وجّه وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة أمس الثلاثاء، رسالة طمأنة للتوانسة الرافضين لأي تدخل أجنبي في شؤونهم، حين قال أن الجزائر (تريد الخير) لتونس و(لا تتدخل في شؤونها الداخلية). وذكر السيد لعمامرة في تصريح على أمواج القناة الأولى للإذاعة الوطنية أن الجزائر (تريد الخير لتونس الشقيقة ولا تتدخل في شؤونها الداخلية). وأضاف ب(أننا نشاطر الأشقاء في تونس الرغبة الملحّة في بناء دولة ديمقراطية متعددة تحتكم إلى الشعب)، واصفا التطورات الحاصلة في هذا البلد ب(الإيجابية). وعبّر في هذا الصدد عن تمنيات الجزائر بأن (يتم التوصل إلى إيجاد حلول دائمة بشكل يضمن استقرار تونس الشقيقة ويفسح المجال واسعا أمام بناء الديمقراطية التعددية في الجارة الشقيقة). وأشار السيد لعمامرة في سياق حديثه إلى طلب المساعدة الذي تقدّم به الفرقاء في تونس إلى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا، معتبرا أن هذا الطلب (نابع من إدراك الأشقاء لموقف الجزائر ومبدئها القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول). وذكّر في هذا السياق بالتصريح الأخير للوزير الأول عبد المالك سلال، معتبرا إياه بمثابة (وصف دقيق وصحيح لإهْتمام الجزائر بهموم تونس الشقيقة واسْتعدادها لتقديم يد المساعدة لها). من جهة أخرى، أكّد وزير الخارجية أن الجزائر تعمل على تجسيد دبلوماسية (جادة متمكّنة وفعّالة تصبّ في إطار ترقية المصلحة الوطنية وخدمتها)، مضيفا في كلمة له خلال الحفل الذي أقيم بمناسبة إحياء يوم الدبلوماسية الجزائرية المصادف ل8 أكتوبر من كل سنة، بأنه انْطلاقا من مبادئ الدستور الذي نصّ على أن رئيس الجمهورية يحدد ويقرر السياسة الخارجية للأمة ويوجهها (سنعمل على تكريس دبلوماسية جادة، متمكنة، منسجمة وذات فعالية تعمل على ترقية المصالح الوطنية وحمايتها). وأضاف بأن الدبلوماسية الجزائرية (تندمج إندماجا كليا في نسيج الجالية الوطنية بالخارج التي تخدمها بإخلاص وتستقطب آمالها وهي واعية بظروفها وتقدِّر أهمية مساهمتها في التنمية الوطنية). واسْتطرد السيد لعمارة بأنه (في ظل تغيرات متسارعة وفي عالم يتميّز بتهديدات جديدة وشكوك كثيرة وأمام رهانات غير مسبوقة... فإن الدبلوماسية الجزائرية مطالبة بالتسلّح بالخبرة والتوسع في المعارف والمهارات مع التجذر في القيم المرجعية لشعبنا). واغْتنم السيد لعمامرة المناسبة ليذكّر بأن الثامن أكتوبر 1962 (تاريخ انْضمام الجزائر لمنظمة الأممالمتحدة) كان (شاهدا على العودة الناجحة والمظفّرة للجزائر إلى مسرح التاريخ المثقل بالتضحيات الجسام)، مبرزا أن (الجزائر المستقلة أصبحت يومها دولة كاملة العضوية في منظمة الأممالمتحدة). واعتبر السيد لعمامرة أن ذلك التاريخ شكّل (إنْتصارا للشعب الجزائري وطلائعه العسكرية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية مجتمعة في أعقاب ملحمة الكفاح التحرري واسترجاع سيادته وتدعيم استقلاله الوطني وتشييد البلاد). ولم يفوّت الوزير هذه المناسبة ليترحم على كافة شهداء الجزائر المكافحة بمن فيهم (دبلوماسيو الثورة الشجعان) الذين يشكّل إلْتزامهم -كما قال- (مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة). كما عبّر السيد لعمامرة عن (عرفان الوطن) للدبلوماسيين الجزائريين بقنصلية غاو (شمال مالي) المحتجزين وكذا عائلاتهم وأصدقائهم الذين (يجسّدون مبادئ الوطن وفضائله). من جهة أخرى، تناول الوزير في كلمته أهم نجاحات الدبلوماسية الجزائرية ودورها في الدفاع عن قضايا الدول النامية ومطالبها المشروعة. وفي هذا الصدد، ذكر السيد لعمامرة باللائحة التي تَقدَّم بها وزير خارجية الجزائر آنذاك السيد عبد العزيز بوتفليقة لما ترأست الجزائر الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 للمطالبة بتعليق عضوية جنوب إفريقيا في الهيئة الأممية بسبب سياسة التمييز العنصري المنتهجة وقتها من قبل نظام بريتوريا. وقد تمت المصادقة على هذه اللائحة من طرف ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي اعتبر في نظر اغلب الملاحظين في تلك الفترة بمثابة (إنتصار كبير) للدبلوماسية الجزائرية.