ثقافة التبرع بالأعضاء البشرية، لا تزال تعرف حالة عزوف وركود كبيرين وسط المجتمع الجزائري، فرغم إجازة هذه العمليات من طرف علماء الدين وتحديد ضوابط صحية لها، إلا أن الجزائريين لم يفلحوا بعد في ترسيخ ثقافة التبرع بالأعضاء رغم أن هذه العمليات كفيلة بإعادة بعث الأمل والحياة في أجساد آلاف المرضى.. دعا المشاركون في أشغال لقاء تحسيسي - إعلامي نظم بدار (الثقافة هواري بومدين) بسطيف إلى ضرورة بعث ثقافة التبرع بالأعضاء البشرية و ترسيخها في المجتمع الجزائري بالنظر لأهميتها ودورها في إنقاذ الأرواح. وأكدت بالمناسبة رئيسة جمعية التبرع بالأعضاء (بيلوبا) الدكتورة راضية كرايبة الجهة المبادرة بتنظيم هذه التظاهرة على ضرورة فتح باب الحوار وقنوات التواصل بين الفاعلين في هذا المجال من أجل غرس هذه الثقافة في المجتمع الجزائري وذلك بتكثيف حملات التوعية. وحسب نفس المتحدثة فإن التبرع بالأعضاء البشرية في الجزائر لا يزال (محدودا) نظرا لغياب ثقافة في هذا المجال ما يستدعي كما قالت- إشراك كل شرائح المجتمع وبخاصة المجتمع المدني بما فيه الجمعيات والهيئات الناشطة لإيصال الفكرة لأكبر عدد ممكن من المواطنين باعتبار أن الكل معني بذلك. ومن جهته اعتبر السيد عبد الرزاق زبوج نائب رئيس نفس الجمعية ومختص في البيولوجيا أن التبرع بالأعضاء البشرية مرهون بتشجيع التبرعات ووهب الأحياء لأعضائهم، بالإضافة إلى مدى تقبل المتبرع للفكرة، غير أن ذلك لا يزال يقتصر على أفراد العائلة وأقاربهم. وأشار في هذا السياق إلى أن الأمر يستدعي التعريف وترقية فكر التبرع بالأعضاء البشرية داخل المجتمع من خلال التوعية بأهمية العملية وبأبعادها سواء الإنسانية أو الاقتصادية وكذا الاجتماعية والإجابة على كل التساؤلات خاصة ما تعلق بالجانب العلمي والقانوني والديني وكذا الاجتماعي. واستنادا لنفس المتحدث فقد بينت عملية سبر للآراء قامت بها هذه الجمعية بأن 85 بالمائة من الأشخاص الذين تم استجوابهم يؤيدون التبرع بالأعضاء، غير أن 53 بالمائة فقط من هؤلاء أبدوا استعدادا لتسجيل أنفسهم في قائمة المتبرعين. وأضاف نفس المتدخل بأن الإحصائيات تبين بأن التبرع بالأعضاء البشرية في الجزائر (غير كاف)، مشيرا إلى أن 933 عملية زرع كلى قد تمت بعد أول عملية زرع لنفس العضو سنة 1986 بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة. وبخصوص عملية زرع الكبد فقد أجرت المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في مكافحة السرطان بيار وماري كوري والمؤسسة الاستشفائية الجامعية لوهران 34 عملية منذ سنة 2003، بالإضافة إلى 1966 عملية زرع للنخاع الشوكي منذ سنة 1994. للإشارة فقد ألقيت بالمناسبة محاضرات تضمنت شروحا حول وضعية التبرع بالأعضاء البشرية في الجزائر والتعريف ببطاقة المتبرع وكذا رأي الدين في العملية والتي تطرق إليها الشيخ جلول قسول إمام بمسجد القدس بحيدرة (الجزائر العاصمة) الذي دعا إلى بعث هذه الثقافة بين الناس خدمة للإنسانية. ووزعت كذلك مطويات وملصقات تتضمن شروحا حول كيفية التبرع بالأعضاء البشرية بين الأقارب من جهة وتوسيعها إلى بقية أفراد المجتمع من جهة أخرى. أطفال وهران سيستفيدون من عمليات زرع الكلى خلال2014 ستشرع المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في طب الأطفال (بوخروفة عبد القادر) ببلدة (المنزه) (كناستيل سابقا) شرق وهران في عمليات زرع الكلى خلال السنة القادمة وفقا لما كشفت عنه رئيسة مصلحة الأمراض البولية بهذه المؤسسة الصحية. وفي هذا الإطار صرحت البروفيسور ملاح نورية على هامش أشغال اليوم الدولي للأمراض البولية المنظم بمدرج المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في طب الأطفال قائلة (سننطلق في زرع الكلى في غضون السنة المقبلة حيث ستكون البداية مع مراهقين). ولتجسيد هذا المشروع تنكب حاليا فرقة متخصصة في هذا المجال على التحضير للانطلاق في إجراء عمليات زرع الكلى بهذه المؤسسة التى تتوفر على مختلف التجهيزات الضرورية للاستجابة لطلبات المرضى التي تعتبر كثيرة نوعا ما تضيف الدكتورة ملاح. وفي نفس الاتجاه أكدت ذات المختصة على أهمية الوصول إلى تجنيب الأطفال الإصابة بالعجز الكلوي من خلال معالجة جميع الأمراض التي تصيب الجهاز البولي. وقد تركزت أشغال هذا اللقاء الذي حضره جمع من المختصين في جراحة الأطفال والأمراض البولية والصورة الطبية على تقديم التقنيات الجديدة في الفحص عن طريق الأشعة للكشف المبكر عن الأمراض التي تصيب الجهاز البولي ولا سيما منها الأمراض الخاصة بالكلى. وشدد المشاركون في تدخلاتهم على أن الهدف من هذا اللقاء الوصول إلى إجماع وتوحيد الرؤى حول الجراحة في طب الأطفال لاسيما في الأمراض البولية من نواحي التكفل بالطفل المصاب والتشخيص والفحص عن طريق الأشعة بمختلف أنواعها. وفي هذا السياق تم دعوة المختصين في جراحة طب الأطفال أن يكونوا حذرين عند الفحص بالأشعة واجتناب كثرة هذا النوع من الفحوصات حتى لا يتعرض الطفل إلى الإشعاع الذي قد يشكل خطرا على صحته. وتميزت أشغال هذا اللقاء المنظم من قبل مصلحة الأمراض البولية بالمؤسسة الأستشفائية المتخصصة بطب الأطفال بتقديم عدة تدخلات علمية وتقنية حول الصورة الطبية. ورغم كل هذه التفاعلات الطبية من المختصين إلا أنها لا تكفي من أجل دفع الجزائريين إلى تقبل فكرة التبرع بالأعضاء، فحملة التوعية تستدعي تدخل كل الأطراف الفاعلة في الميدان وليس الصحية فقط بداية من التعليم وأيضا على التركيز على الجانب الديني الذي يؤثر بشكل كبير على المواطنين بالنظر إلى مكانته وقدسيته الكبيرة في حياتهم ويومياتهم في المجتمع..