يتعرض العديد من الأطفال أثناء نومهم إلى أحلام مزعجة، تعرف عند العامة بالكوابيس، وهي عبارة عن حلم مخيف ومرعب يؤدي إلى انزعاج شديد مع اليقظة وعدم القدرة على مواصلة النوم لفترة حتى يهدأ الشعور بالخوف. وقد تصل درجة الانفعال والهلع بالطفل إلى حد الصراخ والاستنجاد وغالبا ما يحاول الطفل مغادرة فراشه، كما ويبقى الكابوس راسخا في ذاكرة الطفل بشكل واضح وجزء من ذكرياته المخيفة لفترة طويلة. ولأن الأمهات الأكثر حرصا على سلامة وصحة أطفالهن نجد أن الكثيرات منهن يقلقن بسبب تعرض أطفالهن مرارا وتكرارا للكوابيس أثناء النوم، مما أدى إلى حدوث تغيير واضطراب في سلوكاتهم وزرع في قلوبهم الخوف الشديد حتى في اليقظة. الكوابيس المتكررة تؤرق العديد من الأمهات يصبح الكابوس أمرا مثيرا للاهتمام إذا تكرر في فترات متقاربة، حيث يؤدي إلى اضطراب نوم الطفل. ولاشك أن الأطفال الذين يعانون من مشكلات نفسية أو يعيشون ظروفا أسرية أو اجتماعية غير طبيعية، أكثر عرضة من غيرهم للكوابيس أثناء النوم. كما أن سماع القصص الخرافية ومشاهدة الطفل لأفلام مرعبة قبل النوم وراء تعرضه لكثرة حدوث هذا الاضطراب. ويتزايد حدوث الكابوس لدى الأطفال عند وجود ضغوط نفسية، أقل من الإجهاد النفسي. كما أن إرغام الوالدين للطفل على النوم بتخويفه يزيد من قلقه كقولهم: ''نم لأن الغول آت'' أو ''يجب أن تنام الآن لأن الوحوش تأكل الطفل الذي يرفض النوم''. وفي هذا السياق تكثر الأمثلة عن الأمهات اللواتي يعانين من اضطراب وخوف أطفالهن من الكوابيس التي تحدث لهم أثناء النوم. صليحة وهي أم لطفل يبلغ من العمر خمس سنوات، صرحت لنا قائلة إن ابنها أصبح يخاف من النوم بمفرده، حيث إنه يبدأ في الصراخ والبكاء كلما ابتعدت عنه، الأمر الذي جعلها تنام بجواره وتسرد عليه القصص مطولا قبل النوم، وتبقى تنتظره حتى ينام ويغفو. لكن هذه الوضعية أتعبتها كثيرة وهي بحاجة إلى حل نهائي للتخلص من هذا المشكل خاصة وأن كوابسيه أصبحت تشكل جزءا من حياته، فهو يعتقد أنها حصلت فعلا ويتكلم عنها كما لو كانت واقعا عايشه في اليقظة. أما فاطمة فتقول إن معاناة طفلها من الكوابيس أتت أساسا من الأفلام المرعبة فتقول: ''عند استيقاظ ابني البالغ من العمر 6 سنوات يبدأ في سرد أحلام مخيفة بكل حماسة، وقد امتدت هذه الحالة لأيام عديدة. علما أنه مولع بمشاهد الأفلام البوليسية التي تكتنفها مشاهد العنف والإجرام والأفلام المرعبة التي تحوي الكثير من المشاهد المفزعة كالعنف وأفلام مصاصي الدماء''. أما الضاوية فتقول: ''إنني أعاني يوميا من فزع ابني واستيقاظه المتكرر بسبب الكوابيس التي لا تكاد تفارقه، خاصة وأن استيقاظه المفاجئ يصاحبه حدوث اضطراب في تنفسه، كما وتظهر عليه كثرة التعرق وتخور قواه ولهذا أصبحت حاله تقلقني كثيرا مما جعلني أفكر في أخذه عند طبيب نفسي لمعاجلته''. الرعاية والاهتمام ضرورة لبعث الطمأنينة والثقة في نفسية الطفل ترى الأخصائية النفسية ليندة بن طالبي التي تحدثت ل ''الحوار'' في هذا الموضوع، أن الكابوس عند الطفل يبدأ ما بين 3 إلى 6 سنوات، وعندما يزداد تكراره، فإنه يصبح مصدر اهتمام ومشقة للأطفال والوالدين، بالرغم من أن كثيرا من الحالات يختفي عنها الكابوس مع النمو، وقليلون قد يستمر معهم الاضطراب إلى سن الرشد. كما وأنه في حالة استيقاظ الطفل بسبب رؤيته حلما مزعجا فإنه لاشك أن تكون هذه التجربة مخيفة، حيث أن الكوابيس وفزع النوم تعد من بين الحالات الشائعة في مرحلة الطفولة، لذا يجب إبعاد الطفل قدر المستطاع عن مشاهدة أفلام الرعب ولاسيما قبل النوم وكذا ضرورة التواجد بالقرب منه أثناء صراخه وبكائه، كون هذه الحالة لا شعورية ويجب اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة وإحاطة الطفل بعناية خاصة حتى يتخلص منها. كما أكدت على ضرورة رؤية الاخصائي النفسي في حالة تكرار الأمر الذي يجعله يؤثر على نفسية الطفل هذا من جهة. ومن جهة أخرى أريد أن أنصح العديد من الأمهات، تضيف بن طالبي، أن لا يقلقن ويضخمن الأمور، ففي كثير من الحالات لا يوجد هناك سبب للقلق، وفي حال قلقها، فعليها أن تقضي بعض الوقت للتحدث مع طفلها عن تلك الأحلام المخيفة وإذا أمكن تحاول أن تطلب من طفلها أن يرسم صورة لما أرعبه وكمربية للطفل والمسؤولة الأولى عنه، فهي بحاجة إلى الاحتفاظ بالهدوء وإدخال السكينة في قلب طفلها، ويجب أن تكون دائما السند القوي له وذلك عن طريق بعث الطمأنينة والثقة في نفس طفلها، فهذا سوف يشعره بالارتياح والأمان.ولتحقيق ذلك، تضيف بن طالبي، هناك عدة خطوات أنصح بها كل الأمهات اللواتي يعانين حدوث الكوابيس عند أطفالهن. أول خطوة تبدأ بمحاولة منع حدوث هذه الكوابيس وذلك بمراقبة ما يشاهده الطفل في التلفزيون أو الفيديو من مشاهد مخيفة أو عنيفة، خاصة عند اقتراب وقت النوم. كذلك تحاول الأم تجنب سرد القصص المخيفة التي يمكن أن تطلق العنان لخيال طفلها. ثانيا: الاستعداد التام لأنه لا مفر من الكوابيس عند الأطفال، لذا يجب أن تتأكد من أنها تستطيع سماع صوت طفلها إذا صرخ في الليل، فإذا كانت غرفة الطفل بعيدة فتركيب جهاز الاتصال الداخلي سيكون مفيدا وفعالا وفي حال وجود مربية يجب أن تتأكد الأم من أنها قادرة على تهدئة الطفل إذا أفاق مذعورا. ثالثا يجب أن تذهب إلى طفلها إذا سمعته يصرخ في أسرع وقت ممكن لأن الأطفال يحتاجون إلى أوليائهم لتدهئتهم وإشعارهم بالأمان. رابعا: البقاء مع الطفل فمن المهم أن يبقى الأولياء مع الطفل حتى يعود إلى النوم مرة أخرى. خامسا: توفير الاطمئنان، وهي نقطة مهمة يجب على كل أم أن تحرص على القيام بها، فيجب أن تشعر الطفل بأنها موجودة لحمايته وتكلمه بصوت هادئ لتسكينه. سادسا: التركيز على الهدوء وتمالك الأعصاب، فإن حصل وبدا عليها القلق والتوتر فسيلاحظ الطفل ذلك ويشعر بالضيق ويزيد انزعاجه أكثر. سابعا: أن تشعر طفلها بالأمان وهذا بإشعال ضوء منخفض وتترك الباب مفتوحا عندما تخرج من غرفة طفلها. ثامنا: أن تدع الطفل يبقى في غرفته لأنه إذا كانت الأم تشجع طفلها على النوم بقربها بعد الكابوس، فهذا السلوك سيؤكد له بأن غرفته ليست آمنة. تاسعا: الحديث عن الكابوس، فعلى كل أم مهتمة تشجيع طفلها على التحدث عن الحلم المخيف الذي رآه وتشجيعه على سبل التغلب على الخوف من أحلامه. فبقليل من التفكير الإبداعي سيتمكن طفلها من إيجاد نهاية سعيدة لذلك الحلم. والنقطة العاشرة والأخيرة، هي استحداث نمط جديد لنوم الطفل فيجب على كل أم تشجع طفلها على الذهاب إلى الفراش في وقت محدد ومبكر ليلا وتعويده على الاستيقاظ في نفس الوقت صباحا.