أوامر بالقبض الدولي على تسعة متّهمين في قضية "سوناطراك 2" دخلت قضية فضيحة مؤسسة (سوناطراك 2) منعرجا حاسما حين أعلنت العدالة الجزائرية أنها (تطارد) الوزير الأسبق شكيب خليل وبعض أفراد عائلته وعدد من المتّهمين بالتورّط في الفضيحة بصفة رسمية، وذلك بعد جدل طويل وإشاعات متضاربة. النّائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي أعلن أمس الاثنين بالجزائر العاصمة أن قاضي التحقيق المكلّف بملف (سوناطراك 2) أصدر أوامر بإلقاء القبض الدولي على تسعة أشخاص من بينهم وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل وزوجته وابنيه، وكذا المدعو فريد بجاوي. وأضاف السيّد زغماتي في لقاء مع الصحافة الوطنية أن الأوامر بإلقاء القبض الدولي الصادرة في حقّ المتّهمين التسعة دخلت حيّز التنفيذ منذ أسبوعين. وكانت النيابة العامّة الإيطالية قد أصدرت مذكّرة توقيف دولية للقبض على فريد بجاوي ابن شقيق وزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي، وهي المرّة الأولى التي تأمر جهة قضائية بتوقيفه منذ تفجير فضيحة تورّطه في قضايا فساد ورشوة مع عدّة شركات دولية، منها مجمّع (إيني) عملاق النفط الإيطالي، حسب ما تداولته الصحافة الإيطالية. وذكرت جريدة (الكوريير ديلا سيرا) الإيطالية أن النّائب العام لميلانو أرسل إنابات قضائية إلى كلّ من سنغافورة وهونغ كونغ للحصول على ترخيص من أجل حجز 123 مليون دولار أمريكي من أرصدة فريد بجاوي، الذراع الأيمن للوزير السابق شكيب خليل، منها 100 دولار مودعة في بنوك سنغافورة و23 مليون دولار في هونغ كونغ. كما وسّعت العدالة الإيطالية من إناباتها إلى كلّ من بيروت وباناما للاشتباه في وجود حسابات مصرفية باسم بجاوي المقيم في دبي والحامل لجواز سفر فرنسي، مع تعميمها على جميع أفراد عائلته والمقرّبين منه وعلى رأسهم وزير الطاقة السابق شكيب خليل للتحقيق في حسابات وأرصدة مالية مازالت مجهولة إلى يومنا هذا. واستنادا إلى المصدر نفسه فإن الأمر الدولي بتوقيف فريد بجاوي جاء بعد كشف التحقيقات الجارية لتفاصيل جديدة عقب توقيف المدير التنفيذي السابق ل (سايبام) بيتر وفارون الذي يعتبر حلقة الوصل في عملية الفساد بصفة سرّية في 28 جويلية الماضي، والذي كشف أمام القاضي الإيطالي أن سايبام تحصّلت في الجزائر على سبعة عقود بقيمة إجمالية بلغت 8 ملايير أورو مقابل دفعها 197 مليون دولار كرشاوى تمّ تقديمها على أنها تكاليف وساطة قامت بها شركة (بيرل بارتنيرز ليميتد) التي يديرها من هونغ كونغ الجزائري سمير أورايد لكن ملكيتها تعود في الحقيقة إلى بجاوي، حسب تأكيد فارون الذي اعترف أمام القاضي بأن (بجاوي قال صراحة إنه يسلّم الأموال لوزير الطاقة شكيب خليل)، وقال إن الثلاثي شكيب خليل وفريد بجاوي وباولوسكاروني مدير عام مجمّع (إيني) كانوا على اتّصال دائم والتقوا عدّة مرّات في باريس وفيينا وميلانو، حيث كانت الصفقات تمنح تحت الطاولة للإيطاليين مقابل أموال وامتيازات ل (خليل) وحاشيته، موضّحا أن الاتّفاق بخصوص الاستفادة من صفقة مشروع منزل لجمة تمّ مباشرة بين شكيب خليل وبين باولوسكاروني في باريس. ويتوقّع متتبّعون أن يخطو القضاء الإيطالي في أيّ لحظة بناء على ما توصّلت إليه التحقيقات خطوة مشابهة تتعلّق ب (شكيب خليل)، الشخص الأكثر تردّدا في فضائح الفساد التي هزّت قطاع الطاقة منذ 2007. ومن المعلوم أن الجديد الذي توصّلت إليه التحقيقات في ميلانو سيعيد فتح ملف تورّط الرئيس السابق لمجمّع سوناطراك محمد مزيان الذي لم يبرّر بعد أمام العدالة الجزائرية كيفية استفادته من رحلة إلى إيطاليا كلّفت 100 ألف دولار، وكذا استفادة ابنه من عقد مستشار لدى (سايبام) مقابل 10 آلاف أورو شهريا، وأيضا تلقّي رئيس ديوانه محمد رضا حامش عمولة بقيمة مليون و750 ألف دولار. من هو شكيب خليل؟ شكيب خليل (ولد في 8 أوت 1939 في وجدة بالمغرب)، وزير الطاقة والمناجم الأسبق وأبرز متّهم في فضيحة (سوناطراك 2). حصل شكيب على الدكتوراه في هندسة النفط عام 1968 من جامعة تكساس الأمريكية للزراعة والمناجم، ثمّ عمل مع شركة (شل) في ولاية أوكلاهوما بالولايات المتّحدة ثمّ في مكتب هندسي في دلاس، تكساس حتى 1971، وهو يحمل الجنسية الأمريكية، والتحق بشركة سوناطراك عام 1971. في عام 1980 التحق شكيب خليل بالبنك الدولي واشتغل في المشاريع المتعلّقة بالنفط تقاعد منه سنة 1999 وانضمّ إلى الحكومة التي عيّنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في وقت لاحق من ذلك العام، في عام 2001 عيّن رئيسا لشركة سوناطراك خلفه محمد مزيان في عام 2003، وكان أيضا رئيسا لمنظّمة (أوبك) لعام 2001.