قد تكون للشاشة مساوئ كثيرة وعديدة على الطفل، من حيث أنها تلهيه عن دراسته، وتجعله يقبع أمامها ربما كامل ساعات النهار، وقد لا يدرس وقد لا يأكل وقد لا يخرج كذلك إلى اللعب، لكن في المقابل فان الشاشة قد تكون مفيدة كثيرا للطفل ولدراسته كذلك ونمو عقله وإدراكه وحتى لغته. خاصّة بالنسبة لأفلام الكرتون أو الرسوم المتحركة التي تعتبر أمرا هاما بالنسبة للطفل لأنها تفتح له آفاقا لم يكن يعرفها من قبل وتساعد على نموه اللغوي وهو ما أثبته الواقع في مرات عديدة، فكلما كان الطفل مواظبا على مشاهد تلك الأفلام كلما زادت قدراته اللغوية أكثر فأكثر، وهو ما يؤكده لنا بعض الأولياء الذين صادفناهم، والذين لهم آراء متباينة بخصوص تلك الأفلام، تقول لنا صفية: "أولادي يشاهدون أفلام الكرتون باستمرار، وأحيانا اجلس أمامهم وهو يرونها واراهم يرددون بعض الألفاظ والكلمات التي تقولها الشخصيات، وهي لغة فصيحة آتية من الأردن ولبنان وسوريا، وغيرها من البلدان العربية التي لازال سكانها يجيدون العربية الفصحى ويتحدثون بها بطلاقة، فأجد ذلك جيدا لهم، خاصة وأنهم يتقدمون في دراستهم بها، كما أننا في يومياتنا لا نتحدث العربية، لهذا فالطفل قد يجد صعوبة في تعلم لغته، ولعل تلك الأفلام هي الحل الوحيد حتى يألف العربية". أما نجية فتقول عن الأمر: "لي ابن في السادسة وآخر في العاشرة من العمر، لا يمضي يوم إلاّ وأجبرتهما فيه على متابعة مسلسل كرتوني أي مسلسل، المهم أن يتقنا اللغة، ولان اللغة التي يجدون فيها صعوبة أكثر هي الفرنسية فقد جعلتهم يتابعون الأفلام الكرتونية بالفرنسية، وهو أمر هام لنموهم الذهني ولنمو القدرات اللغوية كذلك عندهم، فاللغة لا بد أن نألفها منذ صغرنا، وان مرَّ وقت ولم نعتد عليها ولم نستعملها فإننا سنجد صعوبة كبيرة في تلقنها، وهو ما قد يحدث لأبنائنا أن لم نساعدهم ولم نحبب إليهم أفلام الكرتون تلك، فقد اشتكى لي ابني الأصغر بأنه لا يفهم منها شيئا، لكنني أخبرته انه يمكن أن يفهم مستعينا بالصور، وهدفي أنا من ذلك أن اجعله يسمع اللغة وقد نجحت تجربتي مع ابني الأكبر، فهو يحصل على علامات ممتازة ليس في اللغات فحسب بل في دراسته ككل فاللغة تساعده على فهم كل شيء وعلى ما تتلفظ به الأستاذة في القسم". وبالعكس من ذلك فهناك من يجد في تلك الأفلام الكرتونية بعض العيوب، مثل راضية، أم لثلاثة أطفال، تقول: "صحيح أن الأفلام الكرتونية التي تتحدث باللغة الفصيحة من المفروض أن تساعد الأطفال على تعلم اللغة او على الأقل الاعتياد عليها، لكن الأفلام التي يعرضونها في عصرنا هذا لا تزيد الطفل إلا جهلا وانطواءً على نفسه، ولا تعلمه لا لغة ولا أخلاقا ولا شيء، في السابق كانت أفلام الكرتون تثقفنا، أما اليوم فإنني لا أرى فيها لا محتوى ولا شيء، لا ادري إن أصبحت انظر إليها هكذا لأنني كبرت أم أنها فعلا كذلك، فهي ليست واقعية ولا شيء".