أحصى أخصائيون أربع ركائز أساسية لتطوير السياحة الجزائرية، مشيرين إلى أنه لا يمكن للجزائر أن تطور من قدراتها السياحية ما لم تتبن سياسة سياحية جديدة خاصة بها، ترتكز على المقومات السياحية الطبيعية التي تزخر بها، والابتعاد عن التقليد الأعمى للبلدان التي لها باع طويل في المجال، إضافة إلى توظيف غنى التقاليد الجزائرية وتنوعاتها، وتطوير البنى التحتية وتحسين الخدمات، والترويج والدعاية· وأكد الأخصائيون أن الشروط تعد مفاتيح أساسية كفيلة بضمان إقلاع القاطرة السياحية الجزائرية وإعادة الروح إلى كنوزها البيئية والصحراوية والجبلية والثقافية والدينية· وأشار مسؤولون ومتعاملون إلى ضرورة إرساء تقاليد جديدة تمكن الجزائر من تدارك تأخرها في المجال السياحي، طالما أن استقطاب الجزائر لمليوني سائح وتحصيلها 330 مليون دولار خلال العام الأخير لا يمثل إنجازا إذا ما قورن ذلك بإمكانات الجزائر الحقيقية وما حققته دول الجوار في حوض المتوسط· وأقر الإخصائيون بأن الجزائر لم تحدد بعد هويتها السياحية، رغم أهميتها كقطاع منتج للثروات، مُلفتا إلى أن السياحة لا تزال تعاني من هياكل متآكلة وغير مؤهلة بالقدر الكافي، رغم توافر الجزائر على بيئة مهيّأة وما تنطبع به من زخم ومقومات التنوع البيولوجي· وقال إسماعيل ميمون وزير السياحة والصناعات التقليدية إن الجزائر مهتمة بالسياحة كاقتصاد بديل يفعّل التنمية المستدامة ويدر موارد هامة لتحقيق مداخيل وتوفير مناصب شغل· وأكد الإخصائيون أن السياحة منذ العام 2000 صارت تعتبر قطاعا تنمويا اقتصاديا، والرهان الأساس حاليا يتركز في كيفية بناء سليم ودائم للوجهة السياحية الجزائرية، لافتين النظر إلى أن الجزائر هي بصدد إعادة رسم هويتها السياحية، والنسج على منوال الفترة الذهبية ما بين سنتي 1962 و1974 حينما كانت الجزائر ممثلة بفروع في الخارج اعتنت آنذاك باستقطاب السياح على غرار ما كان في ألمانيا، سويسرا وفرنسا وهو ما أتاح جلب عدد معتبر من السياح إلى شمال البلاد وجنوبها على حد سواء· وفيما يعزو الإخصائيون الهزال الحاصل على مدار سنين طويلة إلى مخلفات إخضاع قطاع السياحة إلى إعادة هيكلة في الثمانينيات وما ترتب عن ذلك من عدم استقرار زاده حدة ما حدث خلال عشرية التسعينيات من تدهور الوضع الأمني وعزوف السياح عن القدوم إلى الجزائر· وفي نفس السياق كشف وزير السياحة والصناعات التقليدية اسماعيل ميمون أنه يعول على إنعاش الفعل السياحي من خلال المخطط الوطني للتهيئة السياحية الممتد إلى العام 2025، والقائم على خلق أقطاب امتياز سياحية وتوفير 75 ألف سرير في آفاق سنة 2015 للاستجابة إلى المعايير الدولية، فضلا عن إعادة بعث سياسة تكوين المرشدين السياحيين، مخطط النوعية السياحية لترقية خدمات الهياكل الفندقية والسياحية عموما، ومخطط التوجيه والاتصال والتسويق السياحي· ولفت المسؤول الأول عن قطاع السياحة إلى التباينات التي تطبع السياحة الصحراوية، فالأخيرة مركزة في الجنوب الكبير على غرار الطاسيلي أهقار والطاسيلي ناجر، بينما غرب الصحراء كمناطق الساورة، توات قورارة، تاغيت، واحات الوادي، تقرت، الأغواط، بسكرة، بوسعادة لا تزال عذراء ومحرومة من أي إقبال سياحي· وقال ميمون إن الوزارة تراهن على ترقية السياحة بالمناطق المذكورة تبعا لكون السياحة الصحراوية تتمتع هناك بطابع نوعي أكبر، وسيتأتي ذلك بحسبه من خلال تشجيع الرحلات المباشرة، حثّ المتعاملين على الاستثمار في جانب النقل السياحي، استغلال المواعيد التقليدية الجنوبية (أعياد الربيع والسبيبة والألف قبة وقبة)، مع الحرص على ضمان احترافية التأطير السياحي، والتركيز على إعادة بعث نظام التكوين·