليماني. لتنتهي المباراة بخسارة أشبال حليلوزيتش بهدفين لهدف، فوز مكّن المنتخب المالي من اللّحاق بمنتخبنا الوطني، تاركا الصفّ الأوّل لمنتخب البينين المتعادل في رواندا بهدف لمثله. وقبل أن نترك المنتخب الوطني أكابر نتوقّف قليلا مع المنتخب الوطني لأقلّ من 17 سنة، فعكس كلّ التكهّنات أقصي في الدور الثاني من تصفيات كأس أمم إفريقيا على يد المنتخب البوتسواني بضربات الجزاء، إقصاء وصف بالضربة الموجعة لرأس رئيس (الفاف) محمد روراوة الذي تأكّد له جليا محدودية اللاّعبين الجزائريين الشبّان، ممّا دفعه إلى مطالبة الساهرين على الأصناف الصغرى بالاعتماد مستقبلا على اللاّعبين الذين ينشطون خارج الجزائر. "الخضر" لأوّل مرّة ضمن ال 20 الأوائل في ترتيب "الفيفا" لأوّل مرّة في تاريخ ترتيب (الفيفا) تواجد منتخبنا الوطني ضمن ال 20 الأوائل عالميا، حيث حلّ في ترتيب شهري نوفمبر وديسمبر الجاري في المركز ال 19 الذي لم يسبق للجزائر وأن تواجدت فيه حتى في عزّ قوة (الخضر) تحت راية الشيخ رابح سعدان. وبذلك يبقى المنتخب الجزائري أحسن المنتخبات العربية في ترتيب (الفيفا) وثاني منتخب إفريقي بعد فيلة كوت ديفوار المنافس المقبل في نهائيات كأس أمم إفريقيا بجنوب إفريقيا. الملفت للنّظر في ترتيب المنتخب الجزائري أنه يتأخّر بمركز واحد عن المنتخب البرازيلي بطل العالم لخمس مرّات ومعقل كرة القدم الحديثة، وبمركزين عن المنتخب الفرنسي بطل العالم لسنة 1998 ووصيف دورة 2006، زد على ذلك أن المنتخب الجزائري يتقدّم العديد من المنتخبات الكبيرة التي لها شأن كبير في عالم (الساحرة) منها على وجه الخصوص منتخبات الدانمارك، بلجيكا، اليابان، السويد والنرويج. سنة للنّسيان للنّوادي الجزائرية قارّيا نبقى في عالم (الساحرة) ونتوقّف مع المشاركة الجزائرية في المنافسات القارّية للأندية، حيث اقتصر التمثيل هذا العام على فريقين فقط في المنافسات القارّية هما جمعية الشلف في دوري الأبطال ووفاق سطيف في كأس (الكاف). فإذا كان الوفاق قد خرج مبكّرا من المنافسة عقب سقوطه في فخّ الغرور أمام نادي سيمبا التنزاني، فإن الممثّل الجزائري الثاني جمعية الشلف وبقدرة قادر بلغ دور المجموعات. لكن يا ليت زملاء سمير زاوي خرجوا مبكّرا من المنافسة، كيف لا والفريق الشلفاوي مني بخمس هزائم من ستّ مباريات، وفاز في لقاء واحد على فريق الترجي بملعبه بعد أن قدم الأخير إلى مدينة الشلف بتشكيلته الثانية. "سوناطراك" تعيد مولودية الجزائر شهدت سنة 2012 عودة فريق مولودية الجزائر إلى المؤسسة (الأمّ) سوناطراك بقرار حكومي بعد أن كان عميد الأندية الجزائرية حكرا على أيادي لا علاقة لها بفريق بحجم مولودية العاصمة. إضافة إلى فريق المولودية وبقرار وزاري كذلك، باتت العديد من الأندية المحلّية تحت رحمة مؤسسة سوناطراك وفروعها، منها أندية شبيبة الساورة ومولودية وهران، ولا ننسى شباب قسنطينة. ثنائية تاريخية لوفاق سطيف على الصعيد المحلّي يمكن وصف سنة 2012 بالتاريخية لفريق وفاق سطيف بعد أن حصد الثنائية البطولة والكأس، فبعد أن توّج بلقب البطولة الوطنية عن جدارة واستحقاق أضاف إلى سجِّله الثري لقب الكأس بتغلّبه في المباراة النّهائية على شباب بلوزداد بملعب 5 جويلية بهدفين لواحد بعد الوقت الإضافي. ويعدّ تتويج الوفاق بالثنائية بعد 44 سنة من الانتظار، عن آخر فوزه بالثنائية سنة 1968. حيمودي أحسن حكم إفريقي.. و15 حكما جزائريا يحصلون على شارات دولية في مجال التحكيم شهدت سنة 2012 اختيار الحكم الجزائري جمال حيمودي كأحسن حكم في القارّة السمراء، وتمّ تكريمه مؤخّرا في العاصمة الغانية أكرا، وهو الجزائري الوحيد من بين عدد كبير من الحكّام الذين تمّ تكريمهم اعترافا بما قدّموه خلال هذه السنة. ونبقى في عالم التحكيم الكروي، حيث تميّزت سنة 2012 كذلك بمنح عشرة حكّام جزائريين الشارة الدولية، منهم من احتفظ بشارته وواحد فقط دخل القائمة، والتي ضمّت كلاّ من جمال حيمودي، محمد بنوزة، سفيان بوستر، محمد بيشاري، مهدي عبيد شارف، مختار عمالو، فاروق حواسنية وصفية عيوني. حكّام مساعدون: عبد الحقّ أتشيالي، براهيم مكنوس، محمد بن عروس، حمزة حمو، بوعبد اللّه عماري، محمد بيطام ومحمد بشران. سفيان فغولي يتوّج بالكرة الذهبية الجزائرية كما كان منتظرا توّج الدولي الجزائري سفيان فغولي بالكرة الذهبية الجزائرية لهذه السنة، والتي تمنحها سنويا صحيفتا (الهدّاف) و(لوبيتور). وبذلك يعوض لاعب فالنسيا الإسباني زميله في المنتخب الوطني رياض بودبوز المتوّج بها العام الماضي. كرة اليد الجزائرية.. سنة الفضائح ستبقى سنة 2012 بالنّسبة لكرة اليد الجزائرية سنة سوداء من الصعب نسيانها، كيف لا والمنتخب الجزائري التي كان يضرب به المثل في البطولة الوطنية ومستوى أنديتنا الرّفيعة بات يفتقر إلى بطولة وطنية، بعد قرار كلّ من أندية المجمّع النفطي وشبيبة الأبيار ومولودية سعيدة مقاطعة الموسم الأخير 2011/2012، لتدخل كرة اليد الجزائرية في خانة (الممنوعات) واضطرّ رئيس الاتحاد الدولي للّعبة إلى تهديد الجزائر بسحب منتخبها من مونديال إسبانيا أن لم يتمّ إيجاد حلّ لمعضلة البطولة الوطنية. لكن هل وجد ساسة كرة اليد الجزائرية حلاّ لمهازلهم؟ الجواب لا، والخاسر الأكبر هو فريق المجمّع النفطي الذي حرم من جديد من خوض نهائيات كأس أمم إفريقيا للأندية تاركا المجال لناديي شبيبة سكيكدة وأولمبي الوادي، لكن كلا الفريقين فشلا في انتزاع اللّقب القارّي بالمغرب. ذهبية مخلوفي.. الفتى الذهبي ركض مخلوفي البالغ من العمر 24 سنة، أسرع من الجميع في الملعب الأولمبي في لندن لينهي سباق 1500 متر الشاقّ في ثلاث دقائق و34.08 ثانية ويحقّق انتصارا غير مرجّح بعد 24 ساعة فقط من قرار الاتحاد الدولي لألعاب القوى بالسّماح له بالمشاركة. وتفوّق مخلوفي على الأمريكي ليونيل مانزانو وأكمل المغربي عبد العاطي أيكيدير ثنائية عربية رائعة فوق منصّة التتويج بحصوله على الميدالية البرونزية. ولأنه انتصار لم يتوقّعه أحد فإن مخلوفي نفسه وصفه بأنه جاء (بإرادة اللّه). وقال البطل الجزائري للصحفيين (إنها إرادة اللّه، أمس تمّ استبعادي من الألعاب واليوم عدت، أهدي الفوز للشعب الجزائري وللعالم العربي بأسره)، وأضاف وسط دموعه لدى وصوله إلى الجزائر: (هذا أغلى ما يمكن أن أهديه لوطني الذي ضحّى من أجله الشهداء وللعرب كلّهم). ذهبية مخلوفي والسقوط الحرّ للبقية ذهبية مخلوفي كانت كلّ ما حقّقته الجزائر في ألعاب لندن في الصائفة الأخيرة بعدما فشل وفدها الذي ضمّ فريقا جماعيا وحيدا هو كرة الطائرة للسيّدات في الوصول إلى أيّ ميدالية أخرى من أيّ نوع. وخسرت سيّدات الكرة الطائرة جميع المباريات الخمس للفريق في لندن في غياب القائدة فاطمة الزهراء للإصابة. وغير بعيد عن السيّدات أفاقت لاعبة الجيدو صوريا حداد صاحبة برونزية في بكين 2008، على كابوس بعدما ودّعت دورة لندن من الدور الأوّل. كما فشل السبّاح نبيل كباب في تجاوز تصفيات سباق 100 متر حرّة في دورة لندن الأولمبية. واحتلّ كباب المركز الرّابع في مجموعته بالتصفيات مسجّلا 50.37 ثانية، وهو ما يزيد بفارق 1.38 ثانية على الزمن الذي حقّقه شون فريزر سبّاح جزر كايمان آخر المتأهّلين إلى الدور قبل النّهائي. رياضة الفوفينام تهدي الجزائر اللّقب القارّي في ظلّ الإخفاق الكبير الذي سجّلته العديد من الرياضات في هذه السنة، وقبل شهر من توديعنا لهذه السنة، أطلّ علينا المنتخب الجزائري لرياضة الفوفينام من قاعة حرشة بالجزائر العاصمة، مانحا الجزائر أوّل لقب قارّي في هذه الرياضة بفضل تألّق العديد من الأسماء الرنّانة نخص بالذكر كلاّ من خير الدين حليمي والأخوين رابيا، تتويج وضع الجزائر على أعلى هرم إفريقيا. مهزلة ميدان ملعب 5 جويلية بالعودة إلى عالم كرة القدم نتوقّف ولو قليلا أمام مهزلة ملعب 5 جويلية، حيث تحوّلت أرضية ميدان هذا الأخير إلى أضحوكة ومحلّ سخرية لدى عشّاق المواقع الرياضية والتواصل الاجتماعي، كيف لا وقد تحوّلت أرضية ميدان ملعب 5 جويلية خلال اللّقاء الودّي الذي خاضه منتخبنا الوطني أمام منتخب البوسنة والهرسك إلى أشبه بحقل لزراعة البطاطا، إلى درجة أن الكثيرين باتونا يطلقون على ملعب 5 جويلية تسمية (ملعب المزرعة). ورغم هول (الكارثة) إن صح التعبير إلاّ أن خرجة الوزارة الوصية اقتصرت على تنحية مدير مركب محمد بوضياف، أمّا الحديث عن الأموال التي صرفت على هذا الملعب لإعادة تهيئته فيبقى مؤجّلا إلى إشعار آخر. محمد تهمي يعوّض جيّار على رأس وزارة الشباب والرياضة شهدت سنة 2012 تعيين اسم جديد على رأس وزارة الشباب والرياضة، ويتعلّق الأمر باللاّعب السابق لكرة اليد محمد تهمي، حيث عوّض الوزير الهاشمي جيار. وجاء هذا التعيين في ظروف عرفت فيها الرياضة الجزائرية تقهقرا ملحوظا. وعلى ذكر الوزير جيّار فقد وصف هذه السنة بالكارثية بقوله الخميس الماضي أثناء تكريم الرياضيين المتفوّقين خلال هذا العام: (الميدالية الذهبية التي نالها توفيق مخلوفي في أولمبياد 2012 لا تعكس أبدا واقع الرياضة الجزائرية التي تراجعت بشكل ملحوظ). وأبدى الوزير تأسّفه قائلا: (النتائج المحقّقة في كلّ من ألعاب الدوحة ومابوتو لا تعكس صورة الرياضة ولا مجهودات الدولة في هذا المجال)، في حين شدّد المسؤول الأوّل عن قطاع الرياضة في الجزائر على ضرورة تشجيع بعض الرياضيين. الوزير اعترف بالواقع المرّ للرياضة الجزائرية بقوله: (هذا الواقع يفرض على كلّ الرياضيين بما فيها الوصاية والاتحاديات الرياضية وأندية النخبة أن تراجع تماما نظام التسيير الإداري والمنهجية والتحضير الفنّي للرياضيين والمنتخبات الوطنية). سنة 2012... وداعا كدو.. وداعا فريحة.. وداعا طالبي بعيدا عن لغة الأرقام، شهدت سنة 2012 رحيل العديد من الأسماء في عالم الرياضة الجزائرية، نخص بالذكر ثلاثي المنتخب الوطني في سنوات السبعينيات، الأوّل جمال كدو مدافع اتحاد العاصمة والثاني عبد القادر فريحة مهاجم مولودية وهران والثالث مهاجم رائد القبّة أمحمد طالبي، ثلاثة أسماء ودّعتنا إلى الأبد تاركة وراءها فراغا كبيرا في عالم المستديرة في الجزائر. فرحم اللّه كلّ من فارقنا في هذا العام، راجين من العلي القدير أن يتغمّد الجميع برحمته الواسعة وأن يسكنهم فسيح جنانه.. {إنّا للّه وإنّا إليه راجعون}.