كرة القدم/الكأس الجزائرية الممتازة-2024 (مولودية الجزائر- شباب بلوزداد): مرشحان في رحلة البحث عن أول لقب للموسم    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    تنظيم الطبعة ال 19 للصالون الوطني للتشغيل والتكوين المتواصل والمقاولاتية من 8 الى 10 فبراير بالعاصمة    "الأونروا" تحذر من مخاطر تعرض مئات آلاف الفلسطينيين في غزة للبرد القارس    الكويت تجدد موقفها الثابت الداعم للشعب الفلسطيني    رئيس جنوب افريقيا يؤكد استمرار بلاده في الوقوف مع الشعب الفلسطيني    الفريق أول شنقريحة يزور حوض بناء السفن " ڨوا شيبيار ليميتد" في ثاني يوم من زيارته إلى الهند    عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها    رئيس الجمهورية يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره التشيكي    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    السيد عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    الجوية الجزائرية/الديوان الوطني للحج : اتفاقية لنقل الحجاج وفقا لآليات تنظيمية ورقمية متطورة    تجارة: مراجعة شاملة للإطار التشريعي وتوسيع الاستثمار في المساحات الكبرى    التدابير الواردة في قانون المالية لسنة 2025 تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال في الجزائر    مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 27 : تسليم محور قسنطينة خلال الثلاثي الرابع من 2025    وفاة المجاهد و الخطاط عبد الحميد اسكندر عن عمر ناهز 86 عاما    حيداوي يبرز جهود الدولة في التكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    المنازل الذكية تستقطب الزوّار    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    مسلوق يتعهّد باحترام رزنامة المباريات    راموفيتش مدرباً لشباب بلوزداد    تعويضات للعمال المتضرّرين من التقلبات الجوية    الجيش الوطني يسترجع أسلحة وذخيرة    صوت المريض    تنفيذ تمارين افتراضية بالجلفة    بذرة خير تجمع الجزائريين    بوغالي يجدّد رفضه للائحة البرلمان الأوروبي    عطاف يُحادث فيدان    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    ترامب يفتح جبهة صراع جديدة    مع فرضية غير واقعية    خط سكة الحديد الرابط بين العبادلة وبشار يوضع حيز الخدمة قريباً    سايحي يلتقي نقابة البيولوجيين    كرة القدم/ كأس الجزائر: تأجيل مباراة اتحاد الجزائر-نجم مقرة ليوم الاثنين 10 فبراير    مناجم: تنصيب مدير عام جديد للشركة الوطنية للأملاح    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات جنوب البلاد ابتداء من يوم الخميس    ندوة تاريخية للتأكيد على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "الأميار" مطالبون بتحمل مسؤولياتهم    صب منحة رمضان في حسابات مستحقيها قبل منتصف فيفري    استعادة الأراضي غير المستغلّة وتسريع استكمال المباني غير المكتملة    تأسيس جمعيات للتنشئة السياسية لفائدة الشباب    الجزائر تحتضن مؤتمر الاتحاد الإفريقي    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    معرض لفناني برج بوعريريج بقصر الثقافة قريبا    ندوة وطنية عن المعالم والمآثر بجامعة وهران    رياض محرز يشدد على أهمية التأهل إلى كأس العالم    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التضامن مع غزة مساعدةٌ أم عزة؟
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 01 - 2013


بقلم: الدكتور مصطفي يوسف اللداوي
كثيرةٌ هي الوفود الشعبية والرسمية، العربية والدولية التي تفد إلى قطاع غزة من كل دول العالم، إذ لا تتوقف الزيارات التضامنية إليه، حتى في ظل أحلك الظروف التي يعشها قطاع غزة وسكانه، وفي ظل الأخطار العديدة التي تحدق فيه من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي لا تتوقف آلياتها العسكرية المدمرة عن قصف قطاع غزة، أو مراقبة سكانه وزواره والتضييق عليهم، وقد قتل بعضهم، وسحقت الجرافات متضامنين منهم، فإن الزيارات الفردية والجماعية إليه لا تنقطع ولا تنقص، بل إنها في تزايدٍ مستمر، وهي تتنوع وتتعدد وتختلف شكلاً ومهمةً ووظيفة، ويتطلب القيام بها إعداداً وترتيباً، وطوبى لمن كان له فيها نصيبٌ وفرصة، فهي بالنسبة لكثيرٍ منهم شرفٌ ومفخرة، ومحل اعتزازٍ وتميزٍ.
لعل سكان قطاع غزة في أمس الحاجةِ إلى المساعدات المالية والطبية والصحية، فضلاً عن حاجتهم إلى مواد البناء والإعمار، التي من شأنها إعادة إعمار قطاع غزة، وتسهيل العيش فيه، بعد عمليات التدمير التي لحقت به نتيجة العدوان الإسرائيلي المتكرر عليه، فضلاً عن نتائج الحصار غير الإنساني المفروض عليه منذ سنواتٍ، ولكن هذه المساعدات قد تصل إلى القطاع مع آحادٍ من المرافقين أو المسؤولين، إذ لا حاجة لمئاتٍ من المرافقين مع كل قافلة، الذين يتجشمون عناء السفر من دولٍ بعيدة، ويتكبدون مشاقاً مضنية للوصول إلى القطاع، وتجاوز الصعاب والعقبات التي تعترض طريقهم.
لا يسعى المتبرعون أو المتضامنون الزوار للحصول على صورةٍ في قطاع غزة، فوق أنقاض القطاع أو مع بعض سكانه ومسؤوليه، كما لا يطمحون إلى شكرٍ أو ثناء، أو ذكرٍ لهم في وسائل الإعلام المختلفة، أو صورةٍ تعرض لهم عبر الفضائيات وهم يسلمون ما معهم من مساعداتٍ مختلفة، أو يقفون مع بعض المستفيدين من المعونات، بل إن الكثير منهم يتعمد إخفاء صورته، ويتوارى عن الأنظار أمام وسائل الإعلام، ويرفض أن يذكر اسمه أو تعرض صورته، ويرفض أن ينشر له تصريح أو تعقيب.
قطاع غزة ليس وجهةً سياحية، فلا يوجد فيه معالمٌ جغرافية مميزة، فلا أنهار تخترق طوله، ولا غاباتٍ خضراء تغطي سهوله، ولا جبال فيها يستمتع الزوار في تسلقها أو الاستمتاع بمناظره الخلابة عبر مركباتٍ كهربائية معلقة، أما شواطئه فهي صغيرةٌ، وتعاني من نتائج الحصار، فلا وسائل للترفيه فيه، ولا فرصةَ للمصطافين أن يتعمقوا فيه بعيداً، إذ أن الزوارق الحربية الإسرائيلية لهم بالمرصاد، تتعقبهم وتمنعهم وقد تعتقل بعضهم.
كما أن قطاع غزة ليس قبلةً دينية، ولا مقصداً للحجاج أو الزائرين، فلا آثار أو مقامات دينية قديمة، فلا مسجد فيه أضخم أو أقدم من مسجده العمري الشهير، اللهم إلا مقام هاشم بن عبد مناف جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي توفي قبل البعثة في رحلةٍ تجارية له إلى غزة، وهو مقامٌ لا قداسة فيه ولا قيمةً دينية له، وإن كانت مدينة غزة هي واحدةٌ من أقدم مدن في العالم، ولعلها الأقدم بين المدن الساحلية.
قطاع غزة صغير المساحة، وقد لا يستغرق طوافه كله بضع ساعاتٍ، فلا يحتاج زواره لأيامٍ طويلة حتى يستكملوا زيارة كل مدنه ومحافظاته وقراه، وإنما تكفي ساعةٌ واحدة لقطع أطولِ شارعٍ فيه من شماله إلى جنوبه، ولكن أفواج الزوار لا تتوقف، وأعداد المتضامنين معه تزداد ولا تنقص، ما يفرض سؤالاً منطقياً لماذا تتكاثر الوفود وتزداد، ولماذا يفضل الزائرون قطاع غزة رغم ما فيه من أخطار وما تعترضهم فيه من مغامرات على غيره، ويتخلون عن البقاء في أسرهم مع زوجاتهم وأطفالهم، أو قضاء إجازاتٍ طويلة أو رحلاتٍ ممتعة معهم، وقد كان يكفيهم أن يرسلوا مندوبين عنهم، أو ممثلين لهم لإيصال المساعدات والمعونات.
الوفود التي تصل إلى قطاع غزة كثيرةٌ وعديدة، وهي متنوعة الشكل ومختلفة التركيب، فمنهم المتضامنون الدوليون الأجانب من غير العرب والمسلمين، ممن لا تربطهم بسكان قطاع غزة وشائجٌ دينية أو عرىً قومية عربية، وممن لا يرون في قطاع غزة إرثاً حضارياً أو منارة علمٍ وهدى قديمة، وهم نساءٌ ورجال، شبابٌ وشيوخٌ كبار، رسميون وشعبيون، نوابٌ وكتابٌ وصحفيون، وغيرهم الكثير ممن يرون وجوب التضامن مع قطاع غزة وسكانه، ولعل أكثرهم يقوم بهذه المهمة من الجانب الإنساني المحض، إذ لا يرون أي عدالةٍ في حصار شعب، وممارسة هواية القتل فيه، ولكن هذا الجانب الإنساني لا يخفي حقيقة الروح الثورية لدى كثيرٍ منهم، ممن يلمسون الظلم الإسرائيلي، والاعتداءات الغاشمة المتكررة على القطاع، فيرون أن تضامنهم معه إنما هو صورةٌ رمزية للثورة ضد الظلم والبغي والاضطهاد، ورسالة عالمية إلى الإنسانية جمعاء برفض الاحتلال والاغتصاب والمصادرة والطرد والجوع والحرمان والحصار، وهي حضٌ لدولهم والمجتمع الدولي للتدخل والقيام بواجبهم إزاء شعبٍ أعزلٍ مضطهدٍ محرومٍ ومحاصر، ومهدد بالقتل كل يوم.
أما الوفود العربية والإسلامية التي تتنافس فيما بينها، أيهم يسبق ويزور القطاع، وأيهم يزور أهله أكثر من غيره، فإن دوافع أكثرهم ليست إنسانية وحسب، وإن كانوا لا يقللون من أهمية هذا الواجب الديني والإنساني، إلا أنهم لايزورون القطاع فقط لجلب المساعدات والمعونات، وتوزيع الأموال والمؤن، وإنما يتطلع الكثير منهم لأن يكون له دورٌ ومساهمة في قتال العدو الإسرائيلي، وسهمٌ في مقاومته وتمكين أهله من الصمود في وجهه، ويرون في قطاع غزة أنه مثال العزة، ونموذج المقاومة، وأنه وأهله يرسمون صورة العربي والمسلم البهية الزاهية، التي تقوم على العزة والكرامة والإباء، فهم في غزة يشاركون أهلهم أفراحهم بالنصر، وإحساسهم بالعزة، فيسيرون في شوارعه المحروثة، وبين أبنيته المهدمة، وآثار العدوان حولهم في كل مكانٍ، برؤوسٍ شامخةٍ، وهممٍ عالية، وخطىً حثيثة، يستشعرون القوة، ويعيشون العزة، ويملأ الفخر صدورهم، أنهم على أرض غزة يسيرون، وبين أهلها يعيشون، ومعهم يواجهون ويتحدون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.