أطلق عدد من الدبلوماسيين الجزائريين المخطوفين في مالي صرخة استغاثة، مناشدين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة التدخّل، بطريقة ما، لإنقاذهم من مخالب الخاطفين الذين يتربّصون بهم، وبدا الدبلوماسيون شبه يائسين وهم يخاطبون (الجزائر) حكومة وشعبا، متمنّين تلبية مطالب الخاطفين على أمل نجاتهم من مصير القتل. بثّ الموقع الإخباري الموريتاني (الأخبار.أنفو) أمس الأربعاء شريطا مصوّرا يظهر فيه ثلاثة رهائن جزائريين تحتجزهم حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وهم يطالبون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإيجاد حلّ لوضعيتهم. ويبدو من الفيديو أن الدبلوماسين الجزائرين والمحتجزين لدى التوحيد والجهاد من بداية إبريل الماضي بصحّة جيّدة، وقد ظهروا وهم يرتدون قمصانا أفغانية على غرار خاطفيهم، ويظهر أحدهم وهو يتحدّث بشكل غير مسموع بوضوح فيما يقول آخر: (نناشد السيّد رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقه إيجاد حلّ لوضعيتنا وتلبية مطالب الجماعة من أجل الرّجوع إلى أهالينا). وأضاف هذا المختطف: (كانت لنا فرصة لمغادرة مدينة غاو قبل الاختطاف، لكننا لبّينا مطالب وزارة الشؤون الخارجية [الجزائرية] وبقينا من أجل رعاية مصالح الجالية)، مضيفا (الآن نطلب منه رئيس الجمهورية أن يساعدنا وأن يلبّي مطالب الجماعة من أجل الخروج والعودة إلى أهالينا سالمين معافين إن شاء اللّه). واقتصر حديث آخر الرّهائن على قوله: (نطلب من السيّد رئيس الجمهورية [ومن الجزائر] شعبا وحكومة تلبية مطالب الجماعة لإخراجنا من هذه الأزمة وإرجاعنا إلى أهالينا سالمين معافين). وحسب ما ذكره الموقع الموريتاني، يعود تسجيل هذا الحديث إلى شهر نوفمبر الماضي. وزارة الخارجية: "مجنّدون لتحرير دبلوماسيينا" في أوّل ردّ رسمي على (صرخة الاستغاثة)، قال النّاطق الرّسمي لوزارة الشؤون الخارجية السيّد عمار بلاني إن الدولة الجزائرية مجنّدة بشكل (كلّي) من أجل إطلاق سراح دبلوماسييها المختطفين في غاو (مالي)، مضيفا أن الاتصالات مع مختلف المحاورين وعبر شتى القنوات (متواصلة). ردّا على سؤال لوكالة الأنباء الجزائرية حول شريط الفيديو الأخير حول الدبلوماسيين الجزائريين المحتجزين بمالي الذي بثّ على الموقع الإخباري الموريتاني (الأخبار.أنفو) أوضح السيّد بلاني: (ليس لديّ أيّ تعليق خاص حول ذلك الفيديو، إلاّ أنني أؤكّد أن أجهزة الدولة الجزائرية مجنّدة بشكل كلّي من أجل عودة مواطنينا سالمين معافين). كما أشار السيّد بلاني إلى أن (الاتّصالات متواصلة مع مختلف المحاورين وعبر شتى القنوات، وأن خلية الأزمة المشكّلة لهذا الغرض تجتمع بشكل منتظم وتبقى في اتّصال مستمرّ مع عائلات الرّهائن). وبخصوص الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين من طرف الحركة من أجل التوحيد والجهاد في إفريقيا الغربية كان الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيّد عبد القادر مساهل قد أكّد في حديث نشر في ال 22 نوفمير 2012 أجرته معه صحيفة (لوسوار دالجيري) أن (مصير الرّهائن الجزائريين يبقى ضمن محور انشغالاتنا ويجنّد أجهزة الدولة باستمرار)، مضيفا أنه لا يمكنه قول المزيد (لضرورة السرّية). للتذكير فإن قنصل الجزائر بغاو (مالي) وستّة من معاونيه تمّ اختطافهم في الخامس أفريل 2012. حرب وشيكة بمالي قال الرئيس الانتقالي في مالي ديونكوندا تراوري إنه لن ينتظر شهورا عدّة قبل شنّ حملة عسكرية لاستعادة السيطرة على شمال البلاد من الجماعات الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة. يأتي ذلك مع إعلان كندا أنها تدرس إرسال قوات إلى مالي لتدريب جيشها قبل شنّ حملة عسكرية دولية بقيادة إفريقية لاستعادة الشمال. قال تراوري في خطاب بمناسبة رأس السنة الميلادية: (إن الحرب القانونية السريعة النظيفة التي نريد شنّها بدعم المجتمع الدولي تحتاج إلى مزيد من الوقت لصقل النّواحي التقنية والقانونية كافّة)، لكنه أضاف (على أيّ حال بإمكاني إخباركم شيئا واحدا: مالي لن تنتظر شهورا، كما يدافع عن ذلك البعض، لن ننتظر السرطان حتى ينتشر، إن الحرب ضد الإرهاب ستقع أسرع من المتوقع والجيش المالي سيكون في الطليعة). وكانت الأمم المتّحدة وافقت في ديسمبر الماضي على خطّة لمساعدة العاصمة باماكو على طرد الإسلاميين الذين احتلّوا الشمال لتسعة أشهر، لكن مسؤولين حذّروا من أنه من غير المرجّح حصول أيّ تدخّل قبل سبتمبر 2013. وكان مجلس الأمن الدولي وافق على نشر قوة بقيادة إفريقية قوامها 3300 جندي، لكن لم يتمّ الاتّفاق على جدول زمني، كما أصرّ مجلس الأمن على أن يستمرّ دعم جهود الوساطة التي تقودها بوركينا فاسو حتى مع استمرار التحضير للعملية العسكرية. ومن جهة أخرى، تدرس كندا إرسال قوات إلى مالي للمساعدة في تدريب جيش البلاد قبل شنّ الهجوم المتوقّع لاستعادة السيطرة على الشمال، حسب تصريحات وزير الدفاع الكندي بيتر ماكاي أمام فرقة من الجنود الكنديين في قاعدة عسكرية في هاليفاكس عاصمة مقاطعة نوفا سكوتيا جنوب غرب البلاد.