يشرف هذا الموسم على الانتهاء، حيث تميز بخصوصياته التي كانت مليئة بالأحداث التي أثقلت كاهل المواطن البسيط بسبب الظروف المعيشية التي عاشها من الارتفاع الفاحش، كما تميزت هذه السنة بكثرة المناسبات المتتالية التي لم تترك له الوقت الكافي لاسترجاع أنفاسه. وجدت العائلات الجزائرية نفسها وعلى مدار شهور محاصرة بالمصاريف المتواصلة للمناسبات المتعاقبة، فمن ارتفاع الخضر والفواكه انتقالا إلى متطلبات الشهر الكريم تم اقتناء وصنع حلويات عيد الفطر ليختتم الموسم بالدخول الاجتماعي وما يلزم من متطلبات إلى جانب الأعراس اللامتناهية و..الخ من الأمور التي لا تحصى ولا تعد واستقر المطاف بعيد الأضحى المبارك، حيث بدا التخطيط له مسبقا، إذ أخذ هذا الأخير نصيبه من المواطن الذي وقف موقف المتفرج الحائر لهذه المعادلة التي لم تجد بعد حلولا نهائية بالرغم من اقتراب انتهاء الموسم الجاري. حيث بقيت أسعار الخضر والفواكه محتفظة بنفس الأسعار طيلة السنة مثل عادتها بمجرد اقتراب أي مناسبة حتى وإن كانت هذه الأخيرة لم تعرف أي نزول منذ بداية هذه السنة ولعل الأمر الذي ساهم في تعقيد الأوضاع أكثر هو إزاحة الأسواق الفوضوية حسب رأي إحدى السيدات من خلال قولها (لقد كانت الملجأ الوحيد للمواطن أمام غياب البديل، حيث وجد تجار المحلات راحتهم في بسط نفوذهم من خلال التلاعب في الأسعار التي غالبا ما تخضع للقوانين المفروضة، حيث عرفت أسعار القصابات ومختلف الأسواق الأخرى خلال هذه الفترة بالذات ارتفاعا كبيرا مما خلف نوعا من الاستياء والتذمر لدى أرباب العائلات ذات الدخل الضعيف والمتوسط، في الوقت الذي أصبحت فيه أسعار الخضر والفواكه تسجل يوميا ارتفاعا دون أي رجوع في أسواق التجزئة، حيث لا يزال السعر غير مستقر خاصة خلال هذه الأيام القليلة الماضية). توالي المناسبات يضغط على ميزانية الأسر وفي جولة بأسواق بيع الخضر والفواكه ببوزريعة، اتضح أن هذه الزيادات في الأثمان تختلف من سوق لآخر، ومن بائع لآخر، لكنها لا تعكس الأسعار الموجودة في جميع الأسواق بالعاصمة حسب ما اكتشفناه من خلال هذه الزيارة الميدانية، ولعل الأمر الذي زاد من معاناة المواطن هو غلق الأبواب في وجه الكثيرين، حيث أفادنا السيد عادل أب لأربعة أولاد برأيه في الموضوع من خلال قوله (لقد بتنا نحيا حياة صعبة للغاية أمام الارتفاع الجنوني وضعف المدخول أمام المناسبات غير المنتهية، مما استوجب تدخل السلطات المحلية التي بقيت نائمة غير مبالية بالوضعية السيئة التي نعيشها لاتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها أن توقف تصاعد الأسعار خلال فترة المناسبات وكلما دنا العيد أكثر فأكثر. ولعل الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث شمل المنتجات الأخرى وفي هذا الصدد تقول السيدة "نوال " قدري أن أكون زوجة رجل شبه عاطل عن العمل وهو أب لخمسة أطفال، صدقوني حاولت تأمين متطلبات أولادي الخمسة جميعهم خلال الدخول الاجتماعي الذي صادف هذا الأسبوع ولم أستطع، فقررت أن ألبي متطلبات ثلاثة منهم وتركت اثنين، ربما سأتمكن من تلبية ما يحتاجونه في عيد الأضحى القادم)، وأمام هذا المشهد لا يستطيع الأولياء إلا أن يبذلوا الممكن وغير الممكن لرسم الابتسامة على شفاه فلذات أكبادهم في العيد حين يتباهون بارتداء الملابس الجديدة في جو تملؤه البسمة. الاحتكار والمضاربة يرفعان الأسعار واصلنا سيرنا بأحياء العاصمة، حيث استقر بنا الوضع بباب الواد، استطعنا هناك أن نطلع على آراء المواطنين، هؤلاء الذين عبروا عن سخطهم الشديد من خلال ملامح الغضب التي طبعت على وجوههم، كيف لا وهم لا حول ولا قوة لهم أمام منطق فرضه أولو الاحتكار والمضاربة بالأسعار في ظل صمت وغياب لجان المراقبة وقمع الغش. ومن جهتهم، تساءل المواطنون الذين التقينا بهم وكانت لنا الفرصة لإجراء حديث معهم عن هذه الفترة التي تزامنت مع إلغاء التجارة الموازية وما لها من تأثير على الأسعار في المحلات المتخصصة في بيع هذه السلع، وفي هذا الشأن أفادنا أحد المواطنين السيد (محمد) الذي كان متواجدا بالمكان برأيه من خلال قوله (إن الوضع في الجزائر أصبح لا يحتمل، فكل تاجر يعمل وفق هواه خاصة خلال هذه السنة، فما إن تم تطبيق القرار الهادف إلى القضاء على التجارة الفوضوية راح هؤلاء التجار يبسطون سلطتهم من خلال رفع أو خفض الأسعار كما يحلو لهم دون أي رقابة، مما تركنا نحن المواطنين ندفع فاتورة ما يجري، فالأسعار خلال هذا العام لم تعرف انخفاضا منذ حلول شهر رمضان ثم الدخول الاجتماعي وما يلزم من تكاليف أرهقت كاهلنا نحن الآباء، ليتوجه تفكيرنا حاليا إلى كيفية توفير المال من زجل شراء الأضحية لعيد الأضحى المبارك الذي على الأبواب). وهو الأمر الذي لم يهضمه المواطن الجزائري البسيط بعد، على اعتبار الارتفاع والمصاريف الزائدة التي شملت مختلف أنواع الخضر والفواكه والسلع الأخرى من ألبسة وأدوات مدرسية التي عرفت هي الأخرى قفزة نوعية في الأسعار ليجد المواطن البسيط نفسه محصورا في دوامة غير منتهية للارتفاع الذي أفرغ الجيوب في أمل الحصول على حلول شافية في المستقبل القريب.