تعرف مدينة البليدة إقبالا كبيرا على صلاة التراويح في مسجدها الكبير مسجد (الكوثر)، ليس فقط لموقعه الجيد أو لطابعه المعماري الذي يجمع بين العراقة والفخامة، بل للجو الروحاني الذي يسوده حين يؤم الشيخ محمد بن عبد القادر البليدي فيه بالمصلين وعرف الشيخ محمد بن عبد القادر البليدي بصوته الرخيم حين كان مؤذنا في مساجد بالبليدة وبالرغم من بلوغه 85 سنة، إلا أنه لا يزال يستقطب المصلين من عديد المدن المجاورة للولاية بالنظر إلى الوضوح الذي تتسم به تلاوته ونبرة الخشوع التي تبكي المصلين وراءه. يقع مسجد الكوثر بساحة التوت القلب النابض لولاية البليدة ويعتبر من أهم المعالم الإسلامية التي تضرب بجذورها إلى القرن 16 من العام 1533ميلادي تاريخ تأسيسه على يد الشيخ سيدي احمد الكبير، حيث بني على تبرعات أهل مدينة الورود من الأندلسيين الذين وطنوها بعد نكبة الأندلس، قبل أن يتعرض المسجد إلى انتهاك حرمته وتحويله سنة 1830 إبان الاحتلال الفرنسي إلى كنيسة للفرنسيين، وقد ظلت على حالها إلى غاية عام 1974م عندما أعلنت السلطات الولائية بمعية مديرية الشؤون الدينية بالبليدة عن إعادة بناء المسجد وتوسيعه، وقد أطلقت عليه تسمية (الكوثر) ليفتح رسميا للمصلين سنة 1981م. وأهم ما يميز مسجد الكوثر فساحته و انشراحه حيث يتربع على مساحة 12000م2، مكنته من استقطاب أكثر من 12 ألف مصلي في المناسبات الدينية وخاصة خلال شهر رمضان، و يحوي الجامع الذي تعاقب عليه كبار الأئمة بالجزائر كالشيخ علي الشرفي و محيي الدين تشاتشان والشيخ الزبير على عدة مرافق هامة جعلته مقصد طالبي العلم والشريعة، فعلى غرار قاعة الصلاة الواقعة بالطابق العلوي التي تتربع على نحو 4000م2 و تتسع ل8000 مصلي حيث ترتكز على 25 عمودا منها الأعمدة المزدوجة، يضم الطابق السفلي للمسجد مدرسة قرآنية وقاعة للمحاضرات بقدرة استيعاب 550 مقعد، إلى جانب مكتبتين داخلية وخارجية والمركز الثقافي الإسلامي، كما زادت قبة الجامع الكبير التي تعتبر من أكبر قباب المساجد عبر قطر الوطن من أناقته العمرانية، إلى جانب مآذنه الأربع التي اعتمد المهندسون في بنائها على الشكل الثماني، حيث يبلغ طول كل مئذنة 60 مترا، ولعل أهم ما يميز مسجد الكوثر طبيعة بنائه الحديث الذي امتزج بتصميم قديم و أصيل، حيث يوجد بداخله محراب منقوش عليه آيات قرآنية بالجبس و منبر ثابت مبني بالرخام، ويرتكز التعبير الفني بالمسجد في كتابة المصحف الشريف كله على بلاطات تحيط به من الداخل والخارج. ولا تتوقف النشاطات الدينية في مسجد الكوثر خصوصا في شهر رمضان لما لهذا الشهر من قيمة، حيث تقام دروس ويقرأ فيه الحزب الراتب يوميا، بالإضافة إلى التناوب على كرسي المسجد الذي يبادر به أساتذة قبيل صلاة العشاء ومن بين ما يتميز به مسجد الكوثر خلال شهر رمضان، هو الإقبال المتزايد للمصلين خلال فترة أداء صلاة التراويح، ومما يساعد على ذلك وجد المساحات الكافية للمصلين كي يركنوا سياراتهم بالقرب من المسجد حيث يعتبر مسجد الكوثر من بين المعالم الإسلامية العريقة التي تزخر بها ولاية البليدة.