احتضن قصر الثقافة مفدي زكريا بالجزائر العاصمة المهرجان الوطني للزي التقليدي الجزائري، وتناول زي الملحفة كلباس تراثي عريق جمع بين العديد من الولايات الجزائرية، واتخذ المهرجان شعار (ملحفتي عبر التاريخ) بالنظر إلى الصيت الواسع لذلك اللباس الذي يشتهر في العديد من المناطق على غرار الأوراس ومناطق الجنوب، بحيث تطبعه ميزة خاصة تبين هوية النسوة عبر المناطق تبعا للبيئة وطريقة العيش بحيث ينتشر بصفة خاصة في الأوساط البدوية والريفية وعادة ما يرتبط بالاحتفالات العائلية. نسيمة خباجة اتخذت الملحفة أسماء متنوعة على غرار الملحفة، اللحاف، الذهبة، الشطاطة، أخلال، أديل، والحولي،.... إلا أنها تسميات متعددة للباس واحد جمع بين العديد من المناطق الجزائرية على غرار الأغواط، الجلفة، تلمسان، غرداية، القبائل الكبرى وغيرها من الولايات، بحيث وحّد ذلك اللباس التراثي العريق بين مناطقنا الشاسعة على الرغم من بعض اللمسات العصرية التي لحقته في هذه الآونة تبعا للموضة ومتطلبات بعض النسوة خاصة وأنه صار هنداما حاضرا بقوة في الأعراس الجزائرية مما ألزم بعض الحرفيات على إضافة بعض الروتوشات الخفيفة التي لا تمس بأصالة اللباس العريق. وعادة ما يرافق لبس الملحفة استعمال بعض الإكسسورات التي تضيف لمسة للباس وهي المشبك المثبت للملحفة على الكتفين كونها تكون في مجملها قطعا منفصلة من القماش توصل فيما بينها كاللحاف الذي استنبط منه اسم الملحفة، إلى جانب الغطاء الرأسي أو (القنور) الذي هو عبارة عن تصميم متكون من مناديل فوق الرأس معبرا عن الأصل النبيل للمرأة، وكلما كان القنور كبيرا كلما كان مكانها في الهرم الاجتماعي مهما. من دون أن ننسى الأساور المتبوعة بالملحفة والتي تكون من الفضة بحيث تتزين المرأة بالأساور إلى غاية المرفق وقد تصل أحيانا إلى 20 قطعة إلى جانب الخلخال، بحيث تزين الأقدام بأساور تحمل اسم الخلخال وهو من العناصر ذات الصلة الشديدة باللبس سواء كان حضريا أو ريفيا وتكون أساور الأقدام متبوعة بالأقراط ذات أحجام كبيرة من أجل ضمان بروزها وتعليقها بالأذنين وعدم إخفائها بالشعر كونها تضفي جمالية على الملحفة. الحزام الصوفي هو الآخر له دور كبير في تثبيت الثوب وسط الجسد ويكون منسوجا من ألوان مختلفة، فالحزام متعدد الألوان هو الحزام الأصيل ولحقته بعض اللمسات الحديثة، بحيث تعددت ألوانه وصارت تتراوح بين اللون الفضي والذهبي وألوان أخرى. رويغي فطيمة عارضة من منطقة المنيعة ورئيسة جمعية مشعل مستقبل المرأة قالت إن الملحفة هي لباس تقليدي موحد للعديد من المناطق الجزائرية وعرف كثيرا في الأوراس والمناطق الصحراوية وغيرها، فكل منطقة لها ملحفة خاصة لا تخرج عن تفصيلها القاعدي المبني على البساطة والسترة فهي في العادة ما تكون ساترة لكل الجسد وواسعة غير فضفاضة تبين شرف المرأة البدوية، لتضيف أن نساء البدو الرحل عادة ما كن يستعملن الملحفة وإلى غاية اليوم ومنها الملحفة الشتوية التي كانت تحتمي بها المرأة من غضب الطبيعة، بحيث كانت تنسج المرأة برنوسا للزوج من الصوف والوبر وتنسج لنفسها ملحفة ثقيلة نوعا ما لمقاومة البرد، وأضافت أن معظم النسوة واصلوا لبس الملحفة في مناطق الجنوب واستعمالها كلباس يومي، وتكون في العادة ملحقة بالخمري الذي تضعه المرأة على رأسها وهو عبارة عن قطعة قماشية تستر كامل الظهر والجهة الخلفية للجسد وينزل إلى منطقة الرجلين، وكذلك الجهة الأمامية تكون طويلة نوعا ما وعادة ما تستعملها المرأة البدوية كالقفة في جلب الخضر أو الفواكه من المزرعة، أما ملحفة العروس فأضافت محدثتنا أنه اللباس الرسمي للعروس المنيعية بحيث تلبسها في الصباح وتكون ملحقة ب(الجبين) وهو غطاء للرأس مرصع بالفضة وكذلك (المشارف) أو الأقراط من دون أن ننسى معاصم اليد وكذا الخلخال واجب الحضور مع الملحفة في المناسبات وكذلك السخاب المعطر التي كانت تستعمله العروس في القديم بالنظر إلى رائحته الزكية. وعن اللمسات العصرية قالت محدثنا إن هناك غلوا في بعض الإضافات التي لا تمت الصلة بالملحفة التراثية الجزائرية الأصيلة، حتى أنها ألحقت بقبعات ذات صبغة أوروبية وأضحت تفصل بقماش فضفاض في حين أن الملحفة هي رمز لشرف وسترة المرأة الجزائرية الحرة في كامل ولايات الوطن ووجب محاربة ذلك الغلو والاحتفاظ بأصالة الملحفة التراثية التي اتخذت شهرتها من بساطة تصاميمها وجماليتها في آن واحد.