للمدية عادات وتقاليد في كل مناسبة دينية خاصة في شهر رمضان المبارك، حيث يعتبر طبق الكسكسي بالزبيب أو المسفوف أكثر من ضروري في وجبة السحور، والتي تكون طوال 30 يوما من شهر رمضان وبأغلب بلديات ولايات المدية على غرار بعض الولايات المجاورة. لكن رياح العصر التي أتت على العديد من التقاليد والعادات الشعبية تدفع للتساؤل عن مدى التزام الأسرة المداينية التركية بطبق المسفوف الذي هو عبارة عن كسكسي به الزبدة وقليل من الزبيب )العنب المجفف( ويسقى بالحليب أو اللبن، فيما تفضل بعض العائلات الجزائرية تحضير هذا الطبق بالخضار بدلا من الزبيب. والمعروف عموما عن هذا الطبق أنه وجبة خفيفة تساعد مستهلكها على مقاومة الجوع، ومن خلال الحديث مع بعض المواطنين بخصوص هذا الطبق، قال كبار السن أنهم مازالوا متشبثين بهذه العادة التي تميز المطبخ المداني تشبث الرضيع بأمه، وحتى شباب اليوم بدوا متعلقين بنكهة هذا الطبق التقليدي، لكن بين هاتين الفئتين فئة أخرى من شباب اليوم يستهويها ارتشاف فناجين القهوة مع الهلاليات )البريوش( أو الحلويات، بدلا من تناول هذه الوجبة، في ظل إغراءات المعروضات البديلة المتاحة في المخابز والأسواق. وأثناء دردشتنا مع سيدة وهي ربة بيت قالت »إن الكسكسي بالخضار بدلا من الزبيب مازال يتربع على مائدة السحور في بيتي، وأنا شخصيا لا أتوانى عن تحضير هذا الطبق لأفراد أسرتي، مع الحرص على تنويع وجبات الإفطار لكن هذا لا ينفي أن بعض أبناء اليوم في المنطقة بدأوا يتخلون عن المسفوف«. هذا مواطن آخر يوشك على التقاعد، أشار إلى أن التهافت الملحوظ على الزبيب الذي يصل سعره إلى 450دج للكيلوغرام الواحد، يترجم بلا شك مدى تمسك الأسرة الجزائرية بعادة الكسكسي الممزوج بالزبيب، خاصة وأن الأمر يتعلق بوجبة خفيفة وذات فوائد صحية. وقد طرحنا السؤال نفسه على بعض شباب اليوم، فاتضح أن العديد منهم يعشق هذا النوع من الكسكسي، مثل الزبير الذي يعيل عائلة من 5 أفراد كشف أن هذه الوجبة تصاحب وجبة سحور أسرتي كل عام، وأنا بحكم العادة لا يمكن أن أتخلى عنها، وجدت طبق الكسكسي بالزبيب على مائدة السحور جاهزا دون أن أطلب من أمي إعداده، ما يشير إلى أن التسحر بهذه الوجبة ما يزال تقليدا ساريا في وسط العائلات الجزائرية. وعن سبب التزامه بهذه العادة رد: »أعتقد بأنه الإدمان وعموما، يبدو من خلال الآراء المسجلة أن تناول طبق المسفوف في السحور مازال عادة قائمة تعطي لهذا اليوم نكهته التقليدية في المجتمع المداني الذي عرف عدة تغييرات في ظل تطورات العصر«.