"أخبار اليوم" ترصد شهادات مجاهدين ومؤرّخين في ذكراها ال 53: أكّد مجاهدون ومؤرّخون رصدت (أخبار اليوم) شهاداتهم في الذكرى ال 53 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 أن هذه الأخيرة شكّلت منعرجا حاسما في تاريخ الثورة ومنعطفا بالغ الأهمّية في مسار انتزاع الاستقلال مع التأكيد على التمسّك بمبادئ الثورة التحريرية المظفّرة واستعادة السيادة الجزائرية التي تشبّث بها الشعب الجزائري. بمناسبة مرور 53 سنة على مظاهرات الحادي عشر ديسمبر التاريخية ارتأت (أخبار اليوم) جمع شهادات بعض المجاهدين والمؤرّخين، حيث أكّد الباحث والمؤرّخ محمد عباس أن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 تعدّ من بين أهمّ المحطات التاريخية التي عرفتها الثورة الجزائرية وهي بمثابة إحدى المنعرجات الحاسمة في الانتفاضة المسلّحة للشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي، واعتبرها مظاهرات سلمية لتأكيد مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري ضد سياسة الجنرال ديغول الرّامية إلى الإبقاء على الجزائر جزءا لا يتجزّأ من فرنسا وضد موقف المعمّرين الفرنسيين الذين ظلّوا يحلمون بفكرة الجزائر فرنسية، واصفا إيّاها بالمبادرة الشعبية التي تبنّتها جبهة التحرير الوطني ضمن مسار كفاح الشعب الجزائري من أجل تقرير مصيره وافتكاك استقلاله وتستدعي المزيد من الاهتمام بما يضمن تدوين وأرشفة هذه الأحداث التي قوبلت بقمع فرنسي رهيب. منعطف هامّ في مسار تحرير الجزائر كما سجّل المجاهد عدّة بن داهة في سياق متّصل أن مظاهرات 11 ديسمبر كانت شحنة إضافية لمسار الثورة التحريرية وجاءت إثر 6 سنوات من حرب خاضها شعب أرهقته عقود الظلم والاستغلال والقهر ومشاريع الإبادة لكنه مسلّح بإرادة لا محدودة في الدفاع عن الذات، مشيرا إلى أن هذه الأحداث انطلقت في 9 ديسمبر لتأخذ طابعا وطنيا مميّزا وخاصّا في 11 ديسمبر لتشمل مختلف المدن خاصّة الجزائر العاصمة، معتبرا إيّاها أيّاما حاسمة عجّلت باستقلال الجزائر. ومن جهتها، تحدّثت المناضلة والمسؤولة الأولى في القصبة زهرة سليمي المنحدرة من عائلة مجاهدة بمناسبة الذكرى الواحد والخمسين لمظاهرات 11 ديسمبر التي وصفتها بمظاهرات القمّة والهمّة، وقد روت لنا عن خروج الجماهير والتجمّعات التي شهدتها الساحات العامّة عبر المدن الجزائرية كلّها، بداية بالعاصمة أين عرفت ساحة الورشات ببلكور وشارع ديدوش مراد كثافة شعبية متماسكة مجنّدة وراء العلم الوطني وشعارات الاستقلال، فحاولت القوات الاستعمارية والمعمّرون التصدّي لها، فتوزّعت المظاهرات عبر مختلف الأحياء الشعبية، منها بلكور، المدنية، باب الوادي، الحرّاش، بئر مراد ريس، القبة، بئر خادم، ديار السعادة، القصبة ووادي قريش، كما توسّعت لتشمل العديد من المدن الجزائرية كوهران، الشلف، البليدة، قسنطينة، عنابة وغيرها والتقت حول هدف واحد هو المطالبة بالاستقلال مردّدة شعارات مختلفة وأناشيد وطنية (كلّنا للوطن فداء)، ولم تقتصر على يوم واحد بل امتدّت المظاهرات لأزيد من أسبوع. أحداث 11 ديسمبر أفشلت مخطط ديغول كما نوّه المجاهد شريف خير الدين بأن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي تبنّتها جبهة التحرير الوطني عملت على التصدّي لسياسة الجنرال ديغول والتاريخ يشهد على ذلك، في الوقت الذي عمل فيه المعمّرون من جهتهم على مناهضة ذلك بالخروج في لفرض الأمر الواقع على الجزائريين بشعارهم الحالم الجزائر فرنسية. وأمام هذا وذاك تدخّلت جبهة التحرير الوطني بقوة شعبية هائلة رافعة شعار الجزائر مسلمة مستقلّة للردّ على المستعمر وأثبتت للجنرال ديغول وللمعمّرين الفرنسيين أن الجزائر لم تكن يوما فرنسية ولن تكون أبدا تابعة لها، موضّحا أن هذه الأحداث كانت الفاصل بين الشعب الجزائري والفرنسي. وفي نفس السياق، اعتبر المجاهد جباري خالد المظاهرات بالنّسبة لجيل الثورة محطة فخر في التاريخ النضالي من أجل التحرّر من الاستعمار، كما تشكّل لأجيال الاستقلال مصدر إلهام وستكون للأجيال القادمة رمز إشعاع ينير دربهم ويجعلهم يستلهمون تلك البطولات لمواجهة التحدّيات، معتبرا أن تلك المظاهرات التي شهدتها الجزائر كانت رسالة قوية لفرنسا الاستعمارية التي أدركت قوة الإرادة للتحرّر، كما مكّنت من تعزيز صوت الثورة التحريرية في المحافل الدولية. وأضاف المؤرّخ محمد مقادي أن هذه الأحداث بمثابة الخطوة التي قادت الجزائر إلى المفاوضات التي أدّت إلى اتّفاقيات (إيفيان)، وهي التي ساهمت في تأكيد قضية تحقيق السيادة الجزائرية آنذاك، سيّما وأن مظاهرات ديسمبر دفعت العالم إلى تقنين جريمة الاحتلال، مشيرا في هذا الإطار إلى أن تاريخ الجزائر الثوري يحمل العديد من التواريخ والمحطات الهامّة التي بقيت راسخة في أذهان الجزائريين الذين ضحّوا بالنفس والنفيس من أجل التحرّر من الاستعمار الظالم.