كان فوق مستوى كلّ التوقّعات، فبعدما انتقده المدرّب لعدم إخراج إمكاناته الكاملة قدّم أخيرا أداء مثاليا يُحسد عليه في نهائي كأس العالم تحت 20 سنة تركيا 2013، إنه النّجم الصاعد بول بوغبا، ذلك القائد الجبّار الذي لا يهاب الضغوط مهما كبرت، إنه الكابتن الفرنسي الذي يزداد عزيمة وتحفيزا بازدياد ضغط المباريات وكِبر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه. عن موقع "الفيفا" بوغبا وفي حوار مطوّل خصّ به موقع (الفيفا)، حيث كان يرفع لقبه بفخر واعتزاز والابتسامة تعلو شفتيه وتزيّن وجهه البشوش، تحدّث عن الكثير من الأمور التي تخصّ مستقبله الكروي، ارتأينا أن نقدّم لكم أهمّ ما قاله. * لقد تُوّجتم أبطالا للعالم وبركلات الترجيح، نحن نعلم المشاعر التي ينطوي عليها إنجاز من هذا النّوع، لكن ما هو الشعور الذي تملّكك بعد هذا الأداء الرّائع؟ ** ماذا عساي أن أقول، أنا عاجز عن إيجاد كلمات للتعبير عن مشاعري، إنه إحساس جميل، بالكاد أستطيع التحدّث. أنا سعيد حقّا، نحن جميعا سعداء لإنهاء مشوارنا بهذه الطريقة، إنه إنجاز خارق للعادة. * شاهدناك تتحدّث مع كلّ من زملائك، واحدا واحدا أثناء الوقت الإضافي وقبل ركلات الترجيح، ماذا كنت تقول لهم؟ ** قلت للجميع إننا إذا كنّا قد وصلنا إلى المباراة النّهائية فهذا يعني أن مسيرتنا يجب ألا تتوقّف هنا، إذا كنّا لم نفز بعد فليس من حقّنا التوقّف. الآن وأكثر من أيّ وقت مضى يجب أن نعطي كلّ ما في جعبتنا وسيسير كلّ شيء على ما يرام، كنّا جميعا في أفضل حال وفي نهاية المطاف سار كلّ شيء على النّحو الأمثل وتُوّجنا أبطالا للعالم. * فيما يتعلّق بركلتك الترجيحية هل كنت تحاول تحطيم الرّقم القياسي العالمي في تنفيذ أبطأ ضربة في التاريخ؟ ** (يضحك) آه! إنها طريقتي الشخصية في تنفيذ الرّكلات، تدرّبت دائما هكذا، لقد سارت الأمور بشكل جيّد حتى الآن وأنا لم أهدر أيّ ضربة جزاء، إنها طريقة تساعدني كثيرا، إنه تحدٍّ بيني وبين الحارس. أنظر، ثمّ أنظر، ثمّ أنتظر، أعلم أن الحارس يترقّب لحظة الارتماء بفارغ الصبر، وعندما أراه يبدأ في التحرّك أسدّد في الجانب الآخر. لقد سدّدت دائما هكذا، حتى مع جوفنتوس في التدريب أستخدم نفس الأسلوب. المدرّب ينتابه الخوف دائما عندما أسدّد ركلات الجزاء، لكنه يثق فيّ كذلك لأنني لم أخفق فيها أبدا. * في النّهائي قدّمت مباراة من الطراز الرّفيع وكان أداؤك مثاليا في كلّ الجوانب، هل يشعر اللاّعب بأنه في يومه الكبير منذ الكرة الأولى التي يلمسها؟ ** بصراحة لم أكن أشعر بذلك حقّا، كان أداء الفريق أكثر أهمّية، قدّمنا جميعا مباراة جيّدة وقد كوفئنا على ذلك. * لكن الكرة الذهبية لم تُعطَ للفريق بأكمله، أنت الفائز الوحيد... ** هذا صحيح، كنت مركّزا في المباراة بشكل رهيب، لا يمكننا أن نفوّت فرصة اللّعب في نهائي كأس العالم، خصوصا وأن الأعين كانت شاخصة علينا، وربما بشكل أكبر عليّ أنا شخصيا. كنت مصمّما منذ البداية، وقد ظهر ذلك جليا من الكرة الأولى التي لمستها، لقد كوفئت على ذلك بنيل لقب بطل العالم وهذه الجائزة الفردية. * في حديثه لموقع (الفيفا) أقرّ مدرّبكم بيير مانكوفسكي بأنه كان يتوقّع منك أداء أفضل، وأنك لم تقدّم حتى الآن كلّ ما كنت مطالبا بتقديمه، وأنك لا تلعب مرتاحا في بعض الأحيان، هل كان هناك خطاب خاص قبل المباراة؟ ** إنه يذكّرني دائما بذلك، إنها طبيعتي، أنا أحاول دائما القيام بعمل جيّد وتقديم ما هو أفضل وأحيانا أكثر من اللاّزم، هذا شيء من شأنه أن يساعدني مستقبلا، يجب أن أتحلّى بالبساطة، إنه شيء يأتي مع الخبرة. كلّما لعبت أكثر كلّما ازداد فهمك للّعبة وازدادت قدرتك على القيام بالأمور على النّحو الأفضل، هكذا يظهر اللاّعبون الكبار من أمثال تشافي وأندريس إنييستا وأبو ديابي ويايا توري. أعلم أنه ما يزال هناك الكثير من العمل في انتظاري، أمّا الآن فأنا سعيد بإحراز هذه الكرة الذهبية والتتويج بطلا للعالم. * لقد لعبت اليوم تحت مرأى لاعب سابق تُوّج بطلا للعالم مثلك ولعب مع جوفنتوس مثلك كذلك، إنه ديدي ديشان... ** (يضحك) لم يخطر ذلك ببالي.. نعم، إننا نلعب في نفس الموقع وقد كان قائدا للفريق هو أيضا، الكثير من القواسم المشتركة، ذلك يجعلني سعيدا حقّا. اللّعب تحت مرأى لاعب جوفنتوس وبطل عالم سابق، إنه شيء جميل جدّا، لقد جاء ليتحدّث إلينا في الفندق قبل المباراة حيث ألقى على مسامعنا بعض الكلمات لتشجيعنا، لقد سارت الأمور على نحو جيّد. * أنت تنتمي إلى عائلة تعجّ بلاعبي كرة القدم، أخواك الأكبر سنّا يحترفان اللّعبة أيضا، ولو أنهما حتى هذه اللّحظة لم يبلغا نفس القدر من النّجاح الذي حقّقته، هل يمكن اعتبار هذا اللّقب العالمي هدية لهما أيضا وهما اللذان يعيشان هذا الحلم من خلال مسيرتك المتألّقة؟ ** لقد تحدّثت معهما هاتفيا، إنهما سعيدان حقّا بما أنجزته لكنهما لم يتفاجآ لذلك، قالا لي إنهما كانا يعرفان أنني سأصل إلى هذا المستوى، وأن ذلك كان واضحا في تصميمي، بدونهما وبدون عائلتي لم أكن لأبلغ هذا أبدا وهم يعرفون ذلك، لذلك هذا اللّقب هو ملك لهم جميعا، بل إنه وسيلة لكي أشكرهم وأشكر جميع أقاربي الذين لا يزالون يساندونني، فبدونهم لم أكن لأتواجد هنا، لم أكن لأمضي قدما ولم أكن لأصبح هذا الشخص الماثل أمامكم اليوم، لم أكن لأفوز أبدا بكأس العالم.