لصلة الرحم علاج اجتماعي ونفسي وجسدي ناجح وفعال، بالاضافة الى انها واجب ديني حض عليه القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: «من سره أن يُبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه». وقد انفرط عقد المجتمعات كثيراً بسبب قطع الارحام بحجج واهية منها ضيق الوقت والانشغال بالعمل ومطالب الحياة وهي حجج يحاول بها المرء خداع نفسه وايجاد مبرر لاسقاط واجب ديني عظيم، يؤدي الحفاظ عليه الى تماسك المجتمعات وتلاحمها ويؤدي تركه الى انهيار القيم وتآكل العلاقات. أعلى مكانة ويوضح الداعية الإسلامي الدكتور مبروك عطية -الأستاذ بجامعة الأزهر- أن الدين الإسلامي أوجب صلة الرحم على كل مسلم، وأعلى مكانة واصِلي الأرحام عند الخالق فقد وصفهم الرحمن بأنهم أولو الألباب وأصحاب العقول المدرِكة كما وضعهم بين من يوفون بعهد الله ولا ينقضون ميثاقه فقال تعالى: «الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق. والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب» الآية 20 من سورة الرعد، وقد أوضح الله تبارك وتعالى جزاء واصل الرحم في الآية23 «جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب». ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم -رئيس جامعة الأزهر السابق- أن من يصل رحمه له ثمرات عديدة في الدنيا والآخرة فأما التي في الدنيا فهي أن يبسط الله في رزقه ويبارك في عمره حيث تحل البركة في وقته وجهده وعمله وما يكسبه من أموال بسبب التوفيق إلى الطاعة فيحبه الله ويحبه أهله وتبقى بعده الذرية الصالحة والأبناء الذين يدعون لأبيهم بعد موته. أهم أسباب الرزق ويشير إلى أن تلك الزيادة في العمر التي وردت بالحديث لا تتعارض مع قول الله تعالى «فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون» لأن تلك الزيادة على حقيقتها بالنسبة إلى علم الملك الموكل بكتابة الأجل ولكن يومئ إليه بأن عمر فلان ستون سنة بكتابة الأجل وبسبب صلته لرحمه يبلغ عمره ثمانين سنة، وهو الذي أشار الله تعالى إليه بقوله «يمحو الله ما يشاء ويثبِّت وعنده أم الكتاب» كما أن الزيادة في الحديث تعني البركة في العمر والرزق والعمل، فما يمكن أن يتحقق في ساعتين قد يتحقق في ساعة ويفتح أبواب الرزق فمن أهم أسباب الرزق صلة الرحم وبر الوالدين فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه» ومن أسباب الرزق تقوى الله عز وجل قال تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» سورة الطلاق، وتحضنا الشريعة الإسلامية دائما على صلة الرحم مع الأقارب والجيران وذلك بالسؤال عنهم وقضاء الكثير من الوقت معهم ومحاولة تلبية مطالبهم فقد جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يحمل أمه على ظهره إلى الكعبة وقد ناله الضعف والهزال وسأله ليطمئن بأنه أعطى أمه حقها إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أكد انه مهما يفعل فلن يستطيع الوفاء بحقها. وأشار إلى ضرورة أن نعلم أهمية صلة الرحم ونطبق تلك المفاهيم في المراحل التعليمية المختلفة. وعلى كل زوج أن يتقي الله فليس من الفضل أو العشرة بالمعروف أن يستغل الرجل قوامته في أن يقطع صلة زوجته بأرحامها لأن في هذه الصلة البر والإحسان بالوالدين وهي مأمورة ببرِّهما والإحسان إليهما في الصحة أو المرض. ويحذر الدكتور احمد عمر هاشم من تراجع صلة الرحم ويطالب بتربية الأبناء في منزل به قدوة تؤكد أهمية صلة الرحم خاصة بعد أن تحولت المدن إلى جزر معزولة لا يعرف أبناؤها أي شيء عن أصولهم، فالله جعل الرحمة اسماً من أسمائه ودعا إلى صلة الرحم وعلينا أن نعمل بالأحاديث التي دعت إلى ذلك والاقتداء بالصحابة الذين كانوا يبرون كل من يحبه آباؤهم. ودعا إلى أن نعيد للمؤسسة التربوية مجدها وأن نعيد بناء التفكير الديني بغرس المبادئ الأساسية التي تحض على بر الوالدين وإعادة صلة الرحم بين أفراد المجتمع وتوطيد العلاقات الاجتماعية. تخفيف الضغوط النفسية وتقول الدكتورة كريمان بدير، أستاذ علم النفس: تبدو مظاهر الفرحة جلية بصلة الرحم، وتتحسن الحالة النفسية للفرد، نتيجة إفراز هرمون الأدرينالين المنشِّط للأوعية الدموية الذي يعمل على انبساط الأوردة والشرايين فيساعد في عملية هضم الطعام، والإحساس بارتفاع الحالة المزاجية وسط تجمع العائلة. وتؤكد أن ما يجنيه الأبناء من مردود يتمثل في الإحساس بالتواصل بسبب مشاعر الكبار فتنمو في نفوسهم الرغبة في التواصل وهذه الحالة تساعد على تنشيط وتجديد خلايا النمو للأطفال، فالإنسان يحتاج دوماً إلى المساندة الاجتماعية للشعور بحب الآخرين له لأن ذلك وثيق الصلة بالشعور بالانتماء. وأكدت أن هذا التواصل يخفِّف الضغوط النفسية حيث يفوز واصلُ الرحم بمؤازرة أقاربه خاصة في وقت المشاكل التي تواجهه لذلك يصاب قاطع الرحم بالاكتئاب بسبب عزلته عن الآخرين فيشعر بقلق دائم وكثيراً ما يتجه إلى الإدمان أو البحث عن الصحبة التي فقدها في أصدقاء السوء. وأضافت إن على الآباء ترغيب الأبناء في أقاربهم، فالأسرة هي السياج الحامي للأبناء من الانحرافات حتى لا يظهر جيل يجهل حقوق الوالدين وصلة الرحم.