حظي الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي -رحمه الله- بشعبية كبيرة جدا في الجزائر التي زارها عدة مرات خلال ملتقيات الفكر الإسلامي وغيرها من المناسبات، كما درس على يده في بلاد الشام عشرات المشايخ والأساتذة بمعاهد أصول الدين في الجزائر. كما عرف بتردده الكبير على الجزائر ومشاركته في الملتقيات العملية والدينية التي كانت تقام بها، والتي انقطعت فيما بعد زمن العشرية السوداء بداية التسعينيات. وتلقى كتبه إقبالا منقطع النظير في الجزائر ويتجلى ذلك خلال معارض الكتاب التي تقام سنويا، كما كانت له مواقف معروفة من الأزمة الأمنية والسياسية التي عرفتها البلاد خلال التسعينيات حيث عرفت عنه دعوته إلى الاعتدال والوسطية والفهم العميق للإسلام، وحرم بشكل قاطع العمل المسلح في بلاد المسلمين مهما كانت الأسباب، كما أيد في ما بعد خطوات الوئام والمصالحة في الجزائر، حيث كان يدعوا دائما إلى إبعاد السياسة عن معترك الدعوة إلى الله، وقال سنة 2006 عند زيارته للجزائر "إن الجزائر خرجت منتصرة من المحنة، أي العشرية السوداء، وأنه "كلما أقحم الدين في السياسة إلا وكانت النتائج وخيمة، والتجارب التاريخية تبرز ذلك". ويعد الشيخ البوطي، وهو من مواليد عام 1929، من أهم المرجعيات الدينية على مستوى العالم الإسلامي، تلقى تعليمه الديني والنظامي بمدارس دمشق، ثم انتقل إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف، وحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الشريعة، وله أكثر من 60 كتابا تتناول مختلف القضايا الإسلامية. تصدى لعقود طويلة للمذاهب الفكرية المستوردة من الشرق والغرب، وعرف بكتبه التي رد فيها على عقائد الوجودية والشيوعية والإلحاد، كما تصدى بالحجج العلمية الدامغة لادعاءات المستشرقين، وله في ذلك مناظرات وبحوث كثيرة منشورة ومتداولة على نطاق واسع، حتى عد الشيخ البوطي مرجعا في ذلك. يعتبره البعض في سوريا من أهم المساندين للنظام السوري وبشار الأسد، إلا أن المعارضة السورية التي تبرأت من دمه تحترمه كثيرا، حيث تجمع على عدم لوم الشيخ البوطي كثيرا وإصرار أبرز قادتها على عدم تحميله أي مسؤولية في التورط مع النظام، رغم تصريحاته القاسية في حقهم، هذا الاحترام الكبير الذي يحظى به العلامة لم يأت من فراغ ولم تلده الصدفة ولا الخوف من لحم العلماء المسموم، وإنما موقف صنعته جملة من المعطيات الخاصة جدا، والتي لا يعرفها الرأي العام، تؤكد أن الشيخ يتعامل مع الوضع في سوريا من منطلق قناعاته والتزاماته التي قد لا يوافقه عليها بعض العلماء الآخرين ويقاسمه فيها كثير من علماء الأمة الإسلامية.