أوامر دولية بالقبض على شكيب خليل وأسرته العدالة الجزائرية تأمر بالقبض على فريد بجاوي وأربعة متهمين آخرين أصدرت الجزائر أمس أوامر دولية بتوقيف تسعة متهمين في فضيحة سوناطراك 2 في مقدمتهم وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل وزوجته واثنين من أبنائه والمدعو فريد بجاوي، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، حيث لم يتم من قبل توقيف أو التحقيق مع أي مسؤول برتبة وزير لتورطه في قضايا متعلقة بالفساد. وأعلن النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي أمس في لقاء صحفي أن قاضي التحقيق المكلف بملف ما يعرف بفضيحة سوناطراك 2 أصدر أوامر دولية بتوقيف تسعة متهمين فيها، وذكر النائب العام أن في مقدمة هؤلاء وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل وأفراد عائلته، وهم زوجته من أصل فلسطيني وابنيه وذلك بتهمة الفساد وتبديد المال العام، وتضمنت قائمة المطالبين بالتوقيف أيضا المدعو فريد بجاوي الذي يعتبر الوسيط في كل التعاملات التي كانت قائمة بين وزير الطاقة والمناجم والشركة الايطالية "سايبام" وشخصين معنويين هما شركتا "سايبام" و"اوراسكوم للصناعة"، وأوضح زغماتي أن مذكرة التوقيف الدولية دخلت حيز التنفيذ مند أسبوعين. وأوضح النائب العام في هذا الصدد أنه ذكر أسماء هؤلاء المتهمين دون أسماء باقي المتهمين لأن الكثير من التساؤلات طرحت حولهم، وكشف في نفس السياق "أن قاضي التحقيق المكلف بالقضية وجه استدعاء لشكيب خليل قبل صدور أمر القبض الدولي في حقه، و أن المتهم استلم الاستدعاء ولم يحضر، لكنه رد في رسالة خطية لقاضي التحقيق قال له فيها "أنه مريض ويوجد بالولايات المتحدةالأمريكية ومنحه طبيبه راحة لمدة شهريين نصحه فيها بعدم السفر". وأضاف النائب العام يقول "أن كل هؤلاء المتهمين متابعون بتهم الرشوة وتبيض الأموال وإبرام صفقات مخالفة للتشريع واستغلال النفوذ واستغلال الوظيفة و قيادة جماعة إجرامية عابرة للحدود"، و أنه إلى جانب وجود 9 متهمين محل أمر بالقبض الدولي كان قاضي التحقيق المخطر بالملف قد أصدر سابقا أوامر بإيداع متهمين رهن الحبس الاحتياطي وإخضاع اثنين آخرين لإجراءات الرقابة القضائية. و أكد النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر نين أن العدالة الجزائرية لا تواجه و لا تعاني من أي ضغوظات في الملف القضائي "سوناطراك 2". وأوضح أن المقاربة التي تروج بأن القضاء الجزائري لم يتحرك في الملف ولم يحرك الدعوى العمومية إلا بعد تحرك القضاء الأجنبي وعلى وجه الخصوص القضاء الايطالي مقاربة خاطئة تماما. وأضاف زغماتي أن التحقيق في ملف "سوناطراك 2 " ما هو إلا امتداد لملف "سوناطراك 1" مبرزا أن التحقيق في القضية لا يزال في بداياته وهو متواصل ويسير بطريقة مرضية. وقال النائب العام في نفس السياق أن النتائج المتوصل إليها تعتبر إنجازا للعدالة الجزائرية من أهمها اكتشاف شبكة دولية منظمة في الفساد لها امتداد في أربع قارات. و أشار نفس المسؤول إلى أن القضاء الجزائري وردت اليه سابقا العديد من الإنابات القضائية الدولية "التي تطلب بموجبها عدد من الدول معلومات عن ملف سوناطراك كانت العدالة الجزائرية قد توصلت اليها". وخص زغماتي بالذكر في هذا الإطار سويسرا التي أرسلت للجزائر إنابة قضائية في جويلية 2012 تلتمس بموجبها معلومات حول شخص متهم رئيسي في قضية "سوناطراك 1" مضيفا أن العدالة السويسرية طلبت نسخة كاملة من ملف هذه القضية. وهو الأمر نفسه للقضاء الايطالي الذي طلب من نظيره الجزائري في انابة قضائية بتاريخ مارس 2012 يطلب من خلالها معلومات سبق للعدالة الجزائرية ان توصلت اليها في اطار التحريات والتحقيقات الخاصة بملف "سوناطراك 1+" كما أضاف نفس المسؤول. و أوضح زعماتي أن العدالة الجزائرية امام هذه الإنابات "كانت أمام خيارين إما ادراج المعلومات في ملف "سوناطراك 1" أو فتح ملف قضائي جديد وهو ما حدث و الذي يعرف اليوم بملف "سوناطراك 2". و جدد النائب العام التأكيد على أن القضاء الجزائري "لم يحرك الدعوى القضائية الخاصة بملف "سوناطراك 2" بناء على تحرك القضاء الأجنبي. وذكر النائب العام لدى محكمة الجزائر في هذا الشأن أن ثلاثة بلدان فقط أبدت استعدادها التعاون مع العدالة الجزائرية فيما يتعلق بهذه القضية وهي فرنسا، إيطاليا وسويسرا، في حين أثبتت التحقيقات الجارية وجود شبكة دولية للفساد متورطة في الفضيحة تعمل في عدة بلدان منها هونغ كونغ، لبنان الإمارات العربية المتحدة ايطاليا و فرنسا. وتأتي ضربة العدالة الجزائرية هذه بعد أيام قليلة فقط عن تلك الأوامر بالقبض التي أصدرها القاضي الايطالي المكلف بنفس الملف على مستوى محكمة ميلانو والتي مست 20 شخصا متورطا في ذات الفضيحة عن الجانب الايطالي، كما أمر ذات القاضي بالقبض على فريد بجاوي الذي يعتبر الذراع الأيمن لشكيب خليل و بتجميد الأموال التي حصل عليها والمقدرة ب123 مليون دولار، وبهذا تكون الجزائر قد طلبت رسميا من الشرطة الدولية "الأنتربول" توقيف شكيب خليل وعائلته وبقية المتهمين حيثما وجدوا. وبخصوص ما يعرف بفضيحة سوناطراك 2التي هزت الرأي العام الوطني والدولي منذ بداية العام الجاري كان وزير العدل حافظ الأختام محمد شرفي قد صرح بداية شهر جويلية المنصرم أن التحقيق في هذه القضية كشف وجود شبكة دولية حقيقية للفساد تمتص سوناطراك و تمتد مخالبها إلى كل القارات، و أن السلطات الجزائرية بالتعاون مع دول أجنبية وضعت حدا لشبكة دولية حاولت استنزاف أموال شركة سوناطراك، وأعلن بهذا الخصوص عن تحديد هوية تسعين بالمائة من المتورطين فيما يعرف بقضية بسوناطراك 2 و أكد أن هناك عملا حثيثا لاسترجاع الأموال التي نهبت عن طريق آليات مالية معقدة. وكانت الأمور قد تسارعت بخصوص فضيحة سوناطراك 2 بداية شهر أوت الجاري عندما أصدرت محكمة ميلانو في إيطاليا، مذكرة توقيف دولية بحق فريد بجاوي، وسيط الصفقات الضخمة والرشاوى، وأمرت بحبس مدير البناء والهندسة السابق بشركة "سايبام" بييترو فاروني، وهذا على خلفية قضية الرشاوى والفساد الدولي في عقود الشركة الإيطالية مع الشركة الوطنية للمحروقات، كما طلب من سلطات سنغافورة وهونغ كونغ، تجميد أصول لفريد بجاوي ب123 مليون دولار، وتحدث القاضي الايطالي المكلف بالملف عن رشاوى كبيرة تم تبادلها بين مسؤولي الشركة الايطالية ومسؤولي شركة سوناطراك في الجزائر من اجل الفوز بصفقات في قطاع المحروقات بلادنا. ومعروف أن ما يعرف بفضيحة سوناطراك 2 تتمثل في رشاوى بمبالغ كبيرة يكون شكيب خليل وبعض المسؤولين في سوناطراك قد تلقوها من شركة "سايبام" الايطالية مقابل حصولها على صفقات مربحة وكبيرة في قطاع النفط بالجزائر بين سنوات 2001 و2009، ويبقى الرأي العام الوطني ينتظر هل سيتم توقيف شكيب خليل وبقية المتورطين في نهب أموال الشعب وإحضارهم للجزائر للتحقيق معهم أم ستعرف القضية نفس المنحى الذي عرفته فضيحة الخليفة؟.