جمعيات تحذّر من تبعات إضراب عمال قطاع الصحّة مرضى في خطر زيّاري: "سنشرع في خصم الأجور.. ولن نفتح ملف القانون الأساسي مجدّدا" ما يزال الأعوان شبه الطبّيون يصرّون على مواصلة إضرابهم المفتوح الذي بلغ يومه السابع رغم إعذارات الوزارة بالطرد والخصم من الرّواتب والتأكيد على أن مطالبهم المتعلّقة بالقانون الأساسي مستحيلة التنفيذ، لتتواصل بذلك معاناة المواطنين الذين انقطعت عنهم جميع وسائل العلاج في المستشفيات ليزداد وضعهم الصحّي سوءا. لم يكلّف كثير من الأعوان المضربين أنفسهم عناء ضمان أدنى الخدمات، خاصّة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة وعلى رأسهم مرضى السكري والسرطان الذين انقطع عنهم العلاج الكيميائي وعلاج الأشعّة، ما جلعهم معرّضين لمضاعفات قد تودي بحياتهم، وهو ما جعل الجمعيات تطالب الوصاية باتّخاذ إجراءات استعجالية من أجل سلامة المرضى. ويعدّ إضراب الأعوان شبه الطبّيين أعنف إضراب يعرفه القطاع منذ مطلع السنة الجارية، حيث تعيش أغلب المصالح عبر كلّ مستشفيات الوطن تعليقا لكافّة الخدمات الصحّية وإلغاء أغلب العمليات الجراحية، ما زاد من معاناة المرضى، فمنهم من لجأ إلى القطاع الخاص في حين يواجه مرضى السرطان الموت في المستشفيات وفي منازلهم بسبب عدم تلقّيهم العلاج بالأشعّة، وهو ما قد يعرّضهم للموات في أيّ لحظة شأنهم شأن مرضى السكري المعرّضين لنوبات مميتة. جمعيات تدقّ ناقوس الخطر وأخرى تدعو إلى الحوار هذا الأمر دفع العديد من مرضى السرطان الجمعيات إلى دقّ ناقوس الخطر بالنّظر إلى (تراجع وتيرة العلاج بالأشعّة) وطالبوا بالتدخّل العاجل للوزير الأوّل من أجل إنقاذ المرضى الذين لا يتمكّنون أصلا من بلوغ المواعيد المحدّدة لهم، فما بالك بالإضراب الوطني الذي يشلّ كلّ المراكز الصحّية ومركز (بيار وماري كوري) في العاصمة، ومن المنتظر أن تصل المواعيد في حال استمرار إضراب شبه الطبّيين أسبوعا آخر إلى شهر أوت المقبل. من جهتها، الفيدرالية الجزائرية لجمعيات مرضى السكري ناشدت الوزير عبد العزيز زيّاري اتّخاذ الإجراءات الاستعجالية اللاّزمة من أجل سلامة مرضى السكري، خاصّة شريحة المحتاجين والفقراء الذين لا يستطيعون مواجهة تكاليف العلاج في القطاع الخاص، واصفة وضعية القطاع بالمزرية والخطيرة وقد أثّرت سلبا على جميع المرضى بصفة عامّة. أمّا الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين فقد دعت من جهتها مستخدمي قطاعي الصحّة والتربية إلى تغليب لغة الحوار والتعاون من أجل حلّ مشاكلهم مع الوصاية والعمل على تحسين أداء الصحّة العمومية والرّفع من مستوى التعليم في البلاد. حيث عبّرت الفيدرالية في بيان لها عن (انشغالها العميق) لأوضاع المرضى في المستشفيات العمومية قبل وبعد الإضراب الذي تشنّه النقابات (دون الالتزام في معظم الحالات بالحدّ الأدنى للخدمة). وأضافت الفيدرالية أن بعض المصالح لا يمكن لها بأيّ حال من الأحوال أن تتوقّف عن العمل كمصلحة العلاج بالأشعّة عند مرضى السرطان، لكن ذلك لا ينفي مشروعية مطالب مستخدمي قطاع الصحّة، داعية إيّاهم إلى تغليب لغة الحوار والتعقّل والسعي إلى حلّ نقاط الاختلاف بطريقة سلسة وتقديم المصلحة العامّة من خلال التعاون مع إدارة المستشفيات قصد تحسين أداء الصحّة العمومية. وبخصوص مستخدمي قطاع التربية فقد دعت الفيدرالية إلى عدم رهن مصير الأبناء والتفكير في طرق ووسائل أخرى من أجل حلّ مشاكلهم مع الوصاية والعمل بجدّ مع الأسرة التربوية لرفع مستوى التعليم في البلاد. ومن جهة أخرى ناشدت المشرفين على هذين القطاعين (إعادة النّظر) في المنظومتين الصحّية والتربوية ب (وضع آليات فعّالة للتشاور مع المعنيين من أجل إزالة كلّ أسباب الانسداد وعدم ترك المجال للتراكمات والتعفّن ومحاربة الفساد والمفسدين حتى ينعم المواطن والمستهلك الجزائري بحقّه في الخدمات الأساسية). وأمام هذه الوضعية يبقى المريض وحده يدفع ثمن تعنّت الوزارة وإصرارها على فتح باب الحوار مع الشركاء الاجتماعيين وفق ما يسمح به القانون الأساسي الذي دخل حيّز التنفيذ مؤخّرا وبين أصرار مهنيي الصحّة على إعادة النّظر في هذا القانون وإخلاء مسؤوليتهم من تدهور صحّة المرضى عبر المستشفيات وعدم تلقّيهم العلاج، حيث أكّد إلياس مرابط رئيس نقابة ممارسي الصحّة العمومية أنه ليست لديهم أيّ مسؤولية في وضعية قطاع الصحّة، مشيرا إلى أن المواطن غير راض على الخدمات الصحّية منذ أكثر مند عشر سنوات وعمّال القطاع هم بدورهم ليسوا راضين عن أوضاعهم المهنية والاجتماعية منذ زمن ولا يطالبون سوى بتحسينها، وأن الإضراب حقّ يكفله لهم الدستور. خصم أجور المضربين زادت الإجراءات الرّدعية التي اتّخذتها الوزارة في حقّ المضربين من إصرارهم على مواصلة الإضراب بعدما أقرّ القضاء عدم شرعيته، حيث توعّدتهم الوزارة بالطرد من مناصبهم والخصم من رواتبهم في حال استمرار الإضراب. وقد قال عبد العزيز زيّاري المسؤول الأوّل على القطاع في هذا الصدد خلال اللّقاء الوطني الذي عقد بتيبازة إن (القانون واضح)، وأنه (سيتمّ تطبيقه بصرامة دون تمييز، وأن الإضراب حقّ وليس عطلة مدفوعة الأجر ومنه يتمّ آليا خصم أجور المضربين). كما أكّد الوزير أن باب الحوار (البنّاء) مع كلّ الشركاء الاجتماعيين يبقى مفتوحا لمناقشة بعض الملفات دون إعادة النّظر في ملف القانون الأساسي والنّظام التعويضي، قائلا: (إن الحكومة لن تتراجع عن قرار عدم إعادة فتح ملف القانون الأساسي ونظام التعويضات الذي فصلت فيه المديرية العامّة للوظيفة العمومية، وهو قرار يعني كلّ القطاعات على اعتبار أن الملفين المذكورين لم يمرّ بعد وقت طويل على دخولهما حيّز التنفيذ في إطار مفاوضات واستشارات واسعة قادتها كلّ الدوائر الوزارية مع الشركاء الاجتماعيين). وأوضح زيّاري أنه مستعدّ لإجراء حوار مع كلّ النقابات من أجل إيجاد حلول مناسبة ترضي جميع الأطراف، داعيا الأعوان شبه الطبّيين إلى عدم التطرّف أو التشبّث بمطالب تكاد تكون مستحيلة التنفيذ والابتعاد عن الاعتبارات التي ليس لها علاقة بالظروف المهنية والاجتماعية، مجدّدا (استعداد) الوزارة (للحوار والتفاوض حول بعض المسائل مثل إعادة التصنيف في المناصب العليا، كما أنه تمّ الفصل في ملف منحة العدوى والمناوبة بالنّسبة لبعض عمّال الأسلاك المشتركة)، داعيا في نفس الوقت إلى أخذ صحّة المواطن في الحسبان على اعتبار أن قطاع الصحّة ليس كسائر القطاعات الأخرى، حاثّا على (ضرورة وضع صحّة المريض فوق كلّ اعتبار). كما أكّد الوزير خلال اللّقاء أنه يمنح مدراء قطاعه صلاحيات كاملة وقوية من أجل الرقي بالصحّة العمومية خدمة للمواطن وذلك من خلال جملة من الإجراءات تمّ اتّخاذها في هذا الباب، حاثّا جميع المشاركين في اللّقاء على الاهتمام بمحور الصحّة في القطاعين الخاص والعام فقط، معلنا عن تعيين مساعدين يتكفّلون بمتابعة مشاريع القطاع التي تتكفّل بها المديريات المعنية بالولاية مثل السكن والتجهيزات، ودعا مدراء قطاع الصحّة إلى التحلّي بقوة الاقتراح والمبادرة التي تخدم الصالح العام والسهر على وضعية الصحّة بولاياتهم من خلال متابعة تسيير المستشفيات من حسن استقبال المرضى والتكفّل بهم وبالنّظافة وبتسيير مخزون الدواء الذي يدخل في صلب المهام الرئيسية لهم ورفع الانشغالات إلى الوزارة الوصية.