تسببت الأمطار المتهاطلة هذه الأيام في انهيار أكواخ بالموقع القصديري عين المالحة بعين النعجة، والتي كانت في حالة متقدمة من التدهور، مما زاد من مأساة تلك العائلات المتضررة في وقت كانت تأمل ترحيلها إلى سكنات لائقة قبل نهاية العام قبل أن يصطدموا بخبر تأجيل العملية. تعيش العائلات المتضررة أوضاعا أقل ما يقال عنها مزرية وصعبة في محيط يشهد الغياب التام للضروريات على غرار غياب أنابيب الصرف الصحي، والتدهور الكامل للأرضية والتي هي عبارة عن انحدارات متعرجة ووعرة، تملؤها الأتربة المتراكمة وحتى القاذورات المنتشرة في كل الزوايا، والأسوأ هو أنابيب الصرف الصحي المشيدة بطريقة عشوائية متواجدة فوق أنابيب المياه، وفي حالة إنسدادها ستختلط المياه القذرة بمياه الشرب، الأمر الذي دق بشأنه السكان ناقوس الخطر خوفا من حدوث كارثة وبائية يروح ضحاياها أناس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم وقعوا بين مخالب الفقر وأزمة السكن التي دفعتهم لتشييد أكواخ بمنحدر خطير بنيت بطريقة عشوائية، حيث تتعرض في كل مرة إلى انهيارات بسبب التقلبات الجوية مما يضطر البعض من العائلات إلى الاهتداء إلى حيل من أجل حماية أكواخهم من الانهيار، حيث قام البعض بوضع عجلات المركبات تحت الكوخ وفوقها بعض الحجارة والإسمنت، وهناك من لجأ إلى ربط جدرانه المنهارة بسلك حديدي والآخر أحاط كوخه بالألمينيوم، والمشكل أن المياه القذرة تطبع حي عين المالحة، فهي تملأ الأزقة وتمتد إلى داخل الأكواخ، فرغم كل الترميمات إلا أن الأكواخ تتعرض للانهيار بفعل المياه القذرة، وكذا الأشجار التي وجدت متنفسها داخل هذه الحفر وتسببت في الكثير من الحالات في وقوع ضحايا بعد أن تساقطت على الأسقف، كما وقع منذ أسبوع أين لا تزال بعض العائلات التي تعرضت أكواخها إلى الانهيار بشكل كامل لدرجة أننا لم نستطع الولوج إليها بسبب الحجارة التي كانت تملا الحي والتي تظهر جليا عن مدى الحالة الكارثية التي تعيشها فيها هذه العائلات، فقرابة ال 20 سنة كانت تعيش في وضعية حيوانية ومأساوية للغاية فالمياه القذرة تحاصرها على مدار السنة بسبب انسداد أنابيب الصرف الصحي مما يؤدي فيضانها فوق السطح نتيجة تشيدها البدائي والبعيد كل البعد عن مقاييس البناء مما يزيد الوضع ترديا وسوءا حدوث انفجارها في الشتاء ما يدخل العائلات في عناء ، ولكم أن تتصوروا وضع هؤلاء البؤساء واقل ما يقال عنهم في هذه الحالة، إلا أنهم معذبون فوق الأرض ورغم كل هذه المعاناة التي يتكبدها السكان، إلا أن السلطات لم تحرك ساكنا حسبهم فالجهة الوحيدة التي تتدخل في الحالات المماثلة هي الحماية المدنية. وما حز في أنفسنا هو أن اغلب الحالات التي تعيش بين أحضان هذا الحي القصديري لا وجود للمراحيض داخل بيوتهم أو بالأحرى أكواخهم، حيث يقضون حاجتهم حسب أحد السكان في أحد الأركان بالموقع (بمعنى في العراء). وأكثر ما شد انتباهنا وحز في أنفسنا خلال جولتنا بالموقع القصديري بعين المالحة هو تواجد عدد لا يستهان به من المعاقين، فما بين مكفوف ومشلول، وطريح للفراش لمرض عضال يعيشون حياة الذل والهوان داخل جحور تنعدم فيها أدنى وسائل الراحة والدفء ومن المفروض هم أحق بالرعاية والتكفل من طرف السلطات الغائبة تماما عن تلك الفئة سيما وزارة التضامن. في الأخير حملنا هؤلاء السكان وتلك الفئة بالذات مسؤولية إيصال أصواتهم للسلطات المعنية على رأسها والي العاصمة بانتشالهم من الحياة المأساوية والذل التي طالما لازمتهم والمطالبة بالتعجيل في ترحيلهم إلى سكنات لائقة تحفظ ماء الوجه والكرامة.