البوطي وقف مع الجزائريين ضد الإرهاب وداعا عالم الوسطية والمصالحة شعر كثير من الجزائريين بكثير من الحزن والأسى، وهم يتلقون خبر اغتيال المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ رمضان البوطي الذي امتدت إليه أيادي الغدر أمسية الخميس 21 مارس داخل مسجد الإيمان في قلب دمشق، عاصمة الشام الأشم الذي يتهاوى يوما بعد آخر تحت وقع فتنة شعواء تأتي على يابسه وما تبقى من أخضره.. وبغض النظر عن موقفه المساند لنظام بشار الأسد، والداعي، على الرغم من ذلك، إلى إصلاحات جذرية، فقد كان لخبر مقتل الشيخ البوطي وقعا مؤلما على الجزائريين الذين يكنون كل التوقير والتقدير لعالم الشام الأول، صاحب العشرات من المؤلفات التي تدعو للاعتدال والوسطية. ويعرف الجزائريون الشيخ الراحل البوطي بكونه من علماء الأمة البارزين الذين وقفوا إلى جانبه في خلال المأساة الوطنية، ولا يخفى على أحد أنه شجب العمل الإرهابي منذ البداية، داعيا إلى إبعاد السياسة عن معترك الدعوة إلى اللّه. واستغل العديد من الأئمة خطبة الجمعة 22 مارس للترحم على روح فقيد الأمة الإسلامية، ومن قضى معه في التفجير الغادر الذي لا يمكن أن يبرره أي تبرير، واستكر بعض الأئمة مآثر وفضل الشيخ البوطي. ولم يتردد الشيخ الراحل خلال زيارة قام بها إلى الجزائر في ماي 2006، في مباركة مسعى المصالحة الوطنية، وقال إن الجزائر خرجت منتصرة من المحنة، مضيفا أنه ''كلما أُقحم الدين في السياسة إلاّ وكانت النتائج وخيمة، والتجارب التاريخية تبرز ذلك''، مشددا على أنه يعارض استعمال الدعوة ''من أجل الشهرة والسعي إلى الكرسي''، وقالها بصريح العبارة.. ''من يريد خدمة الدين والدعوة يجب أن يكون زاهداً في الكرسي''، وفق تعبيره. ولا خلاف في أن العلامة محمد سعيد رمضان البوطي يعد من أهم المرجعيات الدينية على مستوى العالم الإسلامي وعرف في سوريا بتأييده لنظام الأسد الأب ومن بعده الابن. كما عرف بانتقاده للتظاهر، وقتل المتظاهرين في آن واحد. ووفقا لوزارة الصحة السورية، قتل البوطي ومعه أكثر من42 شخصا في تفجير انتحاري استهدف مسجد الإيمان بحي المزرعة في العاصمة السورية دمشق. رجل الدين الكردي الأصل والذي تعود أصوله إلى جزيرة بوطان التركية، تخصص في العلوم الإسلامية، واختير شخصية العالم الإسلامي عام 2004 في دبي، وعرفه سوريون وعرب على مدى سنين بسلسلة "دراسات قرآنية " كانت تبث عبر المحطات الرسمية. البوطي ورث علوم الدين عن والده ملا رمضان، وتلقى العلم الديني والنظامي بمدارس دمشق ثم انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف وحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة. وقد أنهى دراسته الثانوية الشرعية في معهد التوجيه الإسلامي بدمشق، والتحق عام 1953 بكلية الشريعة في جامعة الأزهر، وحصل على شهادة العالمية منها عام 1955. التحق في العام الذي يليه بكلية اللغة العربية من جامعة الأزهر، ونال دبلوم التربية في نهاية ذلك العام، ثم عين معيداً في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 1960. أوفد إلى كلية الشريعة من جامعة الأزهر للحصول على الدكتوراه في أصول الشريعة الإسلامية وحصل على هذه الشهادة عام 1965، ثم عين مدرساً في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 1965 ثم وكيلا لها ثم عميدا. له أكثر من 60 كتابا تتناول مختلف القضايا الإسلامية، ويعتبر أهم من يمثل التوجه المحافظ على مذاهب أهل السنة الأربعة ومن مؤلفاته الإسلام والعصر و"الحكم العطائية شرح وتحليل" و"كبرى اليقينيات الكونية".