تجري هذه الأيام بولاية البليدة أشغال ترميم هامة بمسجد الكوثر تشمل إعادة ترميم مرافقه الداخلية التي عرفت تصدعا واضحا بعد زلزال 2003. وجاءت هذه الأشغال بعد أن تبرع أحد المحسنين من أثرياء مدينة الورود بمبلغ يناهز 5 ملايير سنتيم يمثل الغلاف المالي الكامل للعملية وحسب ما علم من مديرية الشؤون الدينية بالولاية، فإن عملية الترميم ستشمل قبة المسجد أيضا ومآذنه الأربع. وتجدر الإشارة إلى أن مسجد الكوثر يعد واحدا من المعالم الوطنية المصنفة، وقد استقطب لسنوات وما زال آلاف المصلّين والباحثين عن العلم، فمسجد الكوثر يعد رمزا من رموز المدينة ويطل بمآذنه الأربع على ساحة التوت الشهيرة فيما تضرب جذوره إلى القرن السادس عشر من العام 1533 ميلادي، تاريخ تأسيسه على يد الشيخ سيدي أحمد الكبير، حيث بُني على تبرّعات أهل مدينة الورود، قبل أن يحول إلى كنيسة للفرنسيّين أثناء الحقبة الاستعمارية، ليعود ويشع بنور الهدى ويصدح فيه صوت الحق مجددا سنة 1974 عندما أعلنت السلطات الولائية بمعيّة مديرية الشؤون الدينية بالبليدة عن إعادة بناء المسجد وتوسيعه وقد أطلق عليه تسمية “الكوثر” استنادا لما ورد في الأثر الإسلامي، ليُفتح رسميّا للمصلين سنة 1981. ويتربع المسجد على مساحة 12000 م2 مكّنته من استقطاب أكثر من 12 ألف مصلٍ في المناسبات الدينية. ويحوي الجامع الذي تعاقب عليه كبار الأئمة بالجزائر كالشيخ علي الشرفي ومحيي الدين تشاتشان والشيخ الزبير على عدة مرافق هامّة جعلته مقصد طالبي العلم والشريعة، فعلى غرار قاعة الصلاة الواقعة بالطابق العلوي التي تتربع على نحو 4000 م2 وتتسع ل 8000 مصلٍ، حيث ترتكز على 25 عمودا منها الأعمدة المزدوجة. يضم الطابق السفلي للمسجد مدرسة قرآنية وقاعة للمحاضرات بقدرة استيعاب 550 مقعد، إلى جانب مكتبتين داخلية وخارجية والمركز الثقافي الإسلامي فضلا عن بيوت للوضوء، كما زادت قبّة الجامع الخضراء التي تعد واحدة من بين أكبر قباب المساجد عبر القطر الوطني من أناقته العمرانية، إلى جانب مآذنه الأربع التي اعتمد المهندسون في بنائها على الشكل العثماني حيث يبلغ طول كل مئذنة 60 مترا. ليعود التاريخ اليوم ويعيد نفسه من خلال هذا التبرع الذي سيحفظ لمسجد الكوثر معلم البليدة الأول، مركزه بعد أن كانت تبرعات سكان المدينة قد سمحت بتشييده منذ قرون خلت.