عاد التلاميذ والطلبة منذ أكثر من أسبوع إلى مقاعد الدراسة، وكلّ واحد فيهم يُسطر أحلامه وأهدافه لسنته الدراسية ولحياته العلمية كلها، ويمني نفسه بالعمل والنجاح الذي يحلم به كلّ تلميذ او كلّ طالب. ولان إيجاد منصب عمل مباشرة مع نهاية الدراسة أمر صعب، فان الكثير من الطلبة لا يكتفون بتخصص واحد، بل إنهم يدرسون في السنة الدراسية الواحدة أكثر من تخصص، وحتى لو كانت غير متكاملة، أي أنهم يدرسون المواد العلمية وتلك الأدبية في آن واحد، إلاّ أنهم يرون أنهم بذلك سيضاعفون من فرص العمل بعد التخرج هذا بالإضافة إلى المهارات التي سيكتسبونها في ميادين شتى، وقد انتقلنا إلى الجامعة المركزية، وتحدثنا إلى بعض الطلبة الذين لم يبدؤوا الدروس بشكل فعلي، لكنهم مع ذلك كانوا كلهم يفكرون فيما يفعلون في دراستهم، وما يفعلونه كذلك في أوقات فراغهم، ففيما قرر أو أمتحن آخرون في تخصصات أخرى، فإن البعض فضلوا أن يدخلوا مدارس خاصّة لتعليم اللغات بعد ساعات الدرس. ومن بينهم علي، 22 سنة، والذي يدرس في السنة الثالثة قسم ترجمة، قال عن الأمر: "في الحقيقة أنا في سنتي ما قبل الأخيرة، وكنت ادرس لأدعم معلوماتي اللغة الانجليزية في مدرسة خاصة، أما هذه السنة فانا ادرس الاسبانية، وسأكمل بعد سنتين، وهو ما يساعدني بطبيعة الحال على متابعة دروسي في اللغات، فانا مثلا لا أجد الصعوبة التي يجدها زملائي في اللغتين الانجليزية والاسبانية، وحتى في اللغات الأخرى، خاصّة واني اسخر كل وقتي لباقي اللغات، ولهذا فان ساعات دراسة اللغات لا تؤثر في دراستي، بل بالعكس من ذلك توفر علي جهدا ووقتا آخر، كما أنني أفكر في أن شهادة او شهادتين إضافيتين ستساعدانني حتما على إيجاد وظيفة بطريقة سريعة". أمّا سلوى فهي تدرس علوم التجارة، وفي الآن نفسه تحضر لليسانس في اللغة الانجليزية، وقد يبدو التخصصان بعيدين عن بعضهما البعض، لكن سلوى تشرح لنا سر اختيارها تقول: "في الحقيقة أن التجارة تحتاج بطبيعة الحال إلى ذكاء وفطنة، وكذلك التفتح على الآخرين، ولا يكون ذلك إلا بالتمكن من اللغات الأجنبية، وخاصّة الانجليزية، او على الأقل هي اللغة التي أعاني من ضعف فيها، كما أننا في الجامعة لا ندرس بشكل يومي، وقد رأيت البعض من زملائي ممن يدرسون ويشتغلون في نفس الوقت، وقلت في نفسي لمَ لا استغل وقتي أنا كذلك في أشياء مفيدة؟ فاخترت اللغة الانجليزية التي تساعدني في دراستي وفي الحياة العملية، وكذلك فإنني أحبها وأحب تعلمها". أما نسرين من جهتها فأخبرتنا أنها انتهت من شهادة ليسانس في علوم الشريعة السنة الماضية، وهي الآن تحضر لشهادة في اللغة العربية وفي الاقتصاد كذلك تقول: "العلم جميل، والواحد منا لا بد أن ينتهز الفرصة وان يدرس ما أمكنه قصد التعلم، ليس سعياً وراء فرص العمل فقط بل حتى ليرضي نفسه، لأنّ وقته ثمين وسيحاسب عليه لا محالة، لهذا فليحسن استعماله".