من المنتظر أن تشهد الجزائر اليوم الأحد كسوفا جزئيا للشمس بنسبة 25 بالمائة اعتبارا من منتصف النّهار وحتى ما بعد الساعة الثانية، وسيتمّ رؤيته فى جميع الولايات، وإذا كان كثيرون يكتفون بالنّظر إلى الكسوف كظاهرة كونية طبيعية لا علاقة لها بسلوك العباد فإن آخرين يشدّدون على أن الكسوف يحمل رسالة لا ريب فيها للنّاس. اختفاء جزء من الشمس لن يقتصر على الجزائر، حيث يُنتظر أن يشمل هذا الكسوف معظم دول الوطن العربي، لكن بدرجات كسوف مختلفة من دولة إلى أخرى، وهو يتزامن مع تحرّي هلال العام الهجري الجديد 1435، الأمر الذى قد يستحيل معه رؤية هلال شهر محرّم بالنّظر إلى أن نسبة الكسوف في الجزائر، على سبيل المثال ستصل إلى 25 بالمائة في المناطق الشمالية و40 بالمائة في المناطق الجنوبية. وحسب زين الدين زروال رئيس جمعية (ابن الهيثم) لعلم الفلك فإن هذا الحدث الفلكي المنتظر يعتبر من الأحداث الفلكية الأكثر إثارة للجدل، إذ من المنتظر أن تغرب الشمس أثناء كسوفها نتيجة تواجد القمر بينها وبين الأرض، ويعني ذلك أن القمر سيكون مرئيا بوضوح وهو يغطّى جزءا كبيرا من الشمس حتى يغربا سويا. وحسب زروال فإن الكسوف يبدأ في الساعة العاشرة و7 دقائق و30 ثانية بتوقيت غرينتش في منطقة بالمحيط الأطلسي تقع في مثلث برمودا شرق ولاية فلوريدا الأمريكية، ويبدأ الكسوف حلقيا ثمّ كسوفا كلّيا للشمس، وستكون الظاهرة مرئية في الجزائر، وكذلك كامل منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا والمحيط الأطلسي وشرق أمريكا الشمالية. وإذا كان الإعلام الوطني وكثير من الجزائريين يكتفون بالنّظر إلى الكسوف كظاهرة كونية طبيعية لا علاقة لها بسلوك العباد، فإن آخرين يشدّدون على أن الكسوف يحمل رسالة لا ريب فيها للنّاس. ولا يكتفي البعض بالقول إن الكسوف وأيضا الخسوف مجرّد ظاهرة كونية ناتجة عن وقوع الشمس والقمر والأرض على الخطّ نفسه، بل يذهبون إلى أنه لا علاقة له بمعاصي العباد. وقد أثار قبل فترة فلكي سعودي جدلا كبيرا حين قال: (كان النّاس في الماضي يعتقدون أشياء لا أساس لها من الصحّة، فكانوا ينسبون هذه الظواهر إلى غضب الربّ، إلاّ أن الأبحاث العلمية في العصر الحديث بيّنت أن الخسوف يحدث عندما تقع الشمس والأرض والقمر جميعها على امتدادٍ واحد). ورأى البعض أن هذا الفلكي إنما قدّم اجتهادا مبنيا على الجهل بالجانب الشرعي لهذه القضية المحكومة بعدد من الأحاديث النبوية التي بلغت أعلى درجات الصحّة والقبول، فهي في صحيح البخاري وصحيح مسلم أو فيهما معا. ولا يحسن بمسلم مهما بلغ من منزلة في علم الفلك أو غيره من العلوم أن يتجاهل مثل هذه الأحاديث حتى ولو لم يكن يعرف كنهها والمراد منها، ويكفيه أنها صادرة عن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم الذي زكّاه ربّه بقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} وأوجب علينا اتّباعه والأخذ عنه بقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. أليس الرسول صلّى الله عليه وسلّم هو الذي فصّل لنا أحكام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ وغيرها من حيث العدد والوقت والكيفية والهيئة وغير ذلك؟ فكيف نستسلم لهذه الأحكام طائعين مختارين في حياتنا اليومية دون سؤال أو اعتراض أو افتيات ثمّ بعد ذلك نفتات عليه ونتجاوز في أحكام الكسوف والخسوف. وقد نُقل عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه لمّا كسفت الشمس فزع فزعا شديدا، قال أبو موسى رضي اللّه عنه: (خسفت الشمس فقام النبي فزعا يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلّى بأطول قيامٍ وركوعٍ وسجودٍ رأيته قطّ يفعله، وقال: هذه الآيات التي يرسل اللّه لا تكون لموت أحدٍ ولا لحياته ولكن يخوّف اللّه بها عباده، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره) رواه البخاري ومسلم.