تاريخ مولودية الجزائر المولودية.. شعبية الجزائر أخيرا وبعد انتظار دام ستّ سنوات كاملة ها هو فريق مولودية العاصمة يصل إلى المباراة النّهائية لكأس الجزائر ليصطدم في النّهائي للمرّة الرّابعة بالجار اتحاد العاصمة إثر موسم يمكن وصفه بالإيجابي، فرغم بلوغ (العميد) النّهائي إلاّ أنه يطمح إلى إنهاء الموسم في المركز الثاني، بل يطمح إلى نيل اللّقب الوطني كون زملاء بوفاش العائد إلى الفريق يتواجدون في المركز الثاني بفارق ستّ نقاط عن الرّائد الوفاق، علما بأن فريق المولودية سيستضيف الوفاق في الجولة ما قبل المقبلة، وهي فرصة في حال فوز المولودية لتقليص الفارق إلى ثلاث نقاط. لكن لنترك حال المولودية في البطولة الوطنية جانبا ونتحدّث عن الجانب التاريخي، ترى من هو فريق المولودية؟ كيف رأى النهور ذات يوم من عام 1921؟ ما هي المراحل التي مرّ بها؟ وما هي إنجازاته المحلّية والدولية؟ تلكم من بين الأسئلة التي سنجيبكم عنها في هذا الملف الخاص عن المولودية بمناسبة كما سبق الذكر بلوغه نهائي كأس الجزائر. هذا هو "العميد" مولودية الجزائر هو نادي يوجد مقرّه في الجزائر العاصمة، فبحلول هذه الأيّام يكون قد مرّ على تأسيسه 92 سنة، ألوانه الأحمر والأخضر والأبيض وهي ألوان العلم الوطني الجزائري. يعتبر فريق مولودية العاصمة أقدم نادي في الجزائر، شارك في جميع البطولات التي كانت تقام إبّان حقبة الاحتلال الفرنسي. يمتاز الفريق بالجمهور الضخم (الشناوة) أو الصينيين لكثرة عددهم، إذ يشجّعون النّادي بكلّ قوّة، وقد صنّف حسب قناة (كنال+) الفرنسية قبل ثلاث سنوات من الآن في المرتبة العاشرة عالميا متخطّيا العديد من الجماهير الأوروبية الكبيرة. مولودية العاصمة.. المولودية الشعبية الجزائرية الاسم الذي تأسس عليه سنة 1921، وهو النّادي الثاني الأكثر تتويجا في الجزائر بعد شبيبة القبائل. تعود تسمية مولودية إلى المولد النبوي الشريف (مولود) لأن تاريخ تأسيسها (7 أوت 1921) تزامن مع احتفال الأمّة الإسلامية بمولد خير الأنام (محمد) صلّى اللّه عليه وسلّم ومن هنا جاءت تسمية المولودية. لاحت فكرة تأسيس ناد مسلم في 1918، وفي سنة 1921 دخل الأب الرّوحي عوف عبد الرحمن وبعض شباب القصبة (الحي التاريخي للعاصمة) في اتّصال مع نظرائهم من باب الوادي (من أكثر الأحياء شعبية في الجزائر) لتأسيس ناد جزائري مسلم لكرة القدم، وكان اللّقاء خلف مقهى (ياحي حاليا). وبما أن يوم 7 أوت 1921 تزامن مع المولد النبوي فقد تمّت تسمية النّادي ب (مولودية الجزائر)، ومن بين من حضروا الاجتماع الحاج درّيش. وفيما يخص ألوان النّادي فهي: الأخضر (شعار الأمل)، (الأبيض رمز الإسلام) والأحمر (شعار حبّ الوطن والتضحية من أجله) وهي أيضا ألوان العلم الوطني الجزائري. المولودية.. مولودية الجزائريين المولودية ليست مجرّد ناد، فقد كان ناد جزائري مسلم (الوحيد) وهو ما خلق حركة رياضية مسلمة، إضافة إلى شعبيته التي كانت في تزايد مذهل أقلق المستعمر الفرنسي. أوّل موسم للفريق 1921/1922 لم يكن جيّدا، فقد عرف تذبذبا في النتائج، وفي الموسم الموالي 1922/1923 انضمّت المولودية رسميا إلى (الفيدرالية الرياضية المستقلّة لشمال إفريقيا) وهذا في القسم الرّابع. ورغم العروض الممتازة والمستوى الجيّد الذي ظهرت به المولودية إلاّ أنها لم تستطع الصعود إلى القسم الأول حتى موسم 1930 / 1931. المولودية وقانون "بورد" بعد الذي فعله فريق المولودية في أوّل موسم له خلال عشرية الثلاثينيات، راحت الصحافة الفرنسية تتفادى التشهير بنتائج الفريق وأخباره خوفا من زيادة شعبيته. بعد ذلك صدر قرار أو قانون (بورد) الذي يلزم كلّ الأندية المسلمة بلاعبين اثنين أوروبيين على الأقل في كلّ تشكيلة من أجل الإنقاص من شعبية الفريق التي كانت في تزايد مستمرّ، وتمّ انتظار 14 موسما لرؤية المولودية في القسم الشرفي في موسم 1935 / 1936 بعد سيطرة مطلقة للفريق على البطولة التي انتهت بمباراة ضد النّادي الفرنسي (أولمبيك مارينغو)، والتي لعبت 3 مرّات بعد تعادلين، وهو ما كان سابقة في تاريخ الفيدرالية الفرنسية، والمباراة الثالثة انتهت لصالح المولودية ب (2-1) هو ما شكّل أوّل صعود إلى القسم الشرفي في تاريخ الفريق. في مواسمها الأولى في القسم الشرفي لعبت المولودية الأدوار الأولى في الترتيب وكان الصعود يضيع دائما في الجولة الأخيرة، ما أدّى بالصحافة الفرنسية إلى تسمية النّادي ب (الملاحق الأبدي) بفعل تواصل الأمر ل 6 مواسم متتالية. الترتيب الجيّد للمولودية والمستويات الممتازة أهّلتها للعب كأس شمال إفريقيا التي أقصيت فيها في الدور ربع النّهائي أمام فريق الدارالبيضاء المغربي وكان ذلك موسم 1935/1936، وفي تلك الفترة لعبت المولودية عدّة مباريات ودّية أمام كلّ من: لوكوموتيف موسكو، سريه فبينا النمساوي ونيس الفرنسي. المولودية.. بطل الحرب العالمية الثانية في موسم 1939/1940 المسمّى موسم الحرب بسبب الحرب العالمية الثانية، ماحعل البطولة الفرنسية تعرف تأخّرا إضافة إلى تقسيم القسم الشرفي (القسم الثاني) إلى 3 أفواج، سيطرت المولودية على فوجها (ج)، ثمّ قهرت أبطال الفوجين (أ) و(ب) ( الغاليا والروا)، وهو ما جعل المولودية تفوز بلقب (بطل الحرب)، هذا أدّى إلى خروج الآلاف من مناصريه للاحتفال في شوارع العاصمة، فقد كانت لانتصارات الفريق أبعاد سياسية ثورية أكثر منها رياضية. وفي موسم 1944/1945 فازت المولودية بأوّل لقب في تاريخها، حيث أنهت البطولة في المركز الأوّل مناصفة مع أس سانت أوجان الفرنسي، كما فازت أيضا بكأس الجزائر سنتي 1948 أمام أس سانت أوجان ب (5-3) و1951 ب (3-2)، إضافة إلى نهائي خسرته أمام أف سي البليدة 1952 ب (1-0). المولودية والثورة التحريرية بعد كلّ هذه الإنجازات توقّفت المولودية مثل كلّ الأندية الجزائرية سنة 1956 تلبية لنداء جبهة التحرير الوطني. وقد شكّل نداء تلبية الواجب الوطني ضربة موجعة للاحتلال الفرنسي الذي رأى في تجميع جميع النشاطات الرياضية بما فيها الكروية بطبيعة الحال ضربة خنجر في صدر السلطات الاستعمارية، حيث شكّل منعرجا حاسما في الثورة التحريرية المجيدة بعد تفرّغ الشباب الجزائري الذي صوّرته، حيث احتضنها كما كان يحتضن فرقه الرياضية، فخلت الملاعب والقاعات الرياضة من الجمهور، ورغم بطش الاستعمار الفرنسي والخونة إلاّ أن ذلك لم يجد نفعا. قدّم فريق مولودية الجزائر العشرات من أبنائه المخلصين فداء للوطن، كما أن مسيّري الفريق راحوا يوجّهون نداءات ويقدّمون مناشير سرّية للمحبّين قصد اللّحاق بإخوانهم في مسيرة النّضال والكفاح، الأمر الذي زاد من بطش الاستعمار الفرنسي وراح يستعمل شتى أنواع التعذيب ضد كلّ من يلقى عليه القبض. حيث لم يكتف الجيش الفرنسي الغاشم بالزجّ بمحبّي المولودية في دهاليز السجون، بل كان يتفنّن في تعذيبهم، لكن كلّ ذلك زاد تشبّث الجزائريين ومحبّي النّادي العريق المولودية بالثورة للتحريرية إلى أن طلع صوت الأحرار ينادينا تحيا الجزائر حرّة مستقلّة. ورفع العلم الوطني خفّاقا بنص ألوان المولودية، وكم كان المشهد عظيما في الخامس من شهر جويلية عام 1962، حيث امتزج الحبّ لفريق المولودية بالحبّ للوطني، فمنهم من رفع علم المولودية بيد وعلم الجزائر بيد أخرى وهو يهتف بحياة الفريق وحياة الوطن الغالي. المولودية بعد الاستقلال بدأ فريق مولودية الجزائر أوّل موسم لكرة القدم في تاريخ الجزائر المستقلّة وتمكّن من التأهّل إلى الدورة الرباعية التي ضمّت كلاّ من الجار اتحاد العاصمة ومديونية وهران واتحاد عنابة، علما بأن البطولة الأولى في تاريخ الجزائر المستقلّة جرت على شكل بطولة جهوية. لكن لم يفلح شبّان المولودية في أوّل لقاء لهم أمام الاتحاد، حيث خسروا اللّقاء بنتيجة ثقيلة (3 - 0). في الموسم الموالي لم تستطع المولودية فعل أفضل من التأهّل لأوّل بطولة جزائرية 1964 / 1965، وفي هذه السنة أسقطت المولودية إلى القسم الثاني بفعل قرار وزاري، وبعد 3 مواسم عادت إلى القسم الأوّل بجيل جديد من اللاّعبين الذين صنعوا مجد الكرة الجزائرية ك (بتروني)، كاوة، باشي، طاهير وغيرهم، وكانت عودتها قوية خاصّة المواسم الأولى، فاحتلّت المركز الرّابع ب 46 نقطة في 68/69 والثاني ب 52 نقطة 69/70 والثالث ب 46 نقطة 70/71، وهو الموسم الذي فازت فيه المولودية بأوّل لقب بعد الاستقلال وهو كأس الجزائر أمام فريق اتحاد العاصمة وتلتها كأس الاتحاد المغاربي، وفي هذه الفترة تكوّن فريق كبير كتب اسم المولودية بأحرف من ذهب وهو الفريق الذي دخل في الأسطورة بنيله البطولة 71، 72، 74 و75. ... يتبع