اقترب العد التنازلي للشروع في امتحانات الفصل الأول من السنة الدراسية لجميع الفروع، رغم ما يشهده قطاع التربية من حالة اضطراب كبيرة جراء تواصل الإضراب، وعليه فإن العديد من العائلات لجأت كخيار أخير إلى الدروس الخصوصية من أجل تغطية الضعف الذي خلفته حالة التوتر التربوي على مشوار أبنائهم، فبين ابتزاز الأساتذة الخصوصيين وارتفاع التكاليف وبين الحاجة الماسة لتكثيف الدروس وجد أغلب الأولياء أنفسهم مجبرين على الرضوخ للدروس الخصوصية.. راحت بعض العائلات هذا إن لم نقل أغلبها سواء كانت ميسورة الحال أو حتى المتوسطة منها إلى دمج أطفالها في ما يعرف بالمؤسسات التربوية التي تشرف على تقديم الدروس الخصوصية التي عرفت ترخيصا من طرف الجهات المسؤولة، ونظرا للانتشار الواسع لهذه المدارس ارتأينا الاقتراب من بعض الأساتذة لمعرفة آرائهم في الموضوع ومدى تلقي الفكرة وكيف كان لها الصدى من قبل التلاميذ فكان لنا ذلك مع (علاهم خديجة) أستاذة الفيزياء بدالي إبراهيم التي رأت أن انتشار مثل هذه الدروس الخصوصية ساهم في ولوج التلاميذ لطرق ملتوية واعتمادهم على الغش بطريقة مباشرة لأنه في نظرها أن دروس الدعم تقوم بالأساس على فهم واستيعاب ما عجز عن فهمه التلميذ داخل القاعة، لذا يلجأ إليها بغرض تقوية التركيز خاص فيما يتعلق بالمواد العلمية كالعلوم والفيزياء إلى جانب الرياضيات، لكن مؤخرا بات للمواد الأدبية نصيب أيضا حيث لم تسلم هذه الأخيرة من ذلك. ولعل الشيء الملفت للانتباه هو قيام بعض الأساتذة بابتزاز التلميذ حسب ما جاء في حديث بعض التلاميذ الذين أكدوا على وجود نية غير حسنة لدى بعض الأساتذة الذين يتهاونون في إيصال المعلومة إليهم بغرض توجيههم إلى الدروس خصوصية عندهم بالمنازل وبالتالي الاستفادة من منحتين بدل منحة واحدة، حتى وإن لم يكن التلميذ بحاجة إلى تلك الدروس بل وذهب بعض الأساتذة إلى استعمال وسائل أخرى للاستحواذ على عقول التلاميذ وجيوب الأولياء كتوزيع بطاقات تحمل عنوان وأرقام هواتف الأستاذ الذي يشرف على تقديم دروس خصوصية بعيدا عن المدرسة والقسم الأمر الذي استنكره العديد من الأولياء واعتبروه أمرا غير عقلاني يفوق قدراتهم ورواتبهم خاصة إذا لم يكن هناك داعٍ لذلك. وأمام هذا الانتشار الواسع لهذه المدارس المتخصصة بتقديم دروس الدعم والتي بلغت حسب أخر الإحصائيات 91 مدرسة على المستوى الوطني منها 41 على مستوى العاصمة، إلى جانب العديد من المدارس التي تعمل دون ترخيص، هذه الأخيرة التي باتت تمثل مشكلة عويصة نظرا لانتشارها الواسع الأمر الذي أدى بوزارة التربية والتكوين مؤخرا إلى وضع منشور يتضمن كل التراتيب الخاصة بإلقاء وتنظيم الدروس الخصوصية، وتتمثل هذه التراتيب في أن الأستاذ له الحق في إلقاء دروس خصوصية لثلاث مجموعات بشرط أن لا يتجاوز عدد المجموعة الواحدة أربعة أشخاص، ويجب أن تلقى الدروس في قاعات مجهزة تحتوي على كامل الشروط الضرورية. من جهة أخرى أكد رئيس جمعية أولياء التلاميذ السيد (خالد أحمد) أن هناك العديد من المعلمين الذين يرفضون إلقاء الدروس الخصوصية لتأثيرها السلبي على التلميذ، مؤكدين أن مثل هذه الدروس تحث التلاميذ على الخمول والاتكال وعدم البحث عن المعلومات بنفسهم، حيث يطالب الأساتذة المعارضون للدروس الخصوصية بتوعية الأولياء الذين يقومون بدفع أبنائهم بطريقة غير مباشرة إلى الغش وتدني مستواهم التعليمي، مع تحلي الأستاذ بالضمير المهني واتخاذ مهنة التعليم كرسالة سامية تعمل على تكوين وتنشئة أجيال المستقبل الصاعد في أطر نظامية مفعمة بالروح الوطنية وحسن النية.