مرّ يوم 11 سبتمبر 2010 دون أن ينجح متطرفو الغرب في تنفيذ مخططهم البائس المتمثل في حرق المصحف الشريف، وهو أمر أسعدنا كمسلمين، لكنه أشعرنا في الوقت ذاته بمدى ضعفنا وهواننا بين الأمم، ذلك أن تراجع هؤلاء المتطرفين عن حرق كتاب الله لم يكن بسبب خشيتهم من ردة فعلنا المحتملة، ولا لأن مظاهراتنا قد أرعبتهم ولا لأن تنديدنا قد أخجلهم، بل لأن رفض جريمة حرق المصحف تعدى العالم الإسلامي إلى العالم المسيحي، ولم يتردد عقلاء "أهل الكتاب" في التعبير عن رفضهم لعملية حرق مصحف المسلمين، بصرف النظر عن موقفهم من دينهم، وهو ما أجبر المتطرفين الصهيو صليبيين على العودة إلى جحورهم.. نعم لقد انهزم المتطرفون في معركة حرق المصحف الشريف، ولكننا لم ننتصر في المعركة.. فالله وحده حفظ كتابه الكريم.. والذين انتصروا هم عقلاء الغرب المسيحي على مجانينه، وما انتصروا لأنهم يحبون الإسلام، وإنما لأنهم يفكرون أبعد مما يفكر غيرهم، فهم يدركون أن حرق المصحف قد يوقظ نخوة المسلمين، وإن حصل ذلك فسيتغير وجه العالم كله، وربما فكّر الغرب كذلك في إمكانية اشتداد اشتعال نيران المقاومة في العراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين المحتلة، ولكن لا يبدو ذلك في تقديرنا السبب الرئيسي للتراجع عن جريمة حرق المصحف، وإلا لكان المتطرفون قد فكّروا ألف مرة في ارتكاب جرائم أخرى مثل الترويج للرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، وحظر النقاب والتضييق على الحجاب، وقد شكل موقف الغرب من جريمة حرق المصحف فارقا هاما وعاملا فاصلا هذه المرة، ولو وقف الغرب الموقف نفسه من الرسوم المسيئة ما كان لتقوم لها قائمة. لقد انهزم المتطرفون في معركة حرق المصحف الشريف، ولكنهم لم يعلنوا نهاية الحرب على الإسلام، فهم يواصلون تكالبهم على الدين الحنيف، ويدركون أنهم بصدد حرب طويلة الأمد، وإذا اعتقدنا أننا انتصرنا في معركة حرق المصحف فنحن بلا شك أكبر الخاسرين!.