عبرت أطراف لها علاقة بالعملية التربوية في ثانوية ابن خلدون الإسلامية بهولندا، عن استيائها لقرار وزير الدولة للتعليم الهولندي، إيقاف التمويل عن الثانوية الإسلامية الوحيدة في أوروبا مع نهاية أكتوبر القادم، وهو ما يعني -حسب المراقبين- غلق الثانوية الإسلامية الحالية. وجاء قرار إيقاف الدعم على خلفية نتائج بحث قامت به لجنة تابعة لتفتيش التعليم في هولندا حول الأداء الإداري للقائمين على الثانوية. وقد خلصت اللجنة التي أعلنت نتائجها منتصف سبتمبر الجاري إلى وجود خروقات إدارية وعدم الاستجابة لاحتياجات العملية التربوية. وقد توصلت تحقيقات أمنية أجريت أواخر العام الدراسي الماضي إلى أن عددا من طلبة الثانوية الإسلامية سرقوا 27 امتحانا وطنيا للمراحل النهائية وباعوها للطلبة بطريقة مباشرة وعبر الأنترنت، وهو ما لقي استياء من الهولنديين، وقامت على إثرها حملة إعلامية ضد الثانوية وإدارتها، وطالبت أحزاب سياسية وجهات نافذة في الدولة بسحب ترخيص المدرسة. وتعاني الثانوية التي تتلقى دعما كاملا من الدولة -حسب ما أوردته تقاريرها المالية- من عجز مالي بلغ أواخر السنة الدراسية الماضية 4.5 ملايين يورو، إضافة إلى ضعف بارز في الطاقم الإداري. وبينت إحصائيات تتحدث عن وجود ما يزيد عن 40 % من الأساتذة لا يتمتعون بالكفاءة والتأهيل اللازم. ومع إعلان مؤسسة ابن خلدون عدم قدرتها على سداد الديون وعجزها عن تحسين مستوى التعليم، أعلم وزير الدولة للتعليم، البرلمان بأنه يبحث مع الأطراف المعنية عن حلول للطلبة لمواصلة عامهم الدراسي الحالي، أو توزيع ما يزيد عن 600 طالب على مدارس أخرى في المدينة. وفي حديث مع الأستاذ في ثانوية ابن خلدون بشير قم، أوضح أن المدرسة ذهبت ضحية التجاذبات الإثنية والإدارات السيئة المتعاقبة غير المؤهلة وغير الكفؤة. وأضاف قم أنه على امتداد 12 عاما الماضية خرّجت الثانوية كوادر مشهود لها، ولكن لم تستطع الحفاظ على المستوى الذي يحفظ العملية التعليمية المكتملة التي تشترطها الدولة. وحول حادث تسريب الامتحانات الذي هز الشارع الهولندي قال قم (إن هذا الحادث هو بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وسرعت بإنهاء الثانوية). وتتحدث مصادر مقربة من الوزارة وإدارة الثانوية أن مفاوضات تجري حول إمكانية مواصلة الطلبة دراستهم تحت (مجموعة المدارس المسيحية) مع احتفاظ الثانوية بخصوصيتها الإسلامية إلى حين الانتهاء من إنشاء ثانوية جديدة. وقد أوردت وكالة الأنباء الهولندية مطلع هذا الأسبوع، أن إدارة الثانوية وجهت رسائل إلى كل الموظفين والمدرسين بالثانوية تعلمهم بإنهاء عقودهم مع انتهاء الشهر القادم، وهو ما يعني -حسب المراقبين- الانطلاق في مرحلة جديدة. من جانبه، أعلن هيغو دي يونغ مدير التعليم عن الحزب المسيحي في بلدية روتردام، عن وجود حاجة ماسة إلى التعليم الإسلامي في البلدية، موضحا أن إيقاف التمويل لا يعني مصادرة التعليم الإسلامي، وقال إن الطلبة وأولياء أمورهم الذين اختاروا التعليم الإسلامي عن وعي لا يمكن حرمانهم منه. وأوضح مؤسس ثانوية ابن خلدون بلقاسم الناعس، استياءه لما وصلت إليه الثانوية، قائلا (تركناها بعد ست سنوات من تأسيسها بفائض مالي وتفوّق لطلبتها)، موضحا أن أبناءه الأربعة تابعوا دراستهم فيها ومنهم الطبيب والمهندس. وأضاف الناعس أن (أولياء أمور الطلبة الآن بصدد توحيد الجهود من أجل الانطلاق في حملة تهدف إلى المحافظة على الثانوية). وبيّن أنه (إذا أصرت الجهات الرسمية على حرمان المسلمين الذين يمثلون أغلبية سكان روتردام، فإن الأهالي سينشئون ثانوية إسلامية خاصة بدعم من المتبرعين داخليا وخارجيا). يذكر أنه في العام 2010 تم إغلاق ثانوية إسلامية في العاصمة أمستردام بسبب سوء الإدارة وضعف العملية التعليمية أيضا. ويضمن الدستور في هولندا حق كل الأديان والمعتقدات في إنشاء مدارس مدعومة كليا من الدولة، وتخدم هوية هذه المجموعات وتحترم العملية التعليمية. ويوجد في هولندا 44 مدرسة أساسية إسلامية مدعومة بالكامل من الدولة.