تتحد معظم العائلات في الأطباق المحضرة خلال رمضان بحيث يعد طبق الشربة الطبق الرئيسي لدى مختلف الأسر، ومهما تنوعت أسماؤه بين مناطق الوطن، إذ يتخذ اسم الحريرة في مناطق الغرب والجاري في مناطق الشرق، لكنه يتحد في كونه طبقا خفيفا أو حساء يفتتح به الصائم أكله خلال وجبة الإفطار. أما عن وجبة السحور فيفضل الكل جعل الكسكسي طبقا رئيسيا لتلك الوجبة ويكون مرفوقا بالزبيب واللبن أو الحليب بالنظر إلى خفة الطبق واحتوائه على الطاقة والفيتامينات التي تمكن الصائم من القدرة على الصيام في اليوم الموالي، لكن وعلى الرغم من منافعه ألغت بعض الأسر حضوره على موائد السحور واختارت أن تستبدله بوجبة القهوة أو الشاي على الرغم من تسجيل حضوره القوي بين العائلات منذ الماضي البعيد. لكن التغييرات التي طرأت على بعض العادات والتقاليد جعلت من البعض يبتعدون عن كل ما هو مترسخ في مجتمعنا منذ القدم، ويعللون ذلك باستبدال الطباع ومتغيرات الحياة وظروفها الراهنة، ولحق التغيير كل الجوانب سواء المأكل والمشرب ومختلف العادات الأخرى التي باتت تنسلخ عن المورثات الاجتماعية لاسيما في رمضان، بحيث غابت تلك السهرات المقامة بين الأحباب والجيران إلى مطلع الفجر، من دون أن ننسى غياب بعض السلوكات التي تزيد من التماسك ومتانة الروابط الاجتماعية على غرار تبادل الأطباق بين الجيران كعادة حميدة تلاشت مع تعاقب السنين، وميزت الأنانية بعض السلوكات والطباع حتى صار في بعض الأحيان الجار عدو جاره لأسباب تافهة لا ترقى إلى ذلك الحقد والعداوة كمظاهر منافية لتعاليم ديننا الحنيف الذي يوصي بتمتين الروابط الاجتماعية والأخوية بين أفراد المجتمع الواحد. وما يعبر عن ذلك الاتحاد هو اشتراك أبناء المجتمع الواحد في العادات والتقاليد نفسها، نذكر من بينها الأطباق المحضرة والتي تتفنن فيها النسوة لاسيما خلال الشهر الكريم إلا أننا نجد بعض التجديد قد طرأ حتى في عادات الأكل خلال رمضان نذكر منها استبدال بعض الأطباق التقليدية التي كانت تترأس الوجبات خلال الشهر الكريم على غرار الكسكسي ذلك الطبق التقليدي الذي شاع بين مختلف مناطق الوطن، بحيث من ذكر الكسكسي فهو بالفعل يذكر عراقة وأصالة المجتمع الجزائري، بحيث يتربع على عرش موائد السحور في الكثير من البيوت الجزائرية إلا أنه يغيب وللأسف ببيوت أخرى رأت أنه لا حاجة لحضوره واستبدلته بوجبات خفيفة قد لا تضمن طاقة الصائمين ونشاطهم خلال يوم من الصوم. في هذا الصدد رصدنا بعض آراء النسوة حول الوجبات التي يفضلنها خلال السحور، ومدى تمسكهن بالطبق التقليدي المعروف فتباينت آراؤهن. السيدة فريال في العقد الرابع قالت على الرغم من أن لها أسرة صغيرة إلا أنها لازالت تتمسك بتحضير طبق الكسكسي في كل يوم خلال رمضان خصيصا لوجبة السحور بالنظر إلى عادات زوجها في الأكل، وعادة ما ترفقه بالزبيب واللبن وفي بعض الأحيان بالبطيخ الأحمر المتوفر في هذه الأيام، لتختم بالقول أنها تصبح وزوجها في غاية صحتهما ولياقتهما بعيدا عن الإحساس بالعطش أو الجوع أو التخمة بالنظر إلى كونه طبقا خفيفا يستمد الصائم منه طاقته. فطيمة عجوز في العقد السابع عبرت بالقول أن طبق الكسكسي هو طبق اعتمدته العائلات في سحورها منذ القدم بالنظر إلى خفة الطبق الغني بالفيتامينات والطاقة، ورأت أن حضوره تراجع لدى سيدات اليوم اللواتي يبحثن على الاختصار وإنقاص الجهد في كل شيء واستبدلن ذلك الطبق بأكلات غير صحية، إذ قالت إنها على معرفة بأناس يتسحرون بالجبن أو بالزبدة والحليب أو القهوة والشاي المرفقين بالبريوش، ورأت أنها وجبات إضافية تضيفها العائلات التي تختار طبق الكسكسي في سحورها، ومن الغريب الاعتماد عليها كوجبات رئيسية في السحور كونها لا تمتع الصائمين بالقدرة على الصيام كطبق الكسكسي. وتجدر الإشارة أن من النسوة من يحضرن الكسكسي ببيوتهن ويجففنه قبل رمضان خصيصا للشهر الكريم، ويرين أن نكهته تضاهي بكثير الكسكسي الصناعي.