الحائرة: أنا متزوجة منذ 9 سنوات ، ولدي بنتين ، وزوجي كثير المشاكل معي وبخاصة بسبب أهلي ، وفى الفترة الأخيرة أقسم زوجي علي بعدم دخول أهلي إلى غرفة نومي ، ثم إلى المنزل بصفة عامة ووقع علي يمين طلاق بسبب دخول أختي غرفة نومي بدون معرفتي إنه أقسم بذلك ، والآن أنا في حكم المطلقة بالكلمة لأن زوجي عندما عرف ذلك قال لي أنت بذلك طالق ومحرمة عليه وحاولت معه أن يرد اليمين لكن دون جدوى فتركت المنزل وذهبت لمنزل والدي ، حتى لا أرتكب حرمانية والآن زوجي اتصل بي وخيرني ما بين مقاطعة أهلي لمنزلي أو عودتي للمنزل أي أنه يخيرني لو لم أوافق يكون طلاق نهائي أو ألا يزورني احد من أهلي ، لا أعرف ماذا أفعل هل أخسر أهلي من أجله أو أخسره هو لسبب ليس لي ذنب فيه بالرغم من أن أهلي يعاملونه بصورة جيدة جداً لا يتخيلها أحد ولكنه يشعر أنني وبناتي نميل ناحية أهلي أكثر من أهله ماذا أفعل ومن اختار وما مصير ابنتي في هذا القرار بالرغم من أن أهلي ليس عليهم أي لوم. عزيزتي الحائرة.. صديقتي أهلا بك ، في الواقع هناك أزواج كثيرون وزوجات أيضاً ، يكرهون أهل الشريك الآخر، ويعتبرون أن وجودهم في حياتهم مفسدة للطرف الآخر بل وقوة قد تمثل تحالفاً ضد الطرف الثاني ، وكأن الزواج ليس إلا حرباً خفية أو معلنة بين جبهتين ولابد من الانتصار لأي طرف لذا يحاول كل طرف بطريقته ، وينسون تماماً أن الزواج هو اتحاد عائلتين واندماجهما معاً وصهرهما في بوتقة تحمل معنى الاحترام والمودة . فإما أن يستقطب الأهل تجاهه أو يطردهم من حياته ، وهو ما فعله زوجك فهو خشي من ارتباط الأولاد بأهلك وظن أنهم يستقطبونهم نحوهم ولذلك قام بمقاطعتهم وطلب منك أن تقاطعينهم أيضاً ، أنا لا أعرف خلفيات الموضوع ولماذا هو يتخذ من أهلك هذا الموقف . والمطلوب منك بما أنك الوسيط الوحيد والأقرب للطرفين أن تعملي على تقريب وجهات النظر بين زوجك وعائلتك ، بمعنى أن تنشري الحب بينهما ، وتشرحي له أن مقاطعتك لأهلك وحرمانه لك من زيارتهم تدخل في قطع صلة الرحم ، فهو محتاج إلى من ينبهه إلى حرمة قطع صلة الرحم وإلى أنها الطريق نحو الجنة . وقد يجهل الكثيرون ضرورة صلة الرحم وأهميتها واعتبار قطيعتها معصية وكبيرة من الكبائر وقد ورد في صلة الرحم آيات كثيرة قال تعالي :- (( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً ) سورة النساء:36. وقال أيضاً في موضع آخر :- ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً * وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ) سورة الإسراء:27 . هذا بخلاف ما ورد من أحاديث فقد قال صلي الله عليه وسلم ، ( من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه). فالأمر واضح ولن يحتاج منك جدل لإثبات صحة موقفك ، فالحلال بين والحرام بين ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، أنا لا أشجعك علي عصيان زوجك لكنني في نفس الوقت لا أنصحك باستمرار مقاطعة أهلك ، لأن ذلك لن يدر عليك ولا عليه أي مكسب بل العكس سيخسر الكثير بسبب تعنته ، لذلك أرجو أن تتعاملي معه بهدوء وحزم في آن واحد وحاولي أن تمسكي بالعصا من المنتصف فلا تخسريه أو تخسري أهلك ، وإن كنت أرى أنها مجرد أزمة وستنقضي .