يتحول الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل في مواسم الأعياد اليهودية إلى قبلة للمستوطنين، حيث تفتح أبوابه لهم دون قيود أو شروط، في حين يُحرم المسلمون من دخوله ورفع الأذان فيه مرات عدة على مدار الأسبوع وخلال الأعياد اليهودية. ويخضع المصلون المسلمون خلال توجههم إلى المسجد المقسم مناصفة تقريبا بين اليهود والمسلمين منذ المجزرة التي ارتكبها مستوطن يهودي عام 1994، لإجراءات أمنية مشددة أبرزها إقامة قوات الاحتلال الإسرائيلي مجموعة حواجز عسكرية وبوابات إلكترونية. وأحصت وزارة الأوقاف الفلسطينية خلال شهر سبتمبر الماضي 79 مرة تم فيها منع رفع الأذان، وحجة الاحتلال في ذلك أن الوصول إلى غرفة الأذان يزعج المستوطنين نظرا إلى وقوع الغرفة في القسم الذي يسيطرون عليه من المسجد. واليوم أكد مسؤول بالمسجد أن قوات الاحتلال رفعت العلم الإسرائيلي على سوره، ونصبت خياما في ساحاته الخارجية، في حين يؤكد السكان الفلسطينيون أنهم تعودوا على المنع ولا يستطيعون كسره نظرا إلى شدة الإجراءات الأمنية الإسرائيلية في محيطه. ويقول رئيس سدنة المسجد الحاج حجازي أبو اسنينة، القائم مباشرة على شؤون المسجد، إن معدل منع رفع الأذان بالمسجد يتكرر شهريا ما بين 50 و60 مرة. وأوضح أن حظر رفع الأذان يتم بمنع المؤذن من الوصول إلى غرفة الأذان بمؤخرة المسجد، مضيفا أن المؤذن يُجبَر عند كل أذان على أخذ إذن خاص من الضابط الإسرائيلي المناوب في الحرم لرفع الأذان، وعندما لا يُسمح له بذلك لا يرفع الأذان. وقال إن الاحتلال يسعى بذلك إلى تغيير مكان الغرفة ونقلها من مكانها وإطلاق العنان للمستوطنين في النصف المسيطر عليه من المسجد، وهو ما يرفضه الفلسطينيون. وأضاف أن الاحتلال يمنع الأذان عادة عند وجود المستوطنين في القسم الذي خصص لهم، ويتذرع عادة بمنع الاحتكاك مع المستوطنين وعدم إزعاجهم خلال أداء صلواتهم أو الاحتفال بداخله. وقال إن دور السدنة والأوقاف في هذه الحالات لا يتجاوز توثيق حالات منع رفع الأذان ونلقها للجهات المختصة والحقوقية للضغط على الاحتلال، لكن دون جدوى، مضيفا أن جيش الاحتلال يرفع في احتفالاته مئات الأعلام الإسرائيلية في ساحات المسجد وعلى جدرانه كما حدث هذا الأسبوع. من جهته، يقول المواطن بسام دويك، الذي يقطن بجوار المسجد، إن السكان اعتادوا على إجراءات الاحتلال، ورغم منع الأذان فإنهم يسعون لأداء الصلاة في القسم الذي تبقى لهم من المسجد، وفي حال منعهم من اجتياز الحواجز المؤدية إليه يضطرون لأداء الصلاة في مساجد أخرى. وذكر أن المصلين يضطرون في كل صلاة لعبور ما يسمونها (معّاطات) التي تقع على الحاجز الأول المؤدي إلى المسجد حيث يجبرون على دخول حاجز يشبه القفص ويدورون مع القضبان الحديدية بمراقبة قناص إسرائيلي، ومن ثم يعبرون إلى البوابات الإلكترونية المحاذية للباب الرئيسي للمسجد وهناك يخضعون للتفتيش الإلكتروني وأحيانا الجسدي. بدوره، قال إمام المسجد الشيخ سمير الجعبري إن إجراءات الاحتلال وحواجز التفتيش أثرت سلبا على أعداد المصلين، لكنه أكد إصرار الكثيرين على التواصل مع المسجد خصوصا أيام الجمعة وفي الأعياد والمناسبات الدينية. وندد مفتي فلسطين الشيخ محمد حسين بإجراءات الاحتلال. وقال إن منع رفع الأذان يعني منع شعيرة من شعائر الإسلام، وانتهاك حرية العبادة وحرية أداء الشعائر الدينية، مؤكدا عدم شرعية أي اعتداء على أماكن العبادة والمصلين. وأضاف أن منع العبادة أو الوصول لأماكن العبادة أو انتهاك حرمتها مرفوض في كل الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، محذرا من استمرار محاولات إفراغ المسجد الإبراهيمي من المصلين بالإجراءات والقيود المفروضة على دخوله ويجري تطبيقها على المسجد الأقصى.